مقالات مختارة

أخيرا وليس آخرا.. عودة الجزائر!

1300x600

حضور الرئيس عبد المجيد تبون، مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، هو عودة للجزائر إلى المحافل الدولية، فقد غاب البلد لعدّة سنوات عن هكذا ندوات عالمية ولقاءات دولية، والسبب ليس في الجزائر وما أدراك ما الجزائر، وإنما في "الرجل المريض" الذي فرض على البلاد والعباد غيابا طويلا ومنع الصوت المسموع لهذه الجزائر من الوصول إلى حيث يجب أن يصل!

صحيح أن الدبلوماسية ومؤسسات سيادية أخرى، ظلت تشتغل طوال الأعوام الماضية، ولم تتوقف عن دورها، لكنها كانت تتحرك بدون "رأس"، نتيجة وضع غير طبيعي أفقد البلد الكثير من الرهانات وأدخله في دوامة تحوّلت للأسف مع مرور الوقت إلى "كوميك" يتطاول ويتحامل به وعليه إعلام غربي يتصيّد كل شاردة وواردة لاستغلالها حيثما يُريد!

الآن، وقد انتخب الجزائريون رئيس جمهوريتهم الجديدة، تسترجع الجزائر في أقلّ من الشهر والنصف، صوتها ودورها وتأثيرها ووساطتها وكلمتها، وقد احتضنت خلال الأيام القليلة المنصرمة، إنزالا دبلوماسيا من عدّة دوّل، لتباحث الأزمة في ليبيا، والعمل على تغليب صوت الحوار والتفاوض والتصالح بين الأشقاء الفرقاء، على صوت الرصاص والمدافع!

ما كان للجزائر، أن تكون ممثلة في قمة برلين، برئيس جمهوريتها، لو بقي الوضع على ما كان عليه، قبل نحو السنة، ولولا انتخابات 12 ديسمبر الماضي، ولولا اختيار الرئيس بكلّ حرية وشفافية وسيادة، وهذا "تغيير" فيما كان كائن، وما ينبغي أن يكون، فصوت الجزائر ليس مبحوحا، حتى يظل غير مسموع، ولسانها غير مقطوع حتى يبقى صامتا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالملفات المصيرية وقضايا الحياة أو الموت!
من غير المعقول أن تسكت الجزائر عن الوضع في الشقيقة ليبيا، أو مالي، أو سوريا، وأمّ القضايا فلسطين، التي كانت ومازالت معها ظالمة أو مظلومة، وها هي الجزائر تعود إلى المحافل الدولية برئيسها من قمة ألمانيا، وقد قالت هناك كلمتها ورؤيتها ومقاربتها وتشخيصها للأزمة الليبية، التي ترى أنها تـُحل بالحوار والجنوح إلى السلم والأمن والاستقرار وليس بصبّ البنزين على النار والتطبيل لإدامة الحرب!

هكذا هي الجزائر، ثابتة على مبادئها ومواقفها التاريخية، في السلم والحرب، تقف مع أشقائها وإخوانها وأصدقائها في السراء والضراء، لا تخشى لومة لائم في مساندة قضايا التحرّر، تطلب "الخير" ولو في الصين، لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلاّ بكلمة صادقة تنادي إلى الحكمة والتعقل وحلّ مشكل الداخل داخليا بين أبناء البلد الواحد، وهي قبل ذلك، لا تدخر أيّ جهد أو مساعدة أو تضحية من أجل كلمة حقّ ولو عند "سلطان جائر"!

(الشروق الجزائرية)