قضايا وآراء

فضفضة مع الرئيس الشهيد

1300x600

سيدي الرئيس.. أنت الآن شهيد – بإذن الله– و أنا الآن و قبل الآن، منفي وبين قبرك و منفاي قصة وطن منكوب، وشعب مغلوب وحق مسلوب و واقع كذوب.


أنا مثلك ابن فلاحين، أسكن في مصر بحي شعبي، جموعه انتخبتك، وفرحت بانتصارك واعتبرته نصرا لها .


خلال حكمك، كنت أستقل "ميكروباص" كأغلب العاديين، سكان مصر الأصليين، ومررنا أمام نادي الحرس الجمهوري، قلت في نفسي: تبارك الذي فتح مساكن القوم الذين ظلموا أنفسهم للوادعين الطيبين.. وجعل واحدا منا يدخل قصور الفراعين، حاكما لا مسوقا مسحولا.. لم أكن أعلم أنني سأقف في ذات البقعة مع ألوف البسطاء نحاول إنقاذ حلمنا من السرقة، و مستقبلنا من الاغتصاب، وحريتنا من الاستلاب مجددا، و نحاول تحريرك من براثن الجنود، الذين فعلوا بمصر ما لم يفعله الصهاينة يومها، رأيت رصاص القوم يحصد أحبابي في بيان عملي (تدريب) على يوم الفض الرهيب الذي كان يتربص بنا من قريب.


و تلك هي القصة باختصار يا سفير الأحرار .


فالقوم يا سيدي لا يرون من حقك، ولا من حقي، أو أي من أبناء العوام مثلنا أن يفكر أو يقرر أو يختار وإذا خرجنا عن تعليمات الباشا من هؤلاء، فمكان الواحد منا تحت الأرض في الوطن مثلك، أو فوق أرض المنفى مثلي !


سيدي.. 


أبي مثلك موظف، وهو -مثلما كنت- مريض بالضغط و السكر و أشياء أخرى، لكنه رغم الألم سافر ساعات إلى قريته في أقاصي الصعيد لمنحك صوته الانتخابي، مبتغيا ثواب الله وخير الوطن، ولولا وقار المشيب لزغرد حين نجحتَ و اعتبر فوزك أول انتصار حققه مذ شارك في تحرير سيناء مع الرفاق حين كانوا خير أجناد الأرض.. غير أن "عسكري كامب ديفيد" أعمى القلب، سريع الغضب، قدت روحه من لهب، إذا صبر فهو يمكر، وحين أدى لك التحية كان يغدر.. 

 

"عسكري كامب ديفيد" يا سيدي لم ترق له فرحة الانتصار في عيني أبي، و لا تنهيدة الارتياح في قلبه المتعب، و لا نشوتي أنا حين جلس واحد منا مع علية القوم يسوسهم ويصدر لهم الأوامر التي اعتادوا هم أن يصدروها لنا، وحين أشعلوا البلاد بحرائق الأزمات، و دججوها بأكاذيب البرامج والمقالات، ثار أبي و قال إن مرسي منا و نحن منه، والأرض لله وحده، والوطن بعض ملكه الذي يهبه لمن يشاء. لكن سرعان ما انقلب الذي مكر، و تمكن الذي غدر، و اجتمع على أبي حزنان: إحباط انتصاره المتجسد فيك، و فراق سنده المتمثل في! 


و الحق يا سيدي أنه لا أنت ولا أبي ولا أنا لنا في ميزان القوم وزن، هم يرون أن الأرض بمن عليها لهم ميراث مرصود، و وعد معقود ! 


بيد أن عزاءنا يا سيدي أنك طالما أكدت أنك مستعد لهذا المصير، وأن حكمة الله الجليل اقتضت ألا ينام الجبان قرير العين مسرورا، لأنه على يقين بأن التاريخ الذي ألقى في طريقه ببسيط طيب مثلك، يتلمظ الآن لإثبات ألا أحد يملكه سوى خالقه، و يتشوف و يتشوق لإثبات براعته في قلب الطاولة، و خذلان التوقعات .