ملفات وتقارير

عام 2019.. اعتقال صحفيين واقتحام وحجب مواقع وقيود نشر

العام الجاري شهد تصاعدا لملاحقة الصحفيين في مصر- أرشيفية

تعرضت الصحافة المصرية خلال عام 2019لأحداث مروعة من اعتقال للصحفيين وإخفاء قسري واحتجاز وإغلاق واقتحام مقرات وحجب مواقع؛ واستمرار التدابير الاحترازية للصحفيين وغيره من الممارسات القمعية الأخرى ؛الأمر الذي يجعل هذا العام يعد شاهدا على أحزان صاحبة الجلالة ؛ وواحدا من أكثر الأعوام انتهاكا لحرية الصحافة في مصر.

 

اعتقالات وحجب مواقع


وشن الأمن المصري حملة اعتقالات واسعة خلال هذا العام شملت العديد من الصحفيين من كافة الاتجاهات ومختلف الصحف والمواقع؛ وجرى اعتقال بعضهم من أماكن عامة كالمقاهي والمطارات، وآخرين من مواقع عملهم.

ولم يقف الأمر عند إلقاء القبض على الصحفيين خلال عام 2019؛ فقد تم دهم وحجب العديد من المواقع ولعل واقعة اقتحام ومداهمة موقع مدى مصر كانت الأبرز حيث اقتحمت قوة أمنية بزي مدني مكونة من تسعة أفراد مقر “مدى مصر” مع احتجاز كافة الموجودين بالمكان 18 صحفيًّا من العاملين بالموقع والكتاب المتعاونين، في إحدى الغرف وشهد الاقتحام تواجد فريق صحفيٍّ من قناة "فرانس 24" كانوا بصدد إعداد تقرير عن اختطاف المحرر بالموقع شادي زلط الذي تم اعتقاله قبلها بيوم طبفا لمركز حرية الفكر.


كما تم دهم موقع احدى الشركات الإعلامية التي تقدم خدمات الدعم الفني واللوجستي لعدد من القنوات الفضائية وكذلك داهمت الشرطة أيضا مقر موقع القاهرة 24.


و على صعيد الحجب فقد تم حجب عدد كبير من المواقع منها موقع بي بي سي عربي وموقع قناة الحرة وموقع مدى مصر وموقع الجزيرة نت، كما تم تعطيل أو إبطاء خدمات الفيس بوك، كما تم حجب موقع وكالة الأناضول التركية وكذلك الموقع الإلكتروني للتلفزيون التركي باللغة العربية تي ار تي عربي؛ كما حجب موقع صحيفة المشهد وستة مواقع أخرى بحجة تغطية مظاهرات بنات جامعة الأزهر بأسيوط كما تم حجب موقع الإخبارية والصباح نيوز ثلاثة أشهر بسبب عدة شكاوي ضدهم ؛بالإضافة إلى حجب عدة مواقع أخرى؛ ليصل عدد المواقع المحجوبه بمصر حتى الآن 520 موقعا طبقا للمرصد العربي لحرية الإعلام.


منع من السفر وقيود نشر

 
ولم تقف الهجمة علي الصحافة خلال العام 2019 عند هذا الحد فقد تم منع الصحفيين من السفر فضلا عن قيود النشر ؛ فقد تم منع الصحفي يسري مصطفي من السفر واعتقاله واخفاؤه قسريا لعدة أشهر ؛كما منع الصحفي احمد السيوفي بجريدة الأهرام ووضع الصحفي حسام الهندي علي قوائم الوصول والترقب حيث كان خارج مصر ؛كذلك منع الصحفي ديفيد كير كباتريك مراسل نيويورك تايمز من دخول مصر حيث تم احتجازه بالمطار لعدة ساعاته قبل إعادته مرة أخرى إلى بلاده.

 

اقرأ أيضا: مصريون يكشفون عن آلامهم باليوم العالمي لحقوق الإنسان

وعلى صعيد المنع وقيود النشر فكانت هناك هجمة من نوع آخر؛ تمثلت في منع كتاب من نشر مقالاتهم منهم الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد بجريدة الشروق و الأمر نفسه مع الكاتبة سلمي حسين بنفس الجريدة؛ كما منع مقال للصحفي لويس جريس بجريدة الجمهورية الحكومية ؛فضلا عن تحويل مجدي شندي رئيس تحرير المشهد للتحقيق بسبب نشره حوارا للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي تحدث فيه عن ثورة يناير وانتقد فيه الوضع الحالي بمصر.


محاربة في الأرزاق

 
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد امتد إلى إغلاق الصحف ومحاربة الصحفيين في أرزاقهم سواء بعدم حل أزمات عالقة مثل أزمة الصحف الحزبية والمستقلة المغلقة وتشريد قرابة 300 صحفي؛ وكذلك فصل العديد من الصحفيين وإيقافهم عن العمل كما حدث بجريدة الدستور والموجز وتشريد قرابة 100صحفي؛ ايضا تم وقف عدد من الصحفيين عن العمل وتحويلهم للتحقيق؛ كماحدث بمؤسسة اخبار اليوم وغيرها من الصحف الحكومية الأخرى؛ عقابا على كتابات أو مواقف سياسية مختلفة مع السلطة.


وعلى صعيد التدابير الاحترازية فقد شهد العام أكثر من 30حالة تدابير إحترازية شملت صحفيين من كافة التوجهات والمؤسسات الصحفية المختلفة ولا زالت تجددد لهم كل 45،يوما، بل الأكثر من ذلك أنه تم اعتقال عدد من الصحفيين أثناء أدائهم هذه التدابير وعلى سبيل المثال ما حدث مع حسن القباني ومحمد الشاعر والذين تعرضوا للإخفاء القسري عدة شهور قبل الظهور أمام نيابة أمن الدولة العليا.


شهادات دولية

 
وقد أكدت منظمات دولية على هذه الإنتهاكات في تقاريرها الشهرية والسنوية ؛فمن جانبها أكدت منظمة "مراسلون بلا حدود"على تراجع حرية الصحافة بمصر واحتلالها أدنى المراكز وهو المركز 163 في أدنى تصنيف للمنطقة ؛وهو الإتجاه الذي أكدته منظمة العفو الدولية التي قالت في تقريرها عام 2019 أن مصر السيسي أصبحت سجنا كبيرا للصحفيين مطلقة حملة منددة بهذه الهجمة ومحاكمة هؤلاء بتهم باطلة وهو ما أكدته هيومان رايتس ووتش والمنظمة العربية لحقوق الإنسان ومؤتمر التنافسية العالمية بالإضافة للجنة الحريات بنقابة الصحفيين من خلال عدة بيانات لها تدين حبس الصحفيين .

 

وأكد عدد من الصحفيين والحقوقيين على هذه الانتهاكات في تصريحات خاصة لـ "عربي21" ؛ ففي هذا السياق قال مدير المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي، ان واقع الصحافة في مصر يزداد سوءا، ولو كان هناك مكان أسوأ من المنطقة السوداء الذي تقبع فيه مصر حاليا وفقا للمؤشرات الدولية ؛لكان هذا هو الأنسب لوضع النظام الحالي فيه بسبب تصاعد حملته القمعية ضد حرية الصحافة ؛والتي شهدنا بعض أحداثها مؤخرا لحملة الاعتقالات الجديدة وفرض المزيد من القيود على حرية النشر والبث والإستعداد لإصدار المزيد من التشريعات القمعية.


وأضاف العربي في تصريحات خاصة لـ"عربي21": هذه المظاهر القمعية تؤكد مجددا اننا أمام نظام كاره جدا للإعلام الحر ويريد فقط أبواقا تتحدث باسمه وتبرر أخطائه وتسوق أوهامه، ولا يريد صحافة حرة تجنبا لوقوع ثورة جديدة؛ حيث يوقن السيسي ان الاعلام لعب دورا كبيرا في تمهيد الشعب لثورة يناير وفِي الإنقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي أيضا منتقدا موقف نقابة الصحفيين بتجاهلها معاناة 80 سجينا صحفيا واعلاميا بعضهم أعضاء بنقابة الصحفيين.

 

اقرأ أيضا: إعلام السيسي في 2019.. تخبط وارتباك مُعلن وإقرار بالفشل

ومن جانبه قال الكاتب الصحفي خالد الشريف أن واقع الصحافة المصرية مرير للغاية فهذا العام شهد قمع غير مسبوق لحرية الصحافة في مصر؛ فضلا عن أن أوضاع الصحافة والصحفيين في تدهور مستمر منذ انقلاب العسكر الذي قاده السيسي ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي رحمه الله.


وأضاف الشريف في حديثه لـ"عربي21" الإعتقالات لازالت تجري على قدم وساق ضد الصحفيين المعارضين ؛حيث يتم التنكيل بهم ويتعرض الكثير منهم للإختفاء القسري كما نرى اليوم مع الزميل بدر محمد بدر رئيس تحرير لواء الإسلام السابق ؛والذي حصل على حكم إخلاء سبيل من المحكمة بعد اعتقال دام 3 سنوات ورفضت الداخلية تنفيذ حكم القضاء وتم اخفائه ولا يعلم أهله أين هو الآن.


ولفت الشريف الى ما شهده هذا العام من زيادة الهجمة الأمنية ضد الصحفيين حيث تم اقتحام مؤسسات صحفية مثل مدى مصر ؛الأمر الذي يؤكد أن الصحفيين يواجهون ظروفا عصيبة في مصر، فالسلطة الغاشمة تسيطر على جميع النوافذ الإعلامية لمنع توجيه أي نقد إليهم بل تعدى الأمر إلى مطاردة واعتقال أسر الإعلاميين المصريين في الخارج كما حدث مع أشقاء الزميل معتز مطر ؛فالسلطة تقمع الصحفيين لحجب الأخبار والمعلومات الحقيقية عن المواطنين".


ومن جانبه أكد المحامي أسامة حسن والذي يترافع عن عدد من الصحفيين على صعوبة ما تواجهه الصحافة المصرية في هذه الفترة والاتهامات الموجهة للصحفيين والأجواء التي نعمل بها داخل النيابات والمحاكم ؛فالأمور كلها تسير بلا قانون بل تشعر وكأن الأمر هو نوعا من الانتقام من هذه المهنة؛ وهذا يظهر في التهم الموجهة وأجواء التقاضي والتعسف في الأحكام وغيرها من الإجراءات التي تمثل نوعا من القمع.


وأضاف في تصريحات خاصة "لـ"عربي21" أن سياسة الترويع هي شعار نظام السيسي سواء على الصحفيين أو غيرهم ولكن النصيب الأكبر هو من نصيب الصحفيين؛ مشيرا إلى ما يحدث مع البعض منهم من إخفاء قسري لعدة شهور كما حدث مع الصحفي النقابي حسن القباني وزوجته المحبوسة وعقاب أطفاله بشكل لا يمكن قبوله وترفضه كافة المواثيق وهذا يعكس أن هناك ما يشبه الثأر بين السلطة الحالية والصحفيين في ظل غياب تام لنقابة الصحفيين.


أما المحامية آمال مصطفي فقد عبرت عن استغرابها لهذه الهجمة الشرسة على الصحفيين وحجب المواقع بل واقتحامها وهذه إجراءات غريبة على هذه المهنة خاصة أن دستور 2014كان يتم التباهي به بشأن حرية الصحافة؛ ولكن ما يحدث على أرض الواقع مخالف تماما لهذا الدستور ؛مشيرة إلى ما يواجهه موكليها من الصحفيين من تعنت وحبس انفرادي وغياب الرعاية الطبية لهم ورفض قرارات إخلاء السبيل لعدد كبير منهم .