تسلم قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، يوم الأحد الماضي، الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي في مستهل القمة الثانية والثلاثين للاتحاد التي استضافتها العاصمة الأثيوبية "أديس أبابا" تحت شعار "اللاجئون والعائدون والنازحون داخليا، نحو حلول دائمة للنزوح القسري في أفريقيا"، كما تناولت محاور التنمية والسلم والأمن، ومكافحة الإرهاب، والإصلاح المؤسسي والهيكلي للاتحاد.
ووجه السيسي الشكر لقادة القارة لمنحهم مصر ما أسماه "قيادة دفة الاتحاد الأفريقي خلال عام 2019، مؤكدا أن بلاده تعي حجم المسئولية الكبيرة لتنسيق العمل الأفريقي المشترك في ظرف دولي وقاري دقيق، تعصف به نزعات التطرف وموجات الإرهاب، وتتعاظم فيه تطلعات الشعوب.
وركز السيسي في كلمته على ملف الإرهاب، وحث دول القارة دول القارة على تعزيز التعاون فيما بينهم لتتبع ومقاومة داعميه ومموليه، ودعا إلى تدعيم المؤسسات الوطنية في كل دولة لمواجهة دعاة الفوضى والنزاعات الطائفية.
من جانبه، أوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه سيتم التركيز خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي على الموضوعات التي تصب في مصلحة دول القارة ومصر، ومن بينها التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي وجهود الوساطة لحل النزاعات.
اقرأ أيضا: ما دلالة رئاسة مصر لاتحاد إفريقيا بعد 6 سنوات من الانقلاب؟
وكان الاتحاد الأفريقي قد علق عضوية مصر في أعقاب انقلاب تموز/ يوليو 2013 الذي قاده السيسي للإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، لكن الاتحاد رفع التجميد عن مصر بعد إصدار دستور جديد للبلاد، ونجاح السيسي برئاسة البلاد في الانتخابات التي أجريت عام 2014.
ثلاثة محاور
وحول كيفية استغلال مصر لفترة رئاستها للاتحاد الأفريقي، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى جاب الله، إن هذه فرصة تاريخية لمصر لاستعادة دورها العريق في القارة الأفريقية الذي وضعها في ريادة القارة في منتصف القرن الماضي، لكنه تراجع كثيرا في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أعطى ظهره لأفريقيا منذ محاولة اغتياله الفاشلة في أديس أبابا عام 1994.
وأضاف جاب الله، في تصريحات لـ "عربي21"، أن مصر تواجه تحديات شرسة على النفوذ والسيطرة على دول أفريقيا، حيث تنافسها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين وتركيا وإسرائيل وإيران، وغيرها من دول العالم، مشيرا إلى أن الدور المصري تم التنازل عنه طواعية من قبل، استولت عليه قوى إقليمية أخرى مثل إيران وتركيا ودول الخليج.
وطالب بضرورة الاستفادة من رئاسة الاتحاد الأفريقي في ثلاثة محاور أساسية، أولها: مواجهة التغلغل الإسرائيلي المتزايد في القارة الأفريقية، والذي أغمضنا عنه الطرف منذ عقود طويلة حتى نجحت تل أبيب في توطيد علاقاتها مع الأفارقة، وكسبت الكثير منهم في صفها، وعلى رأسها إثيوبيا، حسب قوله!.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن المحور الثاني هو التركيز على الجوانب الاقتصادية، مشددا على أهمية عدم الانشغال بالحديث حول المسائل الأمنية ومحاربة الإرهاب والتطرف، وأن التعامل الصحيح مع أفريقيا هو عبر التركيز على المصالح الاقتصادية المشتركة بيننا وبين دول القارة، وكيفية تعظيمها، تماما كما تفعل الدول الكبرى المتواجدة هناك الآن.
وتابع: المحور الثالث هو الاستفادة من رئاسة الاتحاد الأفريقي في النزاع مع إثيوبيا حول سد النهضة، لافتا إلى أن القاهرة أمامها فرصة ذهبية، وربما لن تتكرر، لاستغلال رئاستها في التأثير على المفاوضات مع أديس أبابا، وكسب دعم الدول الأفريقية في هذه القضية، أو على الأقل تحييد من يدعم أديس أبابا منهم.
وحول استعدادات مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي والأجندة التي أعدتها لهذه المناسبة، قال مصطفى جاب الله إن كان من المفترض والمنطقي أن تتولى وزارة الخارجي إعداد هذه الأجندة، بحكم دورها التقليدي، لكن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا ملحوظا لدور الأجهزة الأمنية، خاصة المخابرات الحربية والمخابرات العامة، في ملفات السياسة الخارجية، تم إسناد ملف رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي لهذه الأجهزة للأسف.
مخاوف حقوقية
من جانبه، أكد الناشط الحقوقي عادل اسكندر أن السيسي سيسعى لكل قوة لاستغلال هذه الرئاسة استغلالا شخصيا؛ لتوطيد نفوذه القاري، وتحقيق وجاهة وحضور مظهري، وتقديم نفسه باعتباره زعيم مصر والوريث الجديد للرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وأضاف اسكندر، لـ "عربي21"، أن هناك أيضا مخاوف محلية ودولية من أن تتأثر أوضاع حقوق الإنسان في أفريقيا كلها سلبا برئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، عبر تشجيع قادة القارة على تجاهل حقوق الإنسان مقابل حفظ الأمن الداخلي لبلدانهم، مشيرا إلى أن هذه المخاوف أعلنتها منظمة العفو الدولية في تقرير لها قبل عدة أيام.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أعربت عن قلقها من تولي السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي، بسبب التدهور الحاد الذي يشهده ملف حقوق الإنسان في مصر منذ توليه السلطة.
وقالت المنظمة، في بيان لها يوم الجمعة الماضية، إن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي أن تضمن ألا تؤدي الرئاسة المصرية للاتحاد إلى تقويض آليات حقوق الإنسان في بلدانه.
وأشارت المنظمة إلى أن السيسي أظهر خلال فترة توليه السلطة ازدراءً مروعا لحقوق الإنسان، مضيفة أن مصر تحت قيادته شهدت تراجعاً كارثياً في الحقوق والحريات.
هل يستخدم السيسي شركات إماراتية كستار لأخرى إسرائيلية؟
40 من معارضي الخارج يدعون "الشرفاء" لإنقاذ مصر من الضياع
لماذا ترفع مخابرات مصر شعار التطوير للسيطرة على ماسبيرو؟