صحافة دولية

لوس أنجلوس تايمز: الليبيون يتقاتلون ميدانيا وفي فيسبوك

لوس أنجلوس تايمز: هناك حربان في ليبيا؛ واحدة في الميدان وأخرى تجري على الإنترنت- جيتي

نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" تقريرا لمراسلها نبيه بولص، يقول فيه إن هناك حربين دائرتين في ليبيا؛ واحدة في الميدان وأخرى تجري على الإنترنت. 

 

ويقول بولص إنه "من خلال الفاعلية في الميدان يبدو سقوط طائرة مسيرة من الجو صباح يوم في جنوب العاصمة الليبية طرابلس أمرا غير مهم، ولم تكن مسلحة عندما سقطت أو أسقطت ولم تخلف وراءها ضحايا، وبحلول المساء كانت الطائرة المسيرة موضوع آلاف من المبارزات العاطفية التي جرت على صفحات (فيسبوك) بشأن مصدرها". 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هيكل الطائرة كان موضوعا لعدد من التقارير التي بثتها القنوات الفضائية في أنحاء المنطقة كلها. 

 

وتجد الصحيفة أن ما جرى بعد الحادث كان إشارة أخرى عن وجود حربين متزامنتين، واحدة يستخدم فيها الرصاص والقنابل المتبادلة من الحكومة التي نصبت نفسها من خلال الجيش الوطني الليبي والمليشيات المتحالفة معها من جهة، وبين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها دوليا من جهة أخرى. 

 

ويلفت الكاتب إلى أنه على خلاف الحرب الأولى، فإن الثانية ليست كثيفة لكنها افتراضية، وسلاحها حشد من المعلومات المضللة وأشرطة فيديو تثير الاشمئزاز، ويتبادل صورها "المحاربون على لوحات المفاتيح" و"الأبطال الرقميون"، كما يطلق الليبيون عليهم. 

 

ويفيد التقرير بأن "فيسبوك" تعد وسيلة التواصل المفضلة لثلث سكان البلاد، وهو بلد يسكنه 6.3 مليون نسمة، ويعاني من الانقسام، ويتنازع أبناؤه الولاء بين حكومتين متنافستين أو ثلاث حكومات، بحسب الطريقة التي ينظرون فيها للأمور، بالإضافة إلى القبائل المتعددة والفصائل المسلحة التي تغير ولاءها في كل وقت. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن باحث ليبي في منابر التواصل الاجتماعي، قوله: "كل شخص لديه صفحة على (فيسبوك).. عندما تسأل الساسة والمسؤولين والمقاتلين عن عنوانهم يعطونك معلوماتهم على (فيسبوك)". 

 

ويجد بولص أنه في ظل غياب الوسائل الإعلامية المستقلة، فإن المواد المنشورة على صفحات "فيسبوك" في الداخل والخارج أصبحت المصدر الرئيسي للتواصل الإعلامي، وصارت في الوقت ذاته السلاح الذي يتم حشده لدعم التطورات في ساحة الحرب الحقيقية. 

 

وينقل التقرير عن نائب مدير "ماكس سيكيوريتي" والخبير في وسائل التواصل الاجتماعي أوديد بيركويتز، قوله إن الأطراف كلها تستخدم صفحات الفيسبوك سلاحا للدعاية، ويتم استخدام حملات التضليل الإعلامي لاتهام كل طرف بالتسبب بالضرر الكبير، والقتل المقصود للمدنيين، واتهام العدو بخدمة المصالح الأجنبية، واستجلاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى صفوفه.

 

وتنوه الصحيفة إلى أنه عندما قرر الجنرال خليفة حفتر، الذي نصب نفسه بطريقة الزعيم السابق معمر القذافي ذاتها، بإرسال قواته للسيطرة على العاصمة طرابلس في 4 نيسان/ أبريل، وانتزاعها من حكومة الوفاق التي لا يعترف بشرعيتها، فإن المؤيدين له قاموا بعملية تعبئة على الإنترنت، وأغرقوا الإنترنت في ذلك اليوم بصور لسيارات جديدة وهي تزحف نحو طرابلس.

 

ويذكر الكاتب أن المؤيدين لحفتر طمأنوا أتباعهم أن المقاتلين سيدخلون العاصمة دون التسبب بأضرار كثيرة، فيما قام آخرون بالتهليل لكل تقدم حققه مقاتلو حفتر، من خلال وضع صور للجماعات المسلحة، مع أن بعض المواجهات لم تحدث أبدا، وهو ما أدى إلى كشف زيفهم وتوبيخهم لنشر أخبار مزيفة. 

 

ويشير التقرير إلى أن السعودية والإمارات، الداعمتين لحفتر، انضمتا للهجوم، خاصة على "تويتر"، ويحظى حفتر بدعمهما إلى جانب مصر وروسيا وفرنسا، وفي المقابل شنت الحكومة في طرابلس والمليشيات المؤيدة لها حملة مماثلة على الإنترنت أطلقت عليها "بركان الغضب". 

 

وتقول الصحيفة إنه في اليوم الذي سقطت فيه الطائرة دون طيار نشرت صفحة الحملة صورتها لمتابعيها البالغ عددهم 168 ألف متابع، وأظهرت الصور جسم الطائرة الأبيض، الذي يظهر علمين للإمارات وعلامة "صنع في الإمارات"، وتشارك الداعمون للحكومة بفيديو صوره الناشطون للطائرة، ثم قامت القناة المؤيدة لحكومة الوفاق "ليبيا الأحرار" بنشر الصور، ونشرت قصة عن الفيديو، والتقطت "الجزيرة مباشر" القصة وبثت الفيديو.

 

ويلفت بولص إلى أن مؤيدي حفتر ردوا قائلين إن الألوان على الأعلام معكوسة، فيما وصفت وحدة الإعلام في الجيش الوطني الليبي القصة بالمزيفة والحافلة بالأكاذيب، وأكدت أن الطائرة تابعة لحكومة الوفاق الوطني وأسقطتها صواريخ حفتر، مشيرا إلى أن القنوات السعودية والإماراتية استخدمت القصة دليلا على دعم تركيا وقطر حكومة طرابلس. 

 

وينوه التقرير إلى أن هذا كله حدث في غضون ساعة من وضع المنشور على الفيسبوك، مشيرا إلى أنه بعيدا عن السرعة التي انتشرت فيها قصص كهذه، فإنها تعكس المشهد الفوضوي والسريالي أحيانا للقتال في ليبيا. 

 

وترى الصحيفة أن لقطات لمسلحين بعربات أخذوها، وصواريخ سام على حافلات صغيرة، وفيديو يظهر مقاتلين مؤيدين لحفتر مخمورين بالنصر وهم يطلقون قنابل الهاون على المدنيين، وصور لهيثم التاجوري، الذي كان سائق حافلة تحول لقائد عسكري أصبح مليونيرا مرتديا بدلة دولتشي غابانا وفيرساتشي وهو في طريقه إلى ساحة المعركة، هي نموذج عن هذا المشهد على منابر التواصل الاجتماعي. 

 

ويقول الكاتب إن ما يحدث في ساحة المعركة يظل بعيدا عن الأنظار، مشيرا إلى أنه عندما وصلت شحنة من العربات المصفحة التركية الصنع بداية هذا الشهر مع مدربين، رد مؤيدي حفتر بعرباتهم الأردنية.

 

ويكشف التقرير عن أن المشهد يحتوي على صور فيها الكثير من الوحشية، وتصور طريقة معاملة العدو، لافتا إلى أن تحقيقا قامت به هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) العربي كشف عن صور وفيديو التقطتها وحدة النخبة في جيش حفتر المعروفة بالساقية، وقف أفرادها إلى جانب الجثث المشوهة لأعدائهم الإسلاميين. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن متحدث باسم شركة "فيسبوك"، قوله إن الشركة "تعمل جاهدة لمحاربة إساءة استخدام خدماتنا، خاصة في مناطق النزاع مثل ليبيا، حيث يمكن استخدام (فيسبوك) للتحريض على العنف، ونشر الكراهية والمحتويات الإرهابية والمتطرفة والمواد المثيرة للاشمئزاز"، وأضاف أن الشركة لديها "فرق السلامة والأمن العالمية"، ويعمل فيها 15 ألف شخص موزعين على 20 موقعا حول العالم، بينها شمال أفريقيا.

 

ويقول بولص إن الدعاية السامة واضحة على التلفزيون الليبي، حيث قضى المذيع محمد المتاليل جزءا من برنامجه وهو يهتف ويصفق لأشرطة فيديو تظهر صواريخ أطلقت على حي سكني في العاصمة.

 

ويختم "لوس أنجلوس تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك نعمان بن عثمان، الذي كان مؤيدا لحفتر، وهو الآن مدافع عن حكومة طرابلس، ولسانه سليط في الهجوم على أعداء الحكومة، ولديه آلاف المتابعين على "فيسبوك"، ويظهر باستمرار على قناة "ليبيا الأحرار"، حيث يقدم خطبه الطويلة.

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)