مقالات مختارة

غداً يوم المواجهة في القدس

1300x600

غداً الأحد هو يوم المواجهة، فقد وافقت حكومة دولة الاحتلال على قيام مسيرة الأعلام التي طلبتها وأصرت عليها وفرضت قيامها في مدينة القدس قوى اليمين الديني والاستيطاني، أو هكذا تم الإخراج، وتم الإعلان.


فحكومة دولة الاحتلال ليست خصماً لقوى الاستيطان ولا هي بعيدة عنها في الأصل والجوهر والأهداف والسياسات، وفي التفاصيل والمواقف أيضاً.


بل يمكن القول بثقة وصدق إن حكومة الاحتلال القائمة هي- كما سابقاتها- حكومة استيطان. يشهد على ذلك ويؤكده القوى المشكلة لها، وبرنامجها وسياساتها المعلنة، وممارساتها في ارض الواقع، بالذات لجهة التوسع الاستيطاني.


ويؤكد ذلك من جهة أخرى، رفضها المبدئي المحسوم والمطلق لفكرة قيام أي كيان سياسي فلسطيني على ارض فلسطين، كما يؤكده ذلك وينسجم معه أو ينتج عنه تجنبها لدرجة الرفض التعاطي مع السلطة والقيادة الفلسطينية القائمة، ورفض التعامل معها بأي شكل ومستوى.


في استعدادها ليوم مسيرة الأعلام، قرر مفوض الشرطة في دولة الاحتلال رفع مستوى التأهب في القدس وفي المدن المختلطة الأخرى (التي يعيش فيها عرب ويهود معاً) كما أمر بإلغاء الإجازات وبالتواجد الكامل لجميع ضباط الشرطة في ما يعتبره نقاط احتكاك.


ووفقاً للمواقع العبرية فقد تقرر نشر 3000 شرطي في القدس ومئات في المدن المختلطة الأخرى.
السبب وراء كل ذلك هو توقع يقترب كثيراً من اليقين وخشية شرطة الاحتلال ومعها الحكومة أن تؤدي مسيرة الأعلام في القدس إلى وقوع مواجهات واسعة، مع احتمال ان تتطور وان تمتد إلى المدن المختلطة.


إن دولة الاحتلال بشكل عام وحكومتها القائمة لا تريد تدهور الوضع الأمني، وتحسب الحساب لإمكانيات تصاعده الى مستويات ومدايات أعلى، وإمكانية توسعه وامتداده الى مناطق تصعب السيطرة عليها.


وهي لذلك لم تسمح لمسيرة الأعلام- كما تعلن وعلى ذمتها- بالمرور عبر باب العامود والحي الإسلامي ولا الدخول لباحات المسجد الأقصى ولا أداء الصلوات التلمودية فيها.


لكن مسيرة الأعلام إذا ما انطلقت فإنها سوف تمتلك آليتها الخاصة، وعلى الأغلب فإنها سوف تتجاوز قيود ومحددات الحكومة، على فرض صدق وجدية الحكومة بداية في التصدي للمسيرة.


إن من سيتصدى بالتأكيد للمسيرة، ولحكومة الاحتلال وحركة الاستيطان من ورائها هم أهل الوطن الفلسطيني وفي مقدمتهم أهل القدس.


وسوف تحمل عملية التصدي هذه خصوصياتها القادمة من خصوصيات مدينة القدس وطبيعة وخصوصية المعركة حولها.


إضافة إلى أن عملية التصدي سوف تكون من نفس نسيج ومسار وطبيعة حالة التصدي الجماهيري الموحدة والمتواصلة منذ بضعة شهور للاحتلال ومشاريعه الاستيطانية، وفي المركز منها تلك المتعلقة بالقدس وبالمسجد الأقصى والأماكن المقدسة الأخرى.


 لقد أكدت جماهير شعبنا قدرتها المبهرة على تجاوز منغصات ومعيقات الانقسام، ولم تسمح لها ان تفرض نفسها او تطل برأسها وان تعيق او تضعف نضالها المشترك في الساحات والحواري والشوارع حول الهدف المحدد والعنوان المشترك:


"القدس كانت وما زالت وستبقى عربية فلسطينية بأرضها وأهلها ومقدساتها".


لكن استمرار الانقسام بحد ذاته يبقى عاملاً يضعف النضال الوطني الفلسطيني بشكل عام ويحد من قدراته على الفعل والتأثير في قضايا النضال الوطني الفلسطيني العامة وبالذات في المجالين العربي والدولي.


وما يلفت النظر ان أي مبادرة جادة ومسؤولة للخروج من حال الانقسام، او على الأقل التقليل من بلاويه وشروره لم تخرج عن أي طرف فلسطيني مستفيدة من حال الوحدة الشعبية والميدانية المتصدية للهجمة الصهيونية الاحتلالية ضد القدس والمقدسات.


إن النضال الوطني الفلسطيني ومعارك التصدي البطولية من أهل الوطن ضد مخططات الصهيونية الاحتلالية وضد الهجمة الحالية بالذات تشكو من ضعف الدعم العربي الرسمي بالمستوى المطلوب.


سواء جاء هذا الدعم بشكله المباشر، او على شكل توفير القدرة والإمكانية الأنسب والأقدر على تشكيل إطار أوسع وظهير أقوى، وأيضاً أقدر على التحرك في المستوى الدولي وفي المحافل والمنظمات القارية والدولية، ضد الهجمة الصهيونية ضد القدس والمقدسات، خصوصاً إذا كانت هذه الحركة موحدة وناطقة باسم الكل العربي.


إن ما يعيق هذا الدور العربي هو بالدرجة الأولى والأساس الحال الذي تعيشه العديد من الأنظمة العربية من أوضاع داخلية غير طبيعية وغير صحية، بغض النظر عن الاختلاف في المسببات والتفاصيل، وعن وجود عوامل خارجية.

 

(الأيام الفلسطينية)