تواصل قوى المعارضة في مصر جمع التوقيعات الرافضة لتعديل دستور عام 2014 والتي وافق عليها مجلس النواب بشكل مبدئي يوم الخميس الماضي.
وتتضمن التعديلات المقترحة تمديد حكم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي حتى عام 2034، عبر السماح بإعادة ترشحه مجدداً، بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022، لدورتين جديدتين مدة كل منها ست سنوات، وإنشاء غرفة تشريع ثانية تحت اسم "مجلس الشيوخ"، ومنح المؤسسة العسكرية صلاحية جديدة تحت مسمى "حماية مدنية الدولة".
وكان مجلس النواب قد وافق الخميس الماضي، بأغلبية 485 نائباً من مجموع 595 برلمانياً، على طلب تعديل الدستور المقدم من خُمس عدد أعضاء المجلس، وقرر إحالته إلى لجنة الشؤون التشريعية لدراسته، وإعداد تقرير عنه للعرض على البرلمان خلال ستين يوماً، تمهيداً للتصويت النهائي على التعديلات، ورفعها إلى رئيس الجمهورية لعرضها على الشعب في استفتاء شعبي.
وتعهد رئيس المجلس علي عبد العال بإجراء حوار مجتمعي "راقٍ" وواسع داخل البرلمان حول التعديلات المطروحة، بحيث يشمل جميع فئات الشعب لاستعراض جميع الآراء".
وأعرب تكتل "25-30"، وهو ائتلاف معارض من 16 نائبا برلمانيا عن رفضه للتعديلات، واعتبرها تعديا على مبدأ تداول السلطة.
لا للمساس بالدستور
ودشنت الحركة المدنية الديمقراطية حملة إلكترونية للتوقيع على بيانها الرافض للتعديلات الدستورية بعنوان "لا للمساس بالدستور" نجحت في الحصول على توقيع أكثر من 12 ألف شخص بعد يومين فقط من إطلاقها.
ودعت المصريين للتوقيع على البيان ونشره على أوسع نطاق قائلة: "لا تستهن بتوقيعك ولا تقلل من شأن مجهودك، معا نستطيع التصدي لمهزلة العبث بدستور البلاد، والتمسك بحقنا في تداول السلطة ومحاسبة المسؤولين وبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة".
وفي هذا الإطار أعلن 11 حزبا سياسيا، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات عامة ونواب البرلمان، تشكيل تحالف جديد "للدفاع عن الدستور".
كما يواصل معارضون ونشطاء ومواطنون مصريون التعبير عن رفضهم لمقترحات تعديل الدستور، عبر نشر فيديوهات قصيرة تؤكد رفضهم لهذه الخطوة من جانب النظام.
التأسيس لنظام سلطوي
وتعليقا على هذا الموضوع قال أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة إنه لا يخفى على أحد أن الدافع الرئيسي، إن لم يكن الوحيد، وراء التعديلات الدستورية المقترحة، هي تمكين الرئيس السيسي من البقاء في السلطة مدى الحياة، وتمكين القوات المسلحة من التحكم في مصائر البلاد والعباد عبر إعطائها سلطة مطلقة للتدخل في الحياة السياسية في أي وقت، وبشكل دستوري، تحت ذريعة حماية مدنية الدولة.
اقرأ أيضا: لماذا يسابق السيسي الزمن لإقرار التعديلات الدستورية؟
وأضاف، نافعة، في تصريحات لـ "عربي21"، أن نظام الحكم الحالي في مصر لم يحترم يوما الدستور ولم يتقيد بأحكامه منذ إقراره قبل خمس سنوات، ودأب على انتهاك الدستور خاصة فيما يتعلق بنصوص الحريات وحقوق الإنسان، وكان بمقدور السيسي مواصلة العبث بالدستور لولا اصطدامه بالمادة الخاصة بمدة الرئاسة، والتي تقف عائقا أمام رغبته في البقاء في الحكم مدى الحياة، لذلك وجه نواب البرلمان إلى إجراء تعديلات دستورية.
وأشار إلى أن النظام لم يقصر التعديلات على النصوص المتعلقة بمدد الرئاسة فقط وجعلها تشمل العديد من النصوص الأخرى حتى تبدو وكأنها إصلاحات سياسية يمكن تمريرها إلى الرأي العام، محذرا من أن هذه التعديلات تؤسس لنظام سياسي سلطوي يستمر في حكم مصر لعقود مقبلة، كما تجعل من القوات المسلحة وصية على مؤسسات الدولة الأخرى، "بعد أن كنا نرفض وضعها الحالي في الدستور باعتبارها هيئة مستقلة ومنفصلة كليا عن مؤسسات الدولة".
وتابع: "كما أن التعديلات تنسف مبدأ الفصل بين السلطات وتقضي على استقلال السلطة القضائية بشكل تام وتخضعها لإرادة السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية عبر تشكيل مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى منح الرئيس سلطة اختيار جميع رؤساء الهيئات القضائية".
المعارضة بدأت تتوحد
وحول إمكانية توحيد قوى المعارضة على موقف واحد من هذه التعديلات الدستورية، بدلا من التشرذم والخلاف الحالي فيما بينها، قال حسن نافعة إن المعارضة بدأت بالفعل في توحيد موقفها، حيث اتفقت على رفض هذه التعديلات وكل ما يترتب عليها من إجراءات وقرارت باطلة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن بعض القوى والشخصيات العامة بدأت حملة لجمع التوقيعات لإعلان رفض هذه التعديلات، ويتبقى أن يتم الاتفاق على الخطوة التالية، هل يتم الدعوة إلى مقاطعة مهزلة التصويت على التعديلات أم نطالب المواطنين بالذهاب إلى لجان الاقتراع وإعلان رفضهم لهذه التعديلات عبر التصويت بـ "لا".
اقرأ أيضا: تجمع مصري معارض يدعو العالم لوقف التعديلات الدستورية
وأكد أن رأيه الشخصي أن تدعو المعارضة المواطنين للمشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت بـ "لا"، شريطة الضغط بقوة للحصول على ضمانات واضحة لنزاهة الاستفتاء وتشكيل لجان شعبية لمراقبة عملية الاستفتاء وكشف محاولات التزوير، مشيرا إلى أن مقاطعة الاستفتاء يعد موقفا سلبيا قد يساعد النظام على تمرير التعديلات بسهولة أكبر.
واختتم حسن نافعة تصريحاته لـ "عربي21" بالتأكيد على أن النظام يمتلك، بلا شك، العديد من الأدوات التي تمكنه من فرض هذه التعديلات على البلاد عبر الضغط على المواطنين وإكراه الموظفين العموميين على الذهاب للتصويت، لكن النظام في هذه الحالة سيتحمل وحده، أمام الشعب وأمام التاريخ، مسؤولية إدخال البلاد في نفق مظلم لا يعلم أحد متى وكيف نخرج منه جميعا.
لماذا يسابق السيسي الزمن لإقرار التعديلات الدستورية؟
نائب مصري يهاجم التعديلات الدستورية بكلمة نارية (شاهد)
برلمان السيسي يبدأ مناقشة التعديلات الدستورية