قال نشطاء سياسيون وحقوقيون إن قرار العفو عن مئات المحكوم عليهم في قضايا سياسية يعود بعضها إلى أحداث ما بعد ثورة 25 يناير، وانقلاب تموز/ يوليو 2013، لا يحمل أي رسالة سياسية، متهمين النظام باتباع سياسة الباب الدوار بخروج البعض من السجن في نفس الوقت الذي يدخل فيه آخرون.
وأكدوا في تصريحات لـ"عربي21" أن قرار العفو يتناقض مع استمرار حملة الاعتقالات بحق العديد من المعارضين، ومع التوسع في تشييد السجون، ولا يعني وجود انفراجة في حرية التعبير بمصر.
وكان مصدر مطلع كشف لـ"عربي21" في وقت سابق، أن السيسي سيصدر قرارا بعفو رئاسي عن عدد من الشباب المحبوسين بعد الانتهاء من التعديلات الدستورية، ومشاركة المعارضة بالداخل فيها.
ولم يحدد المصدر وقتئذ عدد المشمولين بالعفو الرئاسي، أو موعد الإفراج عنهم، أو طبيعة القضايا المحكوم عليها فيها، ولكنه توقع أن يصدر قرار العفو في شهر رمضان.
وأصدر السيسي، مساء الجمعة قرارا بالعفو الرئاسي عن 560 محكوما عليهم، شمل محبوسين على ذمة قضايا سياسية أبرزها القضايا المعروفة إعلاميا بـ: (بنات دمياط، فتيات المترو، مذبحة كرداسة، أحداث مجلس الوزراء، إهانة القضاء، واتحاد الجرابيع).
وتضمن القرار العفو عن 9 ضباط شرطة الصادر بحقهم حكم نهائي بات من محكمة النقض مارس 2018، بمعاقبتهم بالسجن المشدد 7 سنوات، لإدانتهم بقتل 4 أفراد من أسرة واحدة بمدينة المحلة، بعدما اشتبهوا بهم كمطلوبين أمنيًا، في واقعة تعود إلى مارس 2015.
اقرأ أيضا: "عفو رئاسي" بمصر يشمل محكومين بقضايا سياسية (أسماء)
اعتقالات وسجون جديدة
في غضون ذلك ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الناشطين السياسيين هيثم محمدين، ومصطفى ماهر، وأمرت النيابة العامة بحبس كل منهما 15 يوما على ذمة التحقيقات؛ بتهمة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة.
ومطلع شهر نيسان/ أبريل الجاري، نشرت الجريدة الرسمية، قرار وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، بإنشاء سجنين مركزيين جديدين بقسمي شرطة أول بنها والخانكة بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة).
وقدًرت منظمات حقوقية مصرية عدد السجون التي صدر قرار بإنشائها منذ تموز/ يوليو 2013، بنحو 26 سجناً جديداً، ليرتفع عدد السجون في البلاد إلى 68 سجنا.
الإفلات بيد والقبض بأخرى
ووصف الناشط السياسي والحقوقي عبدالرحمن عاطف قرار العفو بأنه شكلي، قائلا: "هذه ليست إنفراجة لعدة دلائل؛ أن العفو هو بروتوكول معهود تم استخدامه هذه المرة في الإفراج عن معتقلين غالبيتهم على وشك إنهاء مدة عقوبتهم استجابة لمطالب دوليه بمنح المزيد من الحريات، والحديث عن عمليات اعتقال وقتل ممنهج من قبل منظمات دولية عدة".
اقرأ أيضا: "عفو رئاسي" مرتقب في مصر يكشف عدم صحة مزاعم السيسي
وأضاف لـ"عربي21": "الوجه الآخر للنظام هو لن أترككم تمرحون أو تفرحون، سنفلت البعض بيد، ونقبض على البعض الآخر باليد الأخرى"، مشيرا إلى أن النظام وجه رسالتين "الأولى للخارج أننا نعفو عن المحكومين، والثانية أننا لن نكف عن ملاحقتكم وحبسكم".
وأردف: "إذا كان النظام يسعى حقا لمنح المزيد من الحريات فعليه أولا أن يمنح نفسه صفة الإنسانية، لكن النظام المصري بات لا يختلف كثيرا عن نظام بشار، فكلاهما يقاتل للبقاء، وعلى صعيد متصل هناك حملة تستهدف التيار المدني الساعي لإنشاء أفكار بديلة داخليا وخارجيا، وهو ما يقلق النظام".
لا معنى لوجود انفراجة
بدوره، قال الحقوقي علاء عبد المنصف مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، لـ"عربي21" إن "الحديث عن العفو الرئاسي يحمل جزء من السعادة لأن مناط عمل الحقوقيين والمحاميين وذوي المعتقلين أن يفرج عن ذويهم بأي شكل من الأشكال".
لكنه استدرك بالقول: "هناك مصيبتان مستمرتان، فآلاف المعتقلين والمحتجزين مازلوا داخل مراكز الاحتجاز والسجون، الأمر الآخر أن حالة حقوق الإنسان بمصر لم ولن تتغير بمثل هذه الإجراءات المسكنة التي لا تعبر عن فجاعة الملف الحقوقي في مصر".
وتابع: "في ذات اليوم الذي يتم إصدار العفو الرئاسي يتم القبض على سياسيين ونشطاء كالشيخ محمود شعبان والناشط العمالي هيثم محمدين والناشط السياسي مصطفى ماهر، وغيرهم، وبالتالي لا معنى للحديث عن وجود انفراجة في مجال الحقوق والحريات في مصر".
"عفو رئاسي" بمصر يشمل محكومين بقضايا سياسية (أسماء)
هل تجدي دعوات معارضين للإفراج عن معتقلي نظام السيسي؟
حكم نهائي بإعدام 13 شخصا بمصر بتهم "إرهاب"