قال معهد واشنطن، إن العلاقات الأمريكية
السعودية تتعزز، بخلاف ما يعتقده الكثيرون من أنها ستكون أول المتضررين من
السياسات التي سيتخذها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأوضح المعهد، في تقرير له، أن انفجارات الرياض
وحالة عدم اليقين بشأن الاتفاق النووي، وتقرير المخابرات الأمريكية بشأن مقتل
خاشقجي، يمكن أن تكون عوامل تغير حسابات الإدارة الجديدة.
ولفت إلى أن العلاقات حاليا تتعزز، ففي الخامس
والعشرين من كانون الثاني/ يناير، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن
"القوات الأمريكية توسع انتشارها في السعودية". وفي الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير،
أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بأن "إسرائيل تسمح للولايات
المتحدة بنشر نظام "القبة الحديدية" للدفاع الصاروخي في الخليج".
ولم يتم الكشف عن الدول الذي ستُنشر فيها الصواريخ، لكن من الواضح أن السعودية
ستكون إحدى هذه الوجهات.
ورأى المعهد أن وضع العلاقات الحقيقي بين
واشنطن والرياض يمكن أن يتضح بعد الكشف عن التقييم الذي أجرته وكالة المخابرات
المركزية بشأن عملية اغتيال خاشقجي، والذي وعدت أفريل هاينز، التي عينت مديرة
للاستخبارات الوطنية، برفع السرية عن التقرير، خلال جلسة أمام لجنة العلاقات
الخارجية في مجلس الشيوخ.
وأشار إلى أن هذا التطور هو بمثابة "سيف
دموقليس" (مثل سيف مسلط على رقبة ثري) يتدلى فوق رأس ولي العهد الأمير محمد
بن سلمان، الزعيم الفعلي للسعودية. وفي "التقرير المؤقت" حول حقوق
الإنسان نُشر في 26 كانون الثاني/ يناير، فحتى المعهد البحثي "مؤسسة الدفاع عن
الديمقراطيات" وصف
محمد بن سلمان بأنه "الجاني الأساسي" في مقتل
خاشقجي.
وتشمل البنود الأخرى على أي أجندة ليبرالية
تقريبا والمعادية للسعودية استمرار احتجاز الناشطات، ومن بينهن لجين الهذلول،
التي قد يتم الإفراج عنها في نهاية الشهر المقبل. إلّا أن لجين ستظل ممنوعة من
مغادرة المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، وهذا تقييد ستعترض عليه بشدة هي
وغيرها. ويبدو أن الأمير محمد بن سلمان يدير الأذن الصماء للاضطراب الذي تثيره مثل
هذه الخطوات.
ويقول دبلوماسيوه إن حقوق الإنسان هي قضية
محلية ولا تهم الأجانب. إلا أنه أعلن في نهاية الأسبوع المنصرم عن خطط لمضاعفة قيمة
صندوق الثروة السيادية للمملكة إلى أكثر من تريليون دولار. لكنه إذا أراد جذب
المستثمرين الأجانب، فقد يحتاج إلى تغيير طريقة تفكيره.
وفي غضون ذلك، يواجه محمد بن سلمان مشكلة أخرى؛ فهناك جهة تستهدف عاصمته الرياض بصواريخ أو بطائرات مسيرة؛ ففي 23 كانون
الثاني/ يناير ومرة أخرى في 26 كانون الثاني/ يناير، سمع السكان دوي انفجارات، ورأوا
دخانا عاليا في السماء. والتزمت وسائل الإعلام السعودية الصمت، لكن السفارة
الأمريكية أصدرت تنبيها أمنيا قدّم بعض التأكيد على وقوع شيء ما سيئ.
وفي 27 كانون الثاني/ يناير، ذكرت صحيفة
"وول ستريت جورنال" أن مُجمّعا ملكيا مهما تعرض لأضرار طفيفة. وربما
جاء الهجوم الأول من العراق، حيث إن وضعه الأمني ضعيف، ويمكن للجماعات الموالية
لإيران العمل فيه بحرية. وقد يكون مصدر الهجوم الثاني هو اليمن، حيث تدعم إيران
حكومة المتمردين الحوثيين، على الأقل من الناحية العسكرية.
وقال المعهد إن عدم وقوع أضرار واضحة لا يبعث الكثير
من الارتياح للسعودية أو لحلفائها العرب في الخليج، الذين هم أكثر عرضة للهجمات
المباشرة من إيران أو بتحريض منها. وقد بدأت هذه الحسابات الجديدة تأخذ مجراها منذ
الهجوم بطائرات من دون طيار وبصواريخ جوالة على مصنع بُقيق المهم لمعالجة النفط في
السعودية ومنشأة أخرى في أيلول/ سبتمبر 2019. وإذا أرادت إيران شن هجوم، فبإمكانها
القيام بذلك. ومن المحتمل أن تكون حوادث المضايقات الصغيرة متعمدة، وليست إشارة
إلى فشل المعدات.
وشدد على أن العنصر السياسي، الذي يفتقر إلى
الوضوح في الوقت الحالي، هو المدى الذي تريد إدارة بايدن الذهاب إليه للتوصل إلى حل
وسط مع طهران بشأن القيود المفروضة على برنامجها النووي. فمع المصادقة على تعيين
توني بلينكن وزيرا للخارجية الأمريكية، فقد تتغير الأمور، على الرغم من أن
الكثيرين يتوقعون أن الدبلوماسية ستكون بطيئة، وكما هو الحال في الاتفاق النووي
الأصلي من عام 2015، فقد يكون لها تأثير محدود على أنشطة إيران في المنطقة.
وذكر تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"
أن القوات الأمريكية ستعمل انطلاقا من قواعد جوية في الطائف وتبوك غربي المملكة،
وكذلك من قاعدة "الأمير سلطان" الحالية جنوب الرياض، وسيُستخدم ميناء
ينبع المطل على البحر الأحمر لسفن النقل، بتجنبها مضيق هرمز. وتذكرنا الكثير من هذه
الأمور ببصمة القدم العسكرية التي كانت للولايات المتحدة في أواخر التسعينيات، عندما كان من الضروري ردع صدام حسين في العراق. ولم يتم الكشف بعد عما إذا كانت
إدارة بايدن تعلم أنها ورثت هذه الاستراتيجية أم لا.