يشهد إقليم
كردستان العراق توترات عسكرية بين
الحزبين الكرديين الرئيسيين، "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني"،
قد ينذر بتطورات خطيرة في منطقة زيني ورتي القريبة من جبال قنديل، معقل حزب العمال الكردستاني، على الحدود التركية الإيرانية.
التوترات الأخيرة حصلت بعد تمركز قوة من البيشمركة،
بتوجيه من حكومة الإقليم، في المنطقة الحساسة التي تقع تحت سيطرة "الاتحاد الوطني"
منذ نهاية التسعينات، بموجب اتفاق مع "الحزب الديمقراطي"، لكن الأخير قال
إنها إجراءات لمنع تفشي وباء كورونا، والسيطرة على حدود الإقليم مع إيران.
"حوارات مكثفة"
وتعليقا على الموضوع، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد الشنكالي
لـ"عربي21" إن "توترات كلامية حصلت بين الحزبين بالفعل، لكن جرت اتصالات
وحوارات مكثفة لإنهائها".
وأشار الشنكالي إلى أن "رئيس الإقليم، نيجيرفان البارزاني، أكد
في كلمته أن القوات هذه هدفها حماية الإقليم؛ لأن حزب العمال الكردستاني يسبب الكثير
من المشاكل لأهالي المنطقة، وما يلحق بها من قصف تركي بسبب تواجد هؤلاء"، لافتا
إلى أن "حزب العمال إذا أراد أن يحصل على حقوقه، فذلك ليس عن طريق الأراضي العراقية،
وتحديدا إقليم كردستان".
وأكد النائب السابق في البرلمان العراقي وجود
"تواصل بين الحزبين لإجراء اجتماعات على مستوى القيادات للوصول إلى حل، وأن ذهاب
وفد ضم قيادات من الحزبين إلى بغداد دليل على وجود تواصل كبير بينهما، والتقليل من
شأن هذه التوترات في المرحلة الحالية".
ونوه إلى أن "الواقع الكردي لا يسمح بوجود
توترات بين الحزبين الكرديين على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، فكلا الطرفين
يعلم أن الشعب الكردي يبحث عن خدمات ولا يريد خلافات، ولذلك سيبحثان عن الحلول مهما
كانت الأمور، وهي في طريها إلى الحل الكامل؛ لأن الحوارات والاجتماعات مستمرة بين الطرفين".
"الصدام مستبعد"
من جهتها، قالت النائبة عن "الاتحاد الوطني"
ألماس فاضل لـ"عربي21"، إن "الموضوع لم يعد خلافا حزبيا، وإنما يتعلق
بالسيادة العراقية، وبشكل عام نحن نرفض انتهاكها من أي جهة متواجدة على الأرض العراقية
ضد دول الجوار، لأننا نبني علاقاتنا على أساس الاحترام المتبادل".
وأكدت ألماس فاضل أن وجود التشنجات في أي منطقة
من مناطق العراق، سواء في سنجار أو مخمور أو زيني ورتي، "يتسبب بانتهاك السيادة
العراقية، ولا بد أن تكون علاقات مبنية على أساس القوانين الدولية، لأن ضررها يؤدي
إلى إلحاق الأذى بالشعب العراقي".
واستبعدت النائبة أن تصل التوترات إلى "الصدام
بين الحزبين الكرديين، لأن أمن الإقليم والعراق بشكل عام يهم الجميع، وحتى لو حصل سوء
فهم إزاء بعض التوترات، فإن لغة الحوار يجب أن تكون هي الغالبة؛ لأن العراق لا يحتمل
أكثر مما فيه اليوم. نأمل أن يكون ما حدث مجرد سوء فهم بين الأطراف".
ورأت أن "التحركات العسكرية لا بد أنها ستسبب
مشاكل لأهالي المنطقة ذاتها، لكن الاتحاد الوطني مُصر على أن تبقى المنطقة آمنة لأهلها،
والتعامل يجب أن يتم بناء على حسن الجوار مع الجميع، وعدم حصول أي انتهاك من طرف ضد
طرف آخر".
وشددت النائبة على ضرورة أن "تتحرك الجهة
الدفاعية لإقليم كردستان، وفق أوامر وزير البيشمركة، وألّا تحركها أي جهات حزبية بحتة،
وأن تكون منظومة دفاعية للجميع، ويجب أن تحل قضايا الكرد داخليا؛ حتى لا تتطاير شظاياها
إلى دول الجوار".
"منطقة حساسة"
وفي السياق ذاته، نفى المتحدث باسم وزارة البيشمركة
جبار ياور لـ"عربي21" وجود تحشيد عسكري، متهما جهات حزبية ووسائل إعلام بتضخيم
الموضوع. وقال: "كل ما في الأمر أن هناك قوة عسكرية وضعت ثكنة عسكرية في منطقة محددة،
ولم يكل هناك تفاهم مشترك مسبق بخصوصه، وأن بعض التصريحات السياسية أدت إلى حدوث توترات
سياسية وإعلامية حوله".
ولفت ياور إلى أن "أكثر ما أثار ضجة في الموضوع هو وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني في بعض الأماكن من هذه المنطقة، بأن
الأمر يتعلق بمضايقتهم فيها؛ لأنها تتعرض باستمرار لقصف جوي تركي".
وبيّن المتحدث الرسمي أن "تواجد البيشمركة
في تلك المنطقة كان بطلب من لجنة عليا بإقليم كردستان؛ بسبب الانتهاك لحظر التجوال المفروض
بسبب فيروس كورونا في تلك المنطقة، لا سيما من الحدود الإيرانية".
وكشف ياور عن توصل الأطراف الكردية إلى اتفاق
يقضي بوضع نقطة أمنية تابعة لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) والشرطة المحلية في هذه المنطقة
لحل المشكلة، وحتى لا يكون هناك نوع من الفهم الخطأ لهذه المسألة.
وبخصوص الحديث عن وجود تفاهم تركي مع حكومة الإقليم
يقضي بإرسال قوات من البيشمركة قرب جبال قنديل معقل حزب العمال الكردستاني، قال ياور:
"لم يكن لأي طرف خارجي علاقة بالتحرك العسكري".
وأردف: "المنطقة حساسة؛ لأنها كانت
تشهد سابقا اقتتالا داخليا بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، والأهالي فيها
لا يحبذون وجود قوات عسكرية تعيدهم إلى الماضي. كما أن المنطقة فيها مقرات لحزب العمال
الكردستاني، وهذا الوضع هو الذي خلق توترا سياسيا وعسكريا في البداية".
وكان رئيس إقليم كردستان، مسرور البارزاني، قال في تصريحات سابقة إن هدف انتشار القوة العسكرية هو "السيطرة على حدود المنطقة
بسبب كورونا، ومحاولة البعض تهريب أشخاص في تلك الحدود بخلاف الإجراءات الصحية".
لكن رئيس الإقليم، نيجيرفان البارزاني، ألمح في
تصريحات صحفية إلى وجود دور آخر يتعلق بمواجهة نفوذ "حزب العمال الكردستاني"،
إذ قال إن كردستان العراق "يجب ألا تكون منطلقا لمنظمة حزب العمال الكردستاني لمهاجمة تركيا أو أي دولة جارة".