سياسة دولية

ما هو حصاد عام أفريقي كامل ترأسته مصر للاتحاد القاري؟

الأشعل: "مصر لم تكسب خلال ذلك العام أفريقيا ولم تخسر في الوقت نفسه" - جيتي
تنهي مصر دورة رئاستها للاتحاد الأفريقي بعد عام كامل الأحد؛ حيث تتسلم دولة إثيوبيا رئاسة الاتحاد، خلال القمة الـ33 التي تنطلق فعالياتها يومي 9 و10 شباط/ فبراير الجاري، ما يدعو للتساؤل حول مكاسب مصر وخسائرها من تلك الدورة.

وبعد سبعة أعوام من تعليق الاتحاد الأفريقي لعضوية القاهرة إثر الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2013،  يسلم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي رئاسة المنظمة القارية لإثيوبيا، فيما تعد هذه الرئاسة الرابعة لمصر إحدى الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1963.

وزير الخارجية المصري سامح شكري، من الاجتماع التحضيري بأديس أبابا الخميس، قال إن "العام الماضي شهد تحقيق العديد من الإنجازات الفارقة على مستوي القارة الأفريقية، وترواحت هذه الانجازات ما بين سياسية واقتصادية وغيرها من المجالات".

وأصدر المركز الإعلامي لرئاسة الجمهورية، فيلما تسجيليا بعنوان "أفريقيا في قلب مصر".


ويرى خبراء تحدثوا لـ"عربي21"، أن انتهاء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي يبعدها عن محافل دولية عديدة شاركت فيها كرئيس للاتحاد، وأنه رغم دورها الأفريقي خلال العام، إلا أنها لم تحقق مكاسب حقيقية بالملفات الشائكة مع دول القارة مثل ملف المياه.

ويأتي انتهاء رئاسة مصر للاتحاد القاري بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو من قلب أفريقيا ومن منابع حوض النيل في أوغندا، أن "إسرائيل تعود إلى أفريقيا بشكل كبير، والقارة عادت إلى أحضان إسرائيل".

عقبة مصر نحو أفريقيا


وبشأن حصاد عام كامل ترأسته مصر للاتحاد الأفريقي، ومدى استفادة مصر واستعادة دورها القاري، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبدالله الأشعل، أن "مصر لم تكسب خلال ذلك العام أفريقيا ولم تخسر في الوقت نفسه ".

السياسي المصري والمرشح الرئاسي السابق، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه "ربما كانت هناك صفقة خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وكانت ضحيتها مياه النيل".

وأشار إلى أنه عندما يقول نتنياهو إنه "عاد لأفريقيا وعادت أفريقيا لإسرائيل"، وذلك في ظل رئاسة مصر للاتحاد، فإن حديثه يعني أن "السيسي خدم إسرائيل وأضر بفرص مصر في استعادة حصتها من مياه النيل".

واعتبر الأشعل أن ترأس إثيوبيا للاتحاد الأفريقي بعد مصر، يمثل لها دفعة قوية بملف المفاوضات حول سد النهضة ومياه النيل، مؤكدا أن "إثيوبيا أصبح لديها كل أوراق اللعبة".

ولفت إلى أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي طوال عام كامل كانت سببا في ظهور السيسي في محافل دولية كبيرة كونه ممثلا للقارة، مؤكدا أن مغادرة مصر رئاسة الاتحاد تقلل بلا شك من ظهوره دوليا، مضيفا أنه "يعد نجاحا للسيسي على حساب مصر".

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن النظام الحالي يعد أكبر عقبة أمام استعادة مصر مكانتها بالقارة الأفريقية، معلنا تخوفه من تعاظم الدور الإسرائيلي والمتوغل بالقارة، حتى وصل حدود مصر الجنوبية في السودان، وتأثير ذلك على أمنها القومي وفي القارة.

اختراق إسرائيل.. ومعادلة إثيوبيا


وحول دلالات التوغل الإسرائيلي في القارة السمراء وخلال فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، أكد الخبير بالشؤون الأفريقية، الدكتور مصطفى الجمال، أن "إسرائيل تخترق القارة منذ معاهدة السلام مع مصر"، مشيرا إلى أنها "تخترق القارة عبر التكنولوجيا والخدمات التعليمية والطبية والاستثمارات".

عضو مجلس إدارة مركز البحوث العربي والأفريقي، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "إسرائيل بالطبع حققت نجاحات مهولة بأفريقيا في عهد حسني مبارك، ثم في فترة انكباب الحكومة على الداخل بعد ثورة 25 يناير 2011".

ولفت الجمال إلى أن "السيسي قد نجح في تحقيق بعض الاختراقات بحكم رئاسته للاتحاد الأفريقي والبعض بحكم ديناميكيته".

وبشأن ما يمثله ترأس إثيوبيا للاتحاد بعد مصر بالنسبة لملف مياه النيل، يعتقد الخبير بالشؤون الأفريقية، أن "لإثيوبيا بالطبع وضعا خاصا في أفريقيا كقلعة التحرر، كما أن أديس أبابا تعتبر نفسها منتمية لإسرائيل بالنسب، ومع ذلك أظن أن مؤسسة الخارجية المصرية تعلمت الكثير".

وفي ملف المياه، لا يعتقد الجمال أنه كان من الممكن استغلال موقع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي لدفع الملف لوضع أفضل عما هو؛ إلا لو كانت مصر ذهبت إلى مجلس الأمن.

وختم بقوله: "وأرى عدم إدخال أفريقيا في هذا الخلاف لأنها في الغالب ستنحاز لإثيوبيا"، وانظر مثلا إلى موقف السودان نفسها".

دور معتدل وقوي


وفي تعليقه قال الباحث في الشؤون الدولية محمد حامد، إن "مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي العام الماضي؛ استطاعت أن تنتج كثيرا، وكانت صوت أفريقيا في العالم".

المحلل السياسي، أشار بحديثه لـ"عربي21"، لحدوث عدة فاعليات منها المنتدى الاقتصادي الأفريقي الروسي في موسكو، ومنتدي أسوان للسلام والتنمية، وقمة لندن وأفريقيا بالمملكة المتحدة".

ولفت إلى أن "مصر خلال هذا العام أنجزت من خلال رئاستها الاتحاد الأفريقي كثيرا من الملفات، واستطاعت أن تحرك الملف السوداني بشكل إيجابي".

وأكد حامد، أن "مصر كان لديها دور بارز وقوي في تسوية النزاعات والخلافات بالقارة، واستطاعت بشكال أو بآخر كونها رئيسا للاتحاد، أن تجبر إثيوبيا على الوساطة الدولية وقيام أمريكا بأعمال المراقبة الدولية في ملف سد النهضة".

وختم الباحث المصري بقوله: "هناك كثير من الأمور تشير إلى أن رئاسة مصر كانت معتدلة، وحدث فيها إنجازات قوية ومعقولة؛ وباعتراف الجميع أن من سيخلف مصر سيجد صعوبة في بعض الأشياء".