صحافة دولية

FT: أزمة الديون الخارجية تطغى على المظاهرات في لبنان

فايننشال تايمز: في ظل غياب اجماع سياسي فإن المهمة هي تجنب وقوع كارثة في لبنان- الأناضول

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتب ديفيد غاردنر، يقول فيه إن المظاهرات العارمة التي اجتاحت لبنان لمدة سبعة أسابيع توقفت مؤقتا. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هناك فرصة لحل بعض المشكلات الأكثر خطورة قبل انهيار البلد تحت عبء الديون وأزمة العملة، لافتا إلى أنه مع ذلك فإنه ليس هناك مؤشر على أن النخبة الحاكمة، التي نهبت البلد وأوصلته إلى حافة الدمار، يمكن أن ترى هذه الفرصة، ناهيك عن أن تستخدمها.

 

ويلفت غاردنر إلى أنه كانت هناك أزمات عرضية منذ أن خرج لبنان من الحرب الأهلية المدمرة بين عامي 1975- 1990، مشيرا إلى أن كلا من أوروبا وأمريكا ودول الخليج تدخلت حتى الآن لتعزيز الشراكة في السلطة، ولإنقاذ لبنان، ولدعم مؤسساته من البنك المركزي إلى الجيش. 

 

وتفيد الصحيفة بأن مؤتمرا للمانحين الدوليين أقيم في باريس العام الماضي، وعد بمنح لبنان 11 مليار دولار كقروض للتحسينات الضرورية للبنية التحتية، مشروطة بإصلاحات للسياسة المالية، مشيرة إلى أنه لم يتم إطلاق سنت واحد من تلك القروض.

 

ويورد التقرير نقلا عن أحد كبار المصرفيين، قوله قبل أن تتفجر المظاهرات في لبنان، بأنه كان هناك اجتماع وزاري تم فيه الاتفاق على 22 من 49 إجراء إصلاحيا، مشيرا إلى عدم حدوث أي شيء.

 

وينوه الكاتب إلى أن المطالب الرئيسية للمتظاهرين الحاليين، هي وظائف وتعليم جيد وخدمات صحية ومياه نظيفة وكهرباء وأمن وعدالة في ظل القانون، أما طلبهم المثالي الآخر فهو أن ترحل الطبقة السياسية كاملة، من المليارديين وأمراء الحرب إلى حزب الله

 

وتذكر الصحيفة أن رئيس الوزراء سعد الحريري قد استقال في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن حكومته لا تزال قائمة لإدارة حكومة تصريف الأعمال، لافتة إلى أنه نتجت عن تسوية ما بعد الحرب مشاركة السلطة بين 18 طائفة معترفا بها، لكن هذه السلطة تمت سرقتها من العائلات الكبيرة وتم توارثها بحسب السلالات. 

 

ويشير التقرير إلى أن لبنان بلد بإمكانه مراكمة الديون: فالديون السيادية تصل إلى 86 مليار دولار لاقتصاد كان ناتجه العام الماضي 56 مليار دولار، أي 155% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي إحدى أعلى النسب في العالم، فيما يصل العجز في الميزانية الآن إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وخرج منذ فترة طويلة عن السيطرة، لافتا إلى أن برلمانيي لبنان "المدللين" قاموا العام الماضي بالمصادقة على ميزانية بعد 11 عاما دون ميزانية.

 

ويتساءل غاردنر قائلا: "ما الذي يجب فعله؟ فالداعمون التقليديون لبيروت في الغرب وفي الخليج ممتنعون بسبب القبضة المسيطرة لحزب الله على لبنان، وقد فاز الحزب العام الماضي مع حلفائه من المسيحيين والسنة والشيعة بالأغلبية البرلمانية، وهو ما أعطى شرعية لسلطة تم اكتسابها بالقوة، ويعتقد حزب الله أن الدعوات لحكومة خبرات هي جزء من رهان أمريكي للانقلاب على هذه النتائج من خلال انتخابات جديدة".

 

وترى الصحيفة أنه في "ظل غياب اجماع سياسي، فإن المهمة هي تجنب وقوع كارثة، والأزمة البنكية يمكن تجنبها من البنوك ذاتها، وهذا أمر غريب".

 

ويجد التقرير أنه "أقل بقليل من المدهش أن يكون بلد تحتفظ بنوكه نظريا بإيداعات قيمتها أكثر مرتين من حجم الاقتصاد، جمعت بين أزمة العملة وأزمة البنوك، ناهيك عن طوارئ مالية وديون، ويقترح الاقتصادي توفيق غاسبارد، الذي عمل مستشارا لكل من وزارة المالية اللبنانية والبنك المركزي، حلا للأزمة البنكية والمالية الحالية يتجنب بشكل جزئي الحاجة لإجماع سياسي لا يلوح في الأفق". 

 

ويقول الكاتب إن "القصة إلى الآن هي أن لدى البلد مشكلة مالية ومشكلة دين عام، لكن بنك لبنان يحتويها، تحت إدارة مدير البنك المركزي منذ عام 1993، رياض سلامة، فالأسبوع الماضي استطاع لبنان سد ديون (يوروبوند) بقيمة 1.5 مليار دولار، وأبقى سمعته حول سد الديون سليمة، بالرغم من أن وكالات التصنيف تدفع بالبلد إلى المساحات المظلمة".

 

وتلفت الصحيفة إلى أن البنك المركزي حافظ على سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار لمدة 22 عاما، ووفر نسب فوائد عالية ليشجع اللبنانيين المغتربين على إرسال دولاراتهم إلى لبنان، مشيرة إلى أنه مع جفاف الإيرادات وزيادة المصاريف، زادت استدانة البنك المركزي للدولارات من البنوك اللبنانية.

 

وبحسب التقرير، فإن هذه الديون وصلت الآن إلى 87 مليار دولار، بحسب غاسبارد، وبالنظر إليها بشكل آخر، فإن هذا الرقم يساوي 71% من مجموع الموجودات لدى النظام البنكي اللبناني تم إقراضها للقطاع العام، و58% للبنك المركزي، مشيرا إلى أن هناك الضوابط المالية العادية لمنع سحب بالجملة لرؤوس الأموال، بالإضافة إلى أن السحب من حسابات الدولار مقنن.

 

ويقول غاردنر: "صحيح أن سلامة عرض في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر سيولة دولارات للبنوك، بفوائد 20%، إلا أن هذا يعكس النسب المدمرة التي يدفعها البنك المركزي للبنوك المحلية التي تملك معظم المديونية اللبنانية، وكما يشير البعض إلى أن هذا شبيه بسلسلة بونزي، حيث يقوم البنك المركزي بدفع هذه النسب غير المستدامة للبنوك المحلية باقتراض المزيد من البنوك ذاتها".

 

وتنوه الصحيفة إلى أن "النظام البنكي رهينة دولة مفلسة لا تستطيع العيش دون إيرادات من الخارج ستتوقف إن قامت البنوك أو الحكومة بتجميد (أو السيطرة على) حسابات الدولار المحلية".

 

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول إنه "كما يدعو غاسبارد، فإن أول لبنة بناء في استراتيجية البقاء هي موافقة من البنوك أن تضمن للمودعين جدول سحب يجب أن يمتد لعدة سنوات، وبعض البنوك يتفقون مع هذا الرأي، خاصة أنه شيء يستطيعون فعله دون انتظار قرار من الحكومة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)