يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القاهرة الأحد، لمدة ثلاثة أيام؛ للقاء رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، وسط انتقادات داخلية؛ بسبب غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر مقابل صفقات سلاح بمليارات الدولارات، والفراغ السياسي في ليبيا.
وخلال لقاء السيسي ماكرون في باريس في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 تجاهل الأخير الحديث عن أوضاع حقوق الإنسان والحريات في مصر، رغم تزايد ضغوط منظمات غير حكومية للضغط على السيسي في هذا الصدد.
ووقعت مصر وفرنسا في 2014 على صفقات سلاح شملت 24 طائرة مقاتلة رافال، وفرقاطة متعددة المهام، وسفينتين حربيتين من طراز ميسترال، وهي صفقات بلغت قيمتها نحو 6 مليارات يورو.
وقال محللون لـ"عربي21" إن اللقاء سيبحث أسباب تعليق تعهد مصر بشراء 12 مقاتلة رافال أخرى لمدة عامين تقريبا، بالإضافة إلى عدم تحسن الفائض التجاري لفرنسا مع مصر في السنوات الثلاث الأخيرة، مستقرا عند نحو مليار يورو فقط.
اقرأ أيضا: هذه دوافع زيارة ماكرون للقاهرة.. هل يغير موقفه من السيسي؟
أطماع استعمارية
وتعليقا على تلك الزيارة، قال المحلل السياسي المصري في فرنسا، محمد السيد، لـ"عربي21" إن "زيارة ماكرون لمصر مخطط لها منذ زيارة السيسي لباريس في 2017، ومن المقرر بحث ثلاث ملفات هامة منها السلاح والهجرة والملف الليبي".
وأوضح أن "هذه الزيارة تأتي في قت يحتاج فيه ماكرون لعقد صفقات تدر المزيد من الأموال على الخزينة الفرنسية التي تعاني من عجز كبير تجاوز المسموح به مع الاتحاد الأوروبي، كمناقشة توقيع صفقة بيع 12 طائرة رافال أخرى تتجاوز قيمتها 2.3 مليار يورو".
وتابع: "تولي فرنسا ملف الهجرة اهتماما كبيرا وتجد في السيسي أحد الأدوات في المنطقة للحد من الهجرة عبر المتوسط انطلاقا من الشواطئ المصرية، وأخيرا الملف الليبي وهو في غاية الأهمية لفرنسا لما في ليبيا من نفط وقواعد قريبة من قواعدها في النيجر وتشاد".
وفي ما يتعلق بملف حقوق الإنسان في مصر، قال السيد إنه "منذ يومين عقدت منظمات حقوقية اجتمعا في باريس للضغط على الرئيس ماكرون ومطالبته بوضع الملف ضمن الأجندة التي سيناقشها مع قائد الانقلاب في القاهرة، وتطالب هذه المنظمات بوقف تصدير السلاح إلى مصر، التي ازداد القمع فيها سوءا".
السلاح والنفوذ
وعلق السياسي المصري، محمد سودان، المقيم في لندن، بالقول إن "زيارة ماكرون لمصر وراءها عدة أمور، منها المطالبة بالديون السابقة على مصر من صفقة الطائرات التي لم تسدد مصر باقي مستحقاتها".
وأضاف لـ"عربي21": "الأمر الآخر، الملف الليبي حيث تتزاحم عدة دول على ليبيا من بينها إيطاليا وفرنسا وبالطبع أمريكا، بسبب تواجد مصر على الحدود الشرقية لليبيا والتعاون التام بين السيسي وحفتر وخاصة التعاون العسكري بوصاية إماراتية".
وأردف: "أعتقد أن إيطاليا تنازلت عن كثير من حقوقها لدى مصر بعد توقيع عقد حقل ظهر بمياه المتوسط التي خسرت مصر فيه الكثير، والآن تتنازل فرنسا عن قيم الديمقراطية بتورطها مع قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي من أجل مصالح مالية في النهاية".
اقرأ أيضا: حقوقي: فرنسا مهتمة بتقريرنا حول انتهاك حقوق عمال مصريين
الرأي العام الفرنسي
من جهته؛ قال الصحفي المقيم في فرنسا، محفوظ بكليم، لـ"عربي21" إن "الزيارة تكتسي طابعا سياسيا، ولها عمق اقتصادي، أهميتها السياسية تتجلى في أن الرئيس ماكرون يتجاوز مرحلة دقيقة جدا من ولايته بسبب حراك السترات الصفراء وبالتالي فهو يبحث حاليا عن مكسب يزيد شعبيته خاصة إذا توِّجت بصفقات تجارية أو صفقات سلاح، وهو أمر وارد".
وأضاف أن "لقاء ماكرون للسيسي بالقاهرة يعد بالنسبة للأخير شيكا على بياض، يلمع به وجه النظام المصري؛ وبالتالي فالسيسي من المحتمل أن يكون سخيا في صرف أموال الشعب المصري في صفقات سلاح "خردة" كما هو معتاد".
وفي ما يتعلق بالرأي العام الفرنسي، أوضح أن "السواد الأعظم غير مكترث بزيارة ماكرون، بل ليس في علم أغلبهم ما يجري من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر مع الأسف، هناك فقط شريحة من المثقفين ونشطاء حقوق الإنسان هي التي نددت ولا تزال بمثل هذه الزيارات وحالة حقوق الإنسان بمصر خاصة".
وبين بكليم أنه "إن دل هذا على شيء فهو يدل على أن الغرب بصفة عامة، لا يهتم بحقوق الإنسان حين تغلب كفة المصالح، فلا يعقل أن يفوّت ماكرون فرصة صفقات سلاح بالمليارات في سبيل مبادئ، لا يطبقونها إلا في بلدانهم، لأن ذلك يخدم بالدرجة الأولى الاقتصاد الفرنسي".
قمة تجمع السيسي وماكرون في القاهرة نهاية يناير
دعوات تغيير الدستور تشعل غضب المصريين.. ما رأي السيسي؟
السيسي يشكل لجنة لمواجهة "الأحداث الطائفية" في مصر