في مفاجأة غير
متوقعة بأزمة جزيرة "الوراق"
المصرية التي تسعى الدولة لإخلائها من السكان
بحجة تطويرها؛ قابلت السلطات الأمنية تهديد الأهالي بالتظاهر عقب صلاة الجمعة، بطلب
التهدئة.
وخلال الأيام
الماضية تصاعدت حدة الأزمة بين السلطات المصرية وأهالي الجزيرة الواقعة بوسط نيل القاهرة،
إثر اعتقال أمن مطار القاهرة أحد أهالي الجزيرة حين عودته من أداء فريضة الحج.
وقرر الأهالي
التصعيد يوم الجمعة بالتظاهر عند منطقة الزاوية بالجزيرة عقب صلاة الجمعة، للمطالبة
بالإفراج عن المعتقلين الأربعة من أهالي الجزيرة، ووقف ما يتم من عمليات تهجير لأهلها، ومنع ممارسة الضغوط الأمنية والقانونية للبيع والتنازل عن بيوتهم وأراضيهم.
إلا أن مصدرا
من أهالي الجزيرة أكد لـ"
عربي21" أنه تم تأجيل وقفتهم الاحتجاجية في اللحظات
الأخيرة، ووقف المسيرات التي كانت ستنطلق من المساجد لتجوب الجزيرة؛ وذلك بناء على طلب
ملح من مدير الأمن الوطني، ومدير أمن محافظة الجيزة، من بعض الوسطاء مقابل وعود للأهالي.
وأوضح المصدر
أن جهودهم في حشد الأهالي للتظاهر واتخاذ موقف عملي تجاه المعتقلين من أهالي الجزيرة،
سببا قلقا شديدا للسلطات التي اتصلت بمحامين من الجزيرة وبعض أهالي المعتقلين، وطلبوا
منهم تهدئة الأهالي مقابل الإفراج عن المعتقلين خلال 21 يوما من تاريخ الخميس 22 آب/
أغسطس الجاري.
وأضاف المصدر
الذي رفض الإفصاح عن اسمه: "أفلح إن صدق، وإلا فإننا سوف نواصل حراكنا حتى الإفراج
عن المعتقلين، كخطوة أولى ومطلب يجب تنفيذه قبل أي حديث".
وقال إن
"من يتحكمون في زمام الأمور ويخططون لطردنا من أراضينا وبيوتنا وأعمالنا، مجموعة
من اللصوص المجرمين لديهم كل الصلاحيات والدعم من الشرطة والقضاء".
وعلى مدار عامين
كاملين، تقوم السلطات المصرية بعمليات هدم ومداهمة للجزيرة واعتقال السكان الرافضين
لإخلاء الجزيرة بحجة تطويرها.
"تطوير
لا تهجير"
من جهة
ثانية أكد أحد الأهالي المضرّين أن "مخطط البناء بالجزيرة كان سيسير بأسرع وقت
ممكن؛ ولكننا نجحنا حتى الآن في وقفه".
الحاج وليد عبدالرازق
أبو حمدة، قال لـ"
عربي21": "تمكنا من منع أية معدات بناء من نزول الجزيرة،
ونجحنا بمنع أية معدات تابعة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أو أية شركات تابعة للجيش
أو المستثمرين المصريين أو الأجانب".
وأكد أنهم سيواصلون
تلك السياسية؛ ولن يسمحوا بنزول أية معدات قبل خروج المعتقلين أولا، وإنهاء القضايا كافة الملفقة لأبناء الجزيرة، وإنهاء الحصار المفروض عليهم، وعندها يمكنهم التفاوض مع السلطات.
أبو حمدة، أوضح
أنه قبل ذلك "سنطالبهم بإظهار مخطط تفصيلي معتمد كامل عن تطوير الجزيرة، مع التمسك
التام بوجودنا فيها تحت مبدأ (تطوير لا تهجير)".
وأشار إلى أنه
"حتى اليوم لا يوجد مخطط رسمي واضح من الحكومة لما سوف يتم بناؤه وتنفيذه من مشروعات
ومخططات، ولا أية رسومات قاموا بعرضها على الأهالي".
"تلفيق القضايا"
وحول أعداد المعتقلين
من الجزيرة، وأسباب اعتقالهم، والتهم الموجهة إليهم، وموقفهم القانوني الآن، أكد أبو حمدة
أن المعتقلين من أهالي
جزيرة الوراق أربعة هم "الحاج سيد مصطفى، وإبراهيم شعراوي،
وأحمد جمال، والحاج ناصر أبو العينين، الذي تم اعتقاله من مطار القاهره في أثناء عودته
من أداء فريضة الحج".
وجزم بأن
"التهم الموجهة لهم بالانتماء لجماعة محظورة، والتحريض على التظاهر، وحمل السلاح،
ومقاومة السلطات؛ جميعها ملفقة".
وأشار أبو حمدة إلى أن هناك "82 من أهالي الجزيرة لفقت قضايا لهم بتهم التظاهر ومقاومة السلطات، كنوع من الضغط والمساومة مع الأهالي".
وأوضح أن
"الموقف الآن بالجزيرة مقلق حيث تمارس السلطات كل أنواع الضغوط، وتفرض علينا حصارا
كاملا، ورقابة أمنية مشددة على جميع المعدات التي تنقل الأهالي من وإلى الجزيرة".
وقال إنه
"إمعانا في التضييق على الأهالي، فإن السلطات منعت الأهالي من البناء بالجزيرة،
وحظرت إدخال مواد البناء، وفي الوقت نفسه مازالت عمليات هدم البيوت مستمرة".
"نعيش حالة رعب يومي"
وأكد أبو حمدة
أن "قوات الأمن لا تكاد تبرح الجزيرة، حيث تتمركز بكثرة قوات أمن مركزي بالمناطق
الحيوية والطرق الرئيسية بالجزيرة".
وعن موقف الأهالي
وإن كان قد حدث انشقاق بينهم، قال، "إننا في الوراق مازلنا متماسكين رغم أن للسلطات
الأمنية بعض الأعوان والتابعين الذين يروجون الشائعات المرعبة كل يوم لتخويف الأهالي
وإرهابهم وإجبارهم على البيع".
وأوضح أن
"أعوان الأمن بالجزيرة يروجون الآن لشائعة تثير قلق الأهالي، وهي أن من سيرفض البيع
سيهدم بيته بالقوة الجبرية وإبعاده خارج الجزيرة قسرا"، قائلا: "نعيش في
حالة رعب يومي".
ولم ينكر أبو حمدة
أن هناك من باعوا أراضيهم، موضحا أنهم "ليسوا من أهل الجزيرة وتلك الأراضي خاصتهم
عبارة عن ميراث أجدادهم بالجزيرة".
وأوضح أن ما بحوزة الأهالي أكثر بكثير مما تم بيعه، الذي يبلغ نحو 163 فدانا
من مساحة 1460 فدانا هي مساحة الجزيرة".
وقال:
"لو وضعنا بالاعتبار الضغوط على أهالي الجزيرة من حصار كامل، وتلفيق قضايا سياسية
وجنائية للأهالي منذ الأحداث المؤسفة يوم 16 تموز/يوليو 2017، عند اقتحام الأمن للجزيرة الذي أسفر عن مقتل شاب وإصابة عشرات الأهالي بالرصاص الحي والخرطوش؛ فهذا يعتبر نصرا لنا".
وأكد أنه حتى
الآن رغم كل ما سبق "لم نتنازل عن شبر واحد من الأراضي الزراعية، ولا المباني التي
تصل لنحو 67 ألف منزل، يقطن بها حوالي 97 ألف أسرة".
وختم أبو حمدة
بالقول: "لا يزايد أحد على انتمائنا لمصر، لا يمكن تسييس قضيتنا، ومطالبنا مشروعة،
في خدمات صحية وتعليمية والنظافة، أي إننا مع التطوير وليس التهجير، ونريد البقاء كحق
مشروع، ونرفض الحصار، ونطالب بالشفافية".
اقرأ أيضا: "الأمن القومي".. وسيلة نظام السيسي للسيطرة على جزر النيل