تحولت الصين رسميا إلى خصم الولايات المتحدة
الأول عام 2012، بإعلان الرئيس السابق باراك أوباما عن استراتيجية "الاستدارة نحو شرق
آسيا"، لكن تقريرا نشره موقع "الإنترسبت" مؤخرا أشار إلى سلك
العملاق الآسيوي طريق مزاحمة الهيمنة الأمريكية قبل ذلك بسنوات.
كما أن العملاق
الآسيوي كان بالفعل في دائرة الاستهداف الأمريكي منذ التسعينيات، بحسب الخبير في
العلاقات بين البلدين "روبرت أس. روس"، الذي انتقد في تقرير مطول نشرته
مجلة "فورين أفيرز" استراتيجية أوباما الجديدة- آنذاك-، إثر الإعلان
عنها عام 2012.
وأشار "روس"
في هذا السياق إلى العديد من معالم ذلك "الاستهداف" في سياسات إدارتي كل
من بيل كلينتون وجورج بوش، إذ لم تغب حسابات احتواء "الخصم القادم" في العديد
من الخطوات الأمريكية، بما فيها غزو أفغانستان.
ويطرح ذلك المشهد
تساؤلات عن سبب تأخر واشنطن في التحرك عمليا وبشكل مباشر ضد بكين طوال ثلاثة عقود على الأقل-
رغم الانتقادات المستمرة لسجلها الحقوقي ولنظامها السياسي وممارساتها المالية
والاقتصادية- كما فعلت ضد أطراف أخرى، مثل العراق إبان حكم صدام حسين، وفنزويلا
وكوبا وإيران، بل وروسيا التي تتعرض من وقت لآخر لجرعات عقوبات أمريكية جديدة.
وخلال تلك السنوات، واصلت
الصين تعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية وعلاقاتها الدولية حتى باتت محاولة
إزاحتها تضع العالم على شفير حرب مدمرة.
ويشير تقرير "الإنترسبت" إلى أن "الإعلان الرسمي" عن المواجهة الأمريكية للصين أعقبه "تصعيد معتدل" تمثل بمناوشات إقليمية وتجارية، دون الاقتراب مما قد يهدد بمواجهة عسكرية أو إجرءات عقابية على نطاق واسع.
اقرأ أيضا: هذه المشكلة تعرقل سعي الصين للتفوق في ظل أزمات أمريكا
ويوضح التقرير أن
السبب الرئيسي وراء ذلك هو وجود خلاف عميق بين صناع القرار والمؤثرين على السياسات
في الغرب عموما والولايات المتحدة بشكل خاص.
ويضيف أن "العديد
من مراكز القوة في الولايات المتحدة والغرب عموما- خاصة الأوليغارشيون وعمالقة وول
ستريت الشركات المتعددة الجنسيات- ليست معادية كثيرا لبكين، بل على العكس تماما، فهي
مغرمة بالصين وتعتمد عليها".
ويلفت في هذا السياق
إلى مواقف طيف واسع من مراكز القوة والتأثير، من بيل غيتس إلى مايكل بلومبرغ وشركة
الاستشارات العملاقة "ماكينزي"، وليس انتهاء بالرئيس دونالد ترامب نفسه،
دافعوا جمعيهم عن المسؤولين الصينيين وحثوا على علاقات أفضل معهم، بحسب
"الإنترسبت".
ويذكر الموقع بأن ترامب،
منذ توليه منصبه مطلع عام 2017، امتدح كثيرا الحكومة الصينية وزعيمها "شي جين
بينغ"، وانحاز إلى الأخير بشأن الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في هونغ
كونغ، بل إنه امتدح تعامل بكين مع فيروس كورونا المستجد في بدايات تفشيه.
لكن الجائحة الفيروسية
زادت من حدة التوترات بين البلدين بشكل خطير، نظرا للخطاب العدائي المتزايد من
قطاعات مختلفة في الغرب، ولا سيما من قبل اليمين الذي ينتمي له ترامب سياسيا.
وبالفعل، أطلق ترامب حملة تصعيد غير مسبوقة ضد الصين مع تحول الولايات المتحدة إلى بؤرة الجائحة، وتسجيلها أكبر عدد من الإصابات والوفيات عالميا، وتضرر اقتصادها، وتعرض حظوظه بالفوز بفترة رئاسية ثانية في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل للتهديد.
اقرأ أيضا: الصين تفوقت على أمريكا بالفعل بهذه المجالات.. تعرف إليها
ودفع ذلك العديد من
التقارير إلى الربط بين التصعيد الأمريكي الصيني وأزمة ترامب السياسية الداخلية،
لكن تقارير أخرى رأت في نجاح العملاق الآسيوي باحتواء الجائحة على أراضيه مؤشرا
جديدا على تسارع تقدمه نحو الإطاحة بالولايات المتحدة من التفوق العالمي.
وترى "الإنترسبت"
أن تلك التطورات عكست بشكل فاقع واقع الانقسام الأمريكي المستمر منذ عقود بشأن
الصين، إذ تتحدث العناصر السياسية المتشددة المؤيدة للحرب من كلا الحزبين (الديمقراطي
والجمهوري) عن ضرورة مواجهة بكين كخصم أو معاقبتها، فيما ترتبط مصالح عمالقة المال
والأعمال بشكل وثيق بالصين، حيث تستغل أسواقها وضعف منظومة حقوق العمل لديها
لتعظيم هوامش ربحها، ويتم بالمقابل حرمان أعداد متزايدة من الأمريكيين
والأوروبيين من فرص العمل.
وحتى تحول تنامي الصين إلى تهديد حقيقي لمراكز المال في الغرب، فإن ذلك "الخلاف" يبدو أنه سيستمر، كما ستتواصل المناوشات "الهادئة" بين ضفتي الهادئ، ما لم تنزلق إحداها إلى مواجهة أكبر نطاقا، وهي قراءة تناقض التحليلات المتزايدة مؤخرا، والتي تستشرف قرب المواجهة.
ورصدت "عربي21" في تقرير سابق حجم اعتماد الصين، في المقابل، على الأسواق الغربية ورأس المال الغربي، ما يجعل اقتصادها مرهونا لاستقرار الطرف الآخر من الكرة الأرضية مهما بلغ التوتر بين الجانبين، وهي معادلة تسعى بكين لتعديلها عبر محاولة تعزيز الاستهلاك المحلي وفتح أسواق جديدة.
هذا القرار سيحدد مصير حملة بايدن الرئاسية أمام ترامب
هذه آثار سعي ماكرون لدور أكبر على الساحة الدولية
NYT: إدارة ترامب كذبت على الأمريكيين بشأن انتشار كورونا