اندلعت
أزمة حادة داخل قيادة الاتحاد الوطني
الكردستاني ثاني أكبر الأحزاب الكردية
في
العراق، الأمر الذي كاد يصل إلى الصدام المسلح بين جناحي القيادة المشتركة للحزب،
بافل طالباني نجل رئيس العراق الراحل جلال طالباني، ولاهور شيخ جنكي، ابن عم الأول.
في شباط/
فبراير 2020، انتُخب بافل طالباني ولاهور شيخ جنكي لرئاسة مشتركة للاتحاد الوطني،
في خطوة تعد الأولى للأحزاب الكردية العراقية، حيث جرى الاتفاق على أن يسيّر نجل مؤسس
الحزب، بافل طالباني الشؤون السياسية، بينما تُترك الملفات الأمنية لابن عمه شيخ
جنكي.
"وساطات
للتهدئة"
مصادر
سياسية قريبة من "الاتحاد الوطني" طلبت عدم كشف هويتها، قالت في حديث لـ"عربي21"
إن "الأزمة بين القيادة المشتركة للاتحاد الوطني بافل طالباني، وابن عمه لاهور
شيخ جنكي تتعلق بتسمية بعض قادة الأجهزة الأمنية والمناصب الحساسة في
السليمانية".
وأوضحت
المصادر أن "بافل هو من قام بتسمية قيادات أمنية جديدة، الأمر الذي أثار حفيظة
لاهور شيخ جنكي، وتطورت الأزمة حتى كادت تصل إلى الصدام المسلح بين الطرفين، لولا تدخل
أطراف سياسية وحتى جهات خارجية".
ولفتت
إلى أن "بافل يسعى إلى السيطرة على قرار الاتحاد الوطني الكردستاني، وذلك بدعم
مباشر من والدته، هيرو إبراهيم أحمد، والتي تعتبر صاحبة التأثير والنفوذ الكبير داخل
الحزب، وبالنتيجة إبعاد ابن عمه لاهور شيخ جنكي عن صناعة القرار داخل الاتحاد الوطني".
وأشارت
المصادر إلى "توسط أطراف عديدة لإنهاء الأزمة منها الرئيس العراقي برهم صالح،
وكذلك جهات سياسية أخرى، فضلا عن الأطراف الخارجية سواء الولايات المتحدة أو إيران".
ومن بين الوساطات تلك التي يجريها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، حيث تربطه علاقة قوية
ببافل طالباني، ولا سيما أنه كان قد ساهم في تسليم كركوك إلى القوات العراقية في
أحداث 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، وذلك بعد الاستفتاء الذي أجرته السلطات في أربيل
للانفصال عن العراق في 25 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
ونوهت
المصادر إلى أنه بعد وساطات كثيرة تحلحلت الأزمة، وجرى تعيين وهاب جلبي مديرا لجهاز
مكافحة الإرهاب بدلا من بولاد شقيق لاهور، وهو المنصب الذي كان يشغله الأخير لسنوات
طويلة.
وحاولت
"عربي21" الحصول على تعليق من أحد أعضاء "الاتحاد الوطني الكردستاني"
لكن جميع من تواصلت معهم اعتذروا عن الإدلاء بأي تصريح على صلة بموضوع الأزمة الداخلية
للحزب.
غير
أن رئيسة كتلة "الاتحاد الوطني الكردستاني" في البرلمان العراقي، آلا طالباني،
اكتفت بكتابة تغريدة على "تويتر"، السبت، قالت فيها: "لقد تعلمنا من
مدرسة جلال طالباني معاني الوحدة، وترسخت في نفوسنا، فتجسدت بالاتحاد الوطني".
وأضافت:
"من يتوهم أن بمقدوره إحداث شرخ في اتحادنا أو تصغير دوره وتأثيره السياسي فهو
لم يتعلم من التاريخ البعيد والقريب شيئا، أما الشائعات فهي سلاح المفلسين التي سيرد
عليها شعبنا في صناديق الاقتراع".
"انقلاب
أبيض"
وفي
المقابل، قال موقع "شفق نيوز" الكردي، الاثنين، إنه بعد توتر شديد شهده الاتحاد
الوطني الكردستاني خلال الأيام الماضية، أقدم بافل طالباني على تعريف نفسه برئيس الاتحاد
الوطني الكردستاني، ملغيا صفة الرئيس المشترك مع لاهور شيخ جنكي طالباني.
جاء
ذلك خلال لقاء طالباني في تلة دباشان -مقر قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني- حيدر العبادي
رئيس الوزراء العراقي السابق، حسبما أفاد به الموقع الكردي.
ونقل
الموقع بيانا عن مكتب طالباني، جاء فيه أن "الرئيس أعلن أنه يريد تنظيم البيت
الكردي، وأن يقود مكانة كردستان نحو الأمن والاستقرار، ولتحقيق هذا الغرض فإنه بحاجة
إلى التعاون مع الأطراف الشيعية والسنية وجميع القوى السياسية الأخرى في البلاد".
من جانبه،
وصف لاهور شيخ جنكي الأزمة بأنها مؤامرة "عثمانية" وقال في أول تعليق له
إن "الاتحاد الوطني لم يعرف الانهيار بكارثة هكاري، ولا بالخنجر السام لألاى شورش،
ولا بخيانة 31 آب، ولا بمؤامرة الاستفتاء، ولا بمؤامرة الأيام الماضية المحلية والإقليمية
والعثمانية"، وفقا للموقع الكردي.
وأضاف: "الاتحاد الوطني الكردستاني أقوى مما كان يعتقده الأعداء، فهو على شعب كردستان
وعائلات الشهداء، ولن يسمحوا للاتحاد الوطني أن يضعف، لذا يجب على الأعداء أن يضعوا
أحلامهم تحت الأرض".
ورجح
الموقع الكردي أن يكون التحرك الأخير الذي أقدم عليه بافل طالباني تمهيدا لفرض سيطرته
على المؤسسات الأمنية داخل جدران مناطق نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأوضح
التقرير أن الخلاف تركز بعد أن قرر بافل طالباني تعيين شخصية مُقربة منه لرئاسة
"جهاز زانياري" الأمني، وقيادة مكافحة الإرهاب، الذي يُعتبر بمثابة المركز
الاستخباراتي والأمني الأكثر قوة، والذي كان تحت قيادة لاهور شيخ جنكي طالباني.
من جهته،
نشر موقع "زيان" الكردي القريب من شيخ جنكي، السبت، تقريرا قال فيه إن
"السليمانية واجهت منذ، الخميس، وضعا غير طبيعي بالإمكان تسميته بـ(الانقلاب الابيض)
وتسليم السليمانية إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي حال نجاحها ستنعكس تأثيراتها
على مستقبل هذه المنطقة وحياة مواطنيها".
"إصلاحات
كونكريتية"
وعلى
الصعيد ذاته، قالت شبكة "رووداو" الكردية، الأحد، إن الخلافات التي طفت إلى
السطح منذ الخميس الماضي، بين بافل ولاهور، سببها إبعاد رئيسي مؤسستي "المعلومات"
و"مكافحة الإرهاب" في السليمانية واستبدالهما بآخرين أقرب إلى بافل.
وذكرت
أن الخلاف وصل ذروته، حينما قامت قوة مقربة من بافل، ليلة الخميس، بتوقيف رئيس مؤسسة
"المعلومات" محمد تحسين طالباني (ابن شقيقة لاهور شيخ جنكي، وشقيق آلا طالباني)
ومستشار رئيس المؤسسة، رنج شيخ علي، لـ24 ساعة، قبل إطلاق سراحهما، نتيجة تدخل مسؤولين
سابقين وحاليين من "الاتحاد"، وحتى توسط الجانبين الأمريكي والإيراني.
وشهدت
السليمانية ليلة الجمعة، تحريك قوات كما تم وضع القوات التابعة للاتحاد الوطني من الجانبين
في حالة تأهب قصوى، قبل أن تنجح مبادرات عاجلة من شخصيات متنفذة في الاتحاد وخارجه
في الحد من التصعيد وتجنب حدوث اشتباك مسلح وشيك بين هرمي الحزب الواحد، وفقا للشبكة.
ونقلت
الشبكة الكردية عن مصدر رسمي في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" قوله إن
"هذه التغييرات (التي أحدثها بافل) تمثل خطوات جدية في سبيل تحقيق الإصلاح".
وذكرت
أنه أجريت عدد من التغييرات خلال الأيام الماضية، وإنه إضافة إلى تغيير رئيسي مؤسسة
"المعلومات" و"مكافحة الإرهاب"، قامت قوة أمنية مع إدارة مطار
السليمانية بإجراء تغييرات في مناصب مسؤولي الأقسام وكوادر المطار.
وأشار
مصدر في الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى أن ما حدث يهدف "للحد من التهريب"،
مبينا أن التغييرات الثلاثة "جاءت من أجل إجراء إصلاحات جدية تصب في مصلحة السليمانية
وأهلها".
وبحسب
المعلومات التي أوردتها "رووداو" فإن بافل طالباني كان يؤيد "إجراء
تغييرات من شأنها منع احتكار المناصب وصولا إلى إصلاحات كونكريتية". وأبلغ بافل
الوسطاء بأن "تنفيذ القانون ومنع التهريب، أحدثا فتورا في العلاقات بين رئيسي
الحزب المشتركين".
وبينت
الشبكة أن "تغييرات بافل تمت بدعوة من شقيقه قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة إقليم
كردستان، الذي طلب من رئيس الإقليم، نيجيرفان البارزاني، إصدار أمر إقليمي لتعيين مسؤولَي
مكافحة الإرهاب ومؤسسة المعلومات في السليمانية".