ملفات وتقارير

مخاوف إسرائيلية من تفاهم جديد بين أمريكا وإيران

توقيت حديث ترامب عن رغبته لقاء روحاني جاءت في وقت محرج لنتنياهو قبل أيام من انتخابات مصيرية- جيتي

لم تخف أوساط عديدة في إسرائيل قلقها الشديد إزاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعداده للقاء نظيره الإيراني، حسن روحاني.

ورغم صدور تصريحات من طهران ترفض إجراء اللقاء تحت سيف العقوبات، إلا أن المخاوف في تل أبيب وصلت حد مهاجمة وزير الاقتصاد، إيلي كوهين، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لدوره في الدفع نحو عقد اللقاء ونزع فتيل التوتر.

وازدادت تلك المخاوف إثر إقالة- أو استقالة- جون بولتون، الذي كان مستشار ترامب للأمن القومي، وأكثر الدافعين نحو توجيه ضربة لـ"الجمهورية الإسلامية".

وكان تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" قد أشار بالفعل إلى أن بولتون كان مستاء إزاء تردد رفض ترامب الرد على إسقاط إيران طائرة مسيرة أمريكية، في ذروة التوتر بمضيق هرمز، في حزيران/ يونيو الماضي، ثم اتسعت الفجوة بين الرجلين بعد الحديث عن لقاء روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الجاري.

حسابات ترامب، بحسب عدة تقارير، تحكمها العديد من العوامل، ليس بدءا بقرب اشتعال الحملات الانتخابية لرئاسيات 2020، والتي يسعى الحفاظ من خلالها على منصبه، ولا تنتهي باتساع عجز موازنة البلاد، فضلا عن مخاوف الحلفاء الغربيين، وأوراق قوة طهران في المنطقة.

اقرأ أيضا: لماذا تغامر الصين باستثمار المليارات في بلد محاصر؟

إلا أن حسابات نتنياهو وفريقه المتطرف مختلفة تماما، فهو الآخر مقبل على انتخابات مصيرية بعد أيام، ويعتمد فيها بشكل كبير على إبراز تأثيره على البيت الأبيض، و"إنجازاته المشتركة" مع ترامب.

حسابات نتنياهو

وفي حديث مع "عربي21"، قال الباحث والمحلل السياسي، محمد الجمل، إن التوجه الأمريكي يحد من قدرة نتنياهو على الاستفادة من ورقة "العلاقات المتميزة مع ترامب" في الانتخابات المقبلة، "بل إن هذا الملف قد يستثمره خصومه ضده".

وأضاف: "ترامب يعطي الأولوية لتجنب تدحرج الأمور إلى مواجهة عسكرية مع إيران، تحسبا للآثار المدمرة التي يتوقع أن تطال جنود الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة".

وتابع: "لا أعتقد أنه سيقدم الاعتبارات الإسرائيلية على اعتباراته الذاتية، ولعل إقالة مستشاره للأمن القومي تشير إلى مدى حرص ترامب على تفادي أي تصعيد قد يؤدي إلى نتائج سلبية على الولايات المتحدة عموما وعلى موقعه الانتخابي خصوصا".

وأوضح الجمل أن إسرائيل تخشى من أن يعني ذلك "تراجعا وفشلا جزئيا في مساعيها لإرغام طهران على التنازل تحت تأثير سياسة الضغوط القصوى، التي شجع نتنياهو إدارة ترامب على انتهاجها، في حين أن اتفاقا في الوقت الحالي لن يعكس خضوعا إيرانيا، إذ أن إيران تمارس بدورها ضغوطا سياسية وعسكرية تؤثر على توجهات الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة".

وأشار إلى أن إسرائيل "تفضل سيناريو اضطراب داخلي في إيران، بفعل العقوبات الأمريكية، وهو ما سيشكل مربحا إسرائيليا صافيا دون خسائر، وهو الأمر الذي يعيقه ما تراه توجها أمريكيا مبكرا لتسوية الأزمة مع إيران".

بدوره، قال المحلل السياسي، طلال عتريسي، إن توقيت حديث ترامب عن اللقاء، رغم عدم إمكانية عقده قبل الانتخابات الإسرائيلية، "وضع نتنياهو في موقف محرج"، إلا أن "أولويات الرئيس الأمريكي مختلفة، ومتخبطة أيضا".

 

اقرأ أيضا: هل تحمل إقالة "بولتون" سياسة أمريكية جديدة نحو المنطقة؟

وأضاف، لـ"عربي21"، أن خطاب نتنياهو الانتخابي يفترض أن إيران تشكل "تهديدا وجوديا"، وأنه يعمل مع ترامب على إزاحة ذلك التهديد.

وتابع أن لقاء بين ترامب وروحاني من شأنه إضعاف موقف نتنياهو، لا سيما في حال تجاوزت التفاهمات الجديدة مخاوف إسرائيل الرئيسية، مشيرا إلى أن الأخير لا يمتلك، في الوقت نفسه، أوراق قوة يضغط بها على الرئيس الأمريكي.

ثلاثة مخاوف رئيسية

وبشأن الملفات التي تخشى إسرائيل أن يتجاوزها ترامب في سعيه لتفاهم مع روحاني، قال "عتريسي" إن الملف النووي يأتي في صدارتها، موضحا أن إسرائيل لا تريد خفضا لمستويات تخصيب اليورانيوم، بل وقفا كاملا له، "فهي ترى أن أي مستوى من مستويات التخصيب قد يمكن إيران في مرحلة ما من امتلاك قنبلة نووية".

وأضاف أن برنامج تطوير الصواريخ البالستية لا يقل أهمية، إذ تعتبره دولة الاحتلال تهديدا حقيقيا.

بدوره قال "الجمل" إن إسرائيل تريد أيضا "وضع قيود على دعم طهران لحركات المقاومة الفلسطينية، ولكل من حزب الله والمليشيات الشيعية في العراق وسوريا، وعلى التواجد الإيراني في سوريا".

وتابع أن تل أبيب تحرص أيضا على أن تكون مدد الالتزام ببنود أي اتفاق جديد أطول مما كانت عليه في اتفاق 2015 (تتراوح مدد العمل ببنوده المختلفة بين 10 و25 عاما).

ومن جانبه، أكد "عتريسي" اهتمام إسرائيل بتقييد نفوذ إيران الإقليمي، إلا أنه استبعد أن تقبل بذلك، معتبرا أن ذلك النفوذ يشكل أهم أوراق قوتها الإقليمية.