قبل أيام، حصدت الحقوقية العراقية،
فاطمة البهادلي، الجائزة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المقدمة من
مؤسسة "فرونت لاين ديفندرز" (Front
Line Defenders).
وبمناسبة اليوم الدولي
للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وتحديدا في 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، احتفلت مؤسسة
"فرونت لاين ديفندرز" بنخبة من المدافعين عن حقوق الإنسان في حفلها
السنوي الذي يُقام في العاصمة الإيرلندية دبلن. وتم تنظيم الحفل هذا العام افتراضيا
عبر الإنترنت، نظرا لتفشي جائحة COVID-19.
وأُنشئت جائزة "فرونت
لاين ديفندرز" السنوية للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر
في عام 2005، لتكريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقدمون مساهمات بارزة في
الدفاع عن حقوق الإنسان للآخرين والنهوض بها، وغالبا ما يتعرضون لخطر شخصي كبير.
وجاء فوز فاطمة إثر
تأسيسها لجمعية الفردوس التي يتركز عملها على حماية النساء والفتيات المتضررات من
الحرب وتعزيز دورهن في بناء السلام. وتوفر "الفردوس" حلقات عمل لمحو
الأمية والتعليم والمهارات، وتعمل على إنهاء العنف ضد المرأة في المناطق الأكثر
تهميشا للمرأة، بما في ذلك المناطق الريفية.
وتعمل فاطمة، التي تُقيم
بمدينة البصرة في جنوب العراق، مع الشباب لمكافحة "عسكرة المجتمع"، حيث
تحارب تجنيد الأطفال والشباب في الجماعات المسلحة وتعمل على إعادة إدماجهم في
المجتمع، وتدعو إلى الاعتراف بالدور المهم الذي تلعبه المرأة في المجتمع.
وتؤكد فاطمة أنها تعرضت
للتهديد بالقتل وتواجه ضغوطا اجتماعية شديدة بسبب عملها.
وفي مقابلة خاصة مع
"عربي21"، قالت فاطمة إن الجائزة المرموقة التي حصلت عليها تُمثل "حافزا
ودافعا لنا كي نستمر في مواصلة عملنا كمدافعين عن حقوق الإنسان بالرغم من صعوبة
الظروف والمخاطر".
ورغم أن رئيسة جمعية
الفردوس العراقية رأت أن "المدافعين عن حقوق الإنسان في كل بلدان العالم معرضون للمخاطر"،
إلا أنها أكدت أن أوضاع الحقوقيين العراقيين ربما تكون أقسى وأصعب بسبب الأوضاع الأمنية
والسياسية غير المستقرة.
وتاليا نص المقابلة:
ما الذي تمثله لكم الجائزة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المقدمة من مؤسسة "فرونت لاين ديفندرز"؟
الجائزة
هي حافز ودافع لنا كي نستمر في مواصلة عملنا كمدافعين عن حقوق الإنسان بالرغم من
صعوبة الظروف والمخاطر، إلا أن المسؤولية التي على عاتقنا كبيرة وتتطلب منا الكثير
من العمل كمدافعين عن حقوق الإنسان اخترنا بكامل إرادتنا هذا الطريق، لأننا مؤمنون
بأن العدالة لن تسود إلا إذا كان هناك مَن يطالب بها، لأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى.
ووجود جهات تهتم لما نقوم به وتكريمهم لنا يشجعنا أن لا نتوقف عن المضي قدما في هذه
المسيرة.
لو تحدثينا باقتضاب عن الدور الذي تقوم به "جمعية الفردوس"؟
جمعية
الفردوس العراقية تعمل من أجل حياة أفضل، وهذا شعار جمعيتنا وتعمل وفق محاور عديدة
من أهمها المرأة والشباب، حيث نعمل على نشر السلام بين المجتمع وفق برامج متنوعة،
ومن أسس السلام هو رصد الانتهاكات، والعمل على الدعم لإنفاذ القانون، والتزام
العراق كدولة طرف بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها.
لماذا تلقيتم سابقا تهديدات بالقتل وواجهتم ضغوطا اجتماعية واسعة؟
التهديدات
بالقتل ليست جديدة، ولسنا الوحيدين في هذا البلد مَن تعرض للتهديد؛ فالحياة في
تهديد مستمر ما دمنا نؤمن بأن الدفاع عن حقوق الإنسان قضيتنا التي نعمل عليها، وهذا
يتضارب ربما مع الكثير من الاتجاهات محليا ودوليا. نحن لا نحدد أو نتهم جهة معينة؛
إذ لا نعرف أي الجهات التي تقف خلف تلك التهديدات، إلا أن التطرف والإرهاب لا يُختزل
بجهة معينة فإن أي عملية ترهيب تُمارس تجاه أي شخص تندرج ضمن الإرهاب.
كيف ترين أوضاع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بالعراق بشكل عام؟
المدافعون
عن حقوق الإنسان في كل بلدان العالم معرضون للمخاطر كون ما يقومون به ليس بالأمر
البسيط. أما في العراق فربما الأوضاع تكون أقسى وأصعب بسبب الأوضاع الأمنية
والسياسية غير المستقرة.
كيف تأثر عملكم بتداعيات جائحة كورونا؟
خلال
فترة كورونا لم يتوقف عملنا بشكل تام، بل إننا على العكس عملنا بشكل كبير على التوعية
وتقديم المساعدات ورصد الانتهاكات الحاصلة، وبالأخص العنف الأسري بسبب الحجر الصحي،
وصعوبة الأوضاع، وعملنا كذلك مع جهات رسمية مثل مديرية شرطة البصرة، والمنشآت، ومكتب
محافظ البصرة، وشخصيات دينية وعشائرية.
كيف تنظرين إلى دور وفاعلية المرأة في المجتمع العراقي؟
فاعلية
المرأة قياسا والتحديات التي تواجهها تعتبر فاعلية كبيرة، حيث إن المرأة ما
زالت تعمل وتمارس حياتها المنزلية والعامة رغم الظروف العامة وعدم الاستقرار وطبيعة
المجتمع.
رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، وصف النظام الطائفي في العراق بـ"الأكذوبة الكبيرة"، ووعد بمحاربة الطائفية والتخلص منها تماما خلال فترة حكمه.. كيف استقبلتم هذه التصريحات؟
المشكلة
ليست بشخص رئيس الوزراء أو أي مسؤول، إنما المشكلة أساسا كبيرة ولها جذور. والتطرف
والتخندق موجود في كل مكان ومتى ما وجد متنفسا فإنه ينتشر فيه، لذلك فإننا نتأمل خيرا من
أي مسؤول يسعى إلى ذلك وندعمه سواء أكان الكاظمي أو غيره.
هل هناك جهات بعينها تعمل على تعزيز وترسيخ الطائفية في العراق؟
من
الصعوبة الإجابة على سؤال كهذا خصوصا ونحن لا نمتلك قانونا مختصا بتجريم الطائفية،
لنمنع أو نُسائل مَن يحرض على الطائفية أو غيرها من الأمور، وبالتالي فإن تصنيف
التصرفات التي تحث على الطائفية أمر صعب.. ربما منشور عفوي أو مزحة عبر مواقع
التواصل الاجتماعي تعزز الطائفية، وبالتالي فإن تصرفا غير مقصود يمكن أن ينتج أثرا سلبيا
كبيرا، ومع ذلك فإننا لا ننكر وجود العديد من الجهات التي تعزز ذلك.
وتعزيز
السلام أمر فطري قبل أن يكون عمليا، وإلا لما تجاوزنا الأزمات السابقة لو لم تتدخل
فيها الفطرة الإنسانية السليمة، إضافة إلى دعم رجال الدين والمرجعيات من الخط
المعتدل من جميع الأديان والطوائف، وهذا ما ساهم في إنهاء الطائفية بحجمها الكبير،
ونحتاج إلى توعية مستمرة للأجيال مع تطبيق حقيقي للقانون من أجل الحد من النفس
الطائفي.
وزير الخارجيّة العراقي، فؤاد حسين، قال إن العراق يسعى لفرض هيبة الدولة وألا يكون ساحة للصراعات.. فما فرص حدوث ذلك بالعراق؟
السياسيون
أدرى بذلك منا وفق المفاهيم السياسية، وما يقصده بفرض هيبة الدولة، إلا أننا نرى أن
تعزيز القانون وإنفاذه بشكل عادل وصارم مع بناء علاقات طيبة مع دول العالم فسيسهم
كل ذلك في بناء دولة قوية لها هيبة وإرادة حرة.
كيف تابعتم الاحتجاجات التي شهدتها مدينة السليمانية في إقليم كردستان وما صاحبها من أعمال قتل وعنف؟
سياسيا،
لا نعرف ما هي الأبعاد التي في السليمانية أو أربيل أو دهوك، خصوصا أنهم يتمتعون
بحكم ذاتي ولهم قوانينهم الخاصة، ولكن الأزمة المالية التي يمر بها العراق ألقت بظلالها
على الجميع. وربما لا نعرف الخلافات السياسية للمركز مع كردستان، وربما لا ندرك ما
يحدث خلف الأروقة وكيف تسير الأمور، إلا أننا كمدافعين عن حقوق الإنسان نرفض أي
تعد على حقوق أي إنسان داخل العراق أو خارجه؛ فالتظاهر السلمي حق مكفول في
الدستور والاتفاقيات والأعراف الدولية.
ما تقييمكم لموقف الحكومة العراقية من قضايا حقوق الإنسان؟
الحكومة
لم تصل بعد إلى مستوى يرتقي إلى صورة فعلية لتطبيق حقوق الإنسان، وهنا لا يتصور
القارئ أننا نرى موضوع التعبير والتظاهر وحريتهما فقط، وإنما نتحدث عن حقوق أي مواطن
عراقي في العيش الكريم والدخل والتعليم والصحة والتنقل والتمتع بكرامة إنسانية
كاملة.
أخيرا.. ما هي الرسالة التي تودين أن توجيهها؟ ولمَن؟
إلى
كل إنسان سواء مسؤول أو مواطن، أقول إن حقوق الإنسان هي جزء من كرامتك واحترامك
لكرامة الآخرين، والعمل على الحفاظ على حقوق الإنسان مسؤولية كبيرة على عاتقك سواء
كنت في أي منصب أو كنت مواطنا بسيطا.
شقيقة معتقل سعودي تخاطب قمة العشرين عبر "عربي21"
حقوقية تونسية: قانون حماية قوات الأمن سيؤدي لعودة القمع
تهجير تحت النار.. "عربي21" ترصد شهادات للمهجرين من مخيم جباليا وبيت لاهيا
مستشار سابق بالأمم المتحدة لـ"عربي21": إعمار قطاع غزة قضية سياسية بامتياز
القره داغي يكشف لـ"عربي21" تفاصيل مبادرة جديدة لمواجهة العدوان الإسرائيلي