تواصلت، الخميس، المفاوضات العسيرة التي تشهدها اجتماعات المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في جنيف، بغية التوصل إلى اتفاقات بشأن قضايا شائكة، على غرار صيد الأسماك وبراءات الاختراع للقاحات كورونا والأمن الغذائي.
وقال وزير التجارة الهندي، بيوش غويال، الذي اتُّهم خلال المؤتمر بأنه يعيق الجهود، إنّ "الهند مقتنعة بأن هذا الاجتماع للوزراء سيكون واحدا من الأنجح لمنظمة التجارة العالمية منذ أمد طويل".
وتابع الوزير الهندي: "لقد اتّخذنا قرارات قوية (...). الجيد في الأمر هو أن أمرا لن يتفق بشأنه ما لم يتم الاتفاق على كل الأمور، وأنا واثق بأن هذه الروحية ستساعدنا على تخطي العائق".
من جهته، أوضح نائب رئيسة المفوضية الأوروبية المسؤول عن التجارة، فالديس دومبروفسكيس، بعد ظهر الخميس، في تغريدة على تويتر، أن "المؤتمر الوزاري الثاني عشر يقترب من اتفاق نهائي".
والأحد، انطلق ممثلو 164 دولة عضوا في منظمة التجارة العالمية اجتماعاتهم في جنيف، حيث خاضوا سباقًا حقيقيًا من المفاوضات خلال الـ24 ساعة الماضية.
وناقش أعضاء منظمة التجارة العالمية خلال الاجتماع، الذي استمر أربعة أيام، قضايا أساسية مثل إعفاءات تريبس (جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة) على لقاحات كورونا والاستجابة للوباء، وإعانات مصايد الأسماك والزراعة والأمن الغذائي، وإصلاح منظمة التجارة العالمية، وأولويات العمل في المستقبل.
وحينها، قال وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو، الذي حضر الاجتماع في جنيف، إن النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على منظمة التجارة العالمية يمثل حجر الزاوية في التجارة الدولية، مؤكدا أن الصين مستعدة للعمل مع جميع الأطراف لتعزيز دور منظمة التجارة العالمية في الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وقال وانغ إن الصين ستواصل الحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف من خلال إجراءات عملية ودعم إصلاح منظمة التجارة العالمية في الاتجاه الصحيح، مؤكدا أن إصلاح منظمة التجارة العالمية يتطلب تقوية أدوارها، وتعزيز العولمة الاقتصادية؛ من أجل أن تعود الفائدة على جميع الأعضاء.
ويشارك عدد قليل فقط من كبار المسؤولين من منظمة التجارة العالمية والدول الرئيسية في اجتماعات ضيّقة للبحث في القضايا الصعبة.
ونشر سفير هندوراس لدى المنظمة داسيو كاستيلو، وهو الذي يقود المفاوضات بشأن استجابة المنظمة لجائحة كوفيد-19، صورة نادرة من المفاوضات يظهر فيها واقفًا ومرتديًا قميصًا أزرق باهتًا، وإلى يمينه السفير الكولومبي سانتياغو ويلز، الذي يقود مفاوضات ملف صيد الأسماك، بحضور رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو-إيويلا.
وكتب في تغريدة أخرى: "نعمل على نتيجة لم تشهد مثلها منظمة التجارة العالمية منذ سنوات".
وبحسب مصادر مقرّبة من المفاوضين، تتم مناقشة حزمة شاملة لجميع القضايا، فيما قال مصدر دبلوماسي في جنيف إن "وجهات النظر تتقارب بصعوبة، لكن لا يوجد بعد أي نص اتفق عليه بشكل نهائي"، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
ومن المفترض أن تُقدّم الحزمة إلى مجموع الدول الأعضاء، لكن لا شيء مضمونا؛ لأن القرارات تُتخذ بالإجماع، ويمكن أن تؤدّي أي معارضة إلى عرقلة الاتفاق.
وأكّدت رئيسة المنظمة أوكونجو-إيويلا أنها ستكون راضية في حال تمّ الاتفاق على ملفّ أو ملفين على الأقلّ.
من جانبهم، أعرب العديد من الدبلوماسيين عن أسفهم في الأيام الأخيرة لإحجام الهند الشديد عن العديد من النصوص، بما في ذلك معارضتها لمشروع اتفاقية تهدف إلى منع الدعم المالي الذي يساهم في زيادة الصيد الجائر والصيد غير القانوني.
وأكّدت عدة مصادر مقرّبة من المفاوضين أن نص الاتفاق بشأن الصيد تمّ تخفيف بعض بنوده.
وقال وزير التجارة النيوزيلندي داميان أوكونور، لوكالة فرانس برس، في وقت سابق الخميس: "نبقى متفائلين بشأن تمكّننا من التوصل إلى نتائج إيجابية فعلًا".
مهمة إقناع الهند
وقال الأستاذ في العلاقات الدولية في جامعة "كينغز كولدج" في لندن هارش ف. بانت، لوكالة فرانس برس، إنه "لطالما كانت الهند شريكًا تجاريًا متردّدًا. والهند معروفة بترددها في توقيع اتفاقيات التجارة الحرة".
وأضاف بانت: "تشعر الهند اليوم بأن لديها مجالًا للمناورة أكبر مما كان عليه في الماضي. إنها (...) تعتقد أنها في وضع جيوسياسي مؤاتٍ يريد الجميع إقناعها به، ويمكن استخدامه كرافعة".
وكانت منظمات غير حكومية قد اتهمت الهند بمنع إبرام اتفاقية مصايد الأسماك خلال الاجتماع الوزاري السابق لمنظمة التجارة العالمية في نهاية العام 2017 في بوينوس آيرس.
والدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية مجتمعة حتى الخميس في جنيف بمناسبة المؤتمر الوزاري الثاني عشر للمنظمة، التي لم تتوصل إلى اتفاقات مهمة منذ المؤتمر الوزاري للعام 2013 في بالي.
ووعدت رئيسة المنظمة منذ آذار/ مارس 2021، نغوزي أوكونجو-إيويلا، بأن تعيد دور المنظمة على الساحة الدولية، خصوصًا في مواجهة جائحة كورونا.
ويهدف نص أول قيد المناقشة إلى تسهيل تجارة السلع الطبية اللازمة لمكافحة الأوبئة، فيما يدعو النص الثاني إلى الرفع الموقت لبراءات الاختراع عن اللقاحات المضادة لكورونا.
والأزمة الغذائية العالمية التي سببها الغزو الروسي لأوكرانيا، التي تُعدّ أحد أهم مصدّري الحبوب في العالم، هي في صلب اهتمامات الوزراء في منظمة التجارة العالمية.
وتهدف مسودة اتفاقية أخرى إلى حظر قيود التصدير على مشتريات برنامج الأغذية العالمي، وهو احدى الوكالات الإنسانية الرئيسية التابعة للأمم المتحدة. لكن الهند تعرقل هذه المفاوضات.
الهند تستأنف مفاوضات توقيع اتفاق للتجارة الحرة مع الاحتلال
"عودة كورونا" تهبط بأسعار النفط.. وارتفاع قياسي للدولار
أسعار النفط ترتفع مع تخفيف الصين قيود كورونا