أثارت القرارات الأخيرة التي اتخذتها إدارة قناة الحرة الأمريكية الناطقة بالعربية، ضجة واسعة، بعد تسريحها عشرات الموظفين الذين يعملون بمكتبها في العراق، في الوقت الذي يتم فيه توسيع مكتب الإمارات وتعيين نحو 100 موظف جديد، وتحويله إلى مكتب إقليمي.
وأعرب المرصد العراقي للحريات الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين يوم الجمعة عن "القلق البالغ" على المصير المهني لـ 34 صحفيا، يعملون كمقدمي ومعدي برامج في مكتب قناة الحرة عراق في بغداد، وفق وسائل إعلام عراقية.
وتحدث الصحفي العراقي حسين الحاج، أن عملية التسريح قابلها توظيف لأشخاص محسوبين على جهات معينة قائلا: "تعرض الزملاء الصحفيون في قناة الحرة عراق لانتهاك صارخ من خلال عملية إزاحة تعسفية غير مسبوقة، المشكلة تكمن بأن من تسلم الإدارة الجديدة في الحرة ليس أكثر كفاءة من الزملاء المقالين، والحُلة الجديدة التي تحدثوا عنها هي ليست إلا " تمصير" للقناة.
وأضاف: "فإسلام البحيري وإبراهيم عيسى لا يفهمون مزاج المشاهد العراقي، وغير قادرين على التفاعل معه، في وقت يلغى برنامج مهم ويعد النافذة الأبرز للثقافة العراقية منذ 13 عاما، مثل برنامج "أبواب" و "العمود الثامن"، الذي يعده الزميل فاضل النشمي ويقدمه الدكتور عارف الساعدي".
خط إماراتي- سعودي
القصة لم تبدأ مؤخرا، بل كانت عملية ممنهجة، بدأت تعيين الكوبي ألبيرتو فرنانديز (1958) عام 2017 رئيسا لـ "شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN/ التي تضمّ "الحرّة" و"راديو سوا")، تلاه انضمام نارت بوران إلى الشاشة حديثا وتبوؤه منصب نائب المدير العام ومدير المحتوى. علما بأنّ بوران كان الرئيس التنفيذي لقناة "سكاي نيوز عربية" طوال السنوات السبع الأخيرة.
كلا الرجلين، فرنانديز وبوران لهما علاقة قوية مع الإمارات، ففرنانديز، يعمل في مركز تديره دولة الإمارات، ويحمل صفة زميل غير مقيم في الشرق الأوسط لشؤون السياسة والإعلام، وهذا المركز يدار من قبل مستشاري ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
وبحسب مركز "ترندز" فإن فرنانديز من الشخصيات الداعمة لإسرائيل، وهو أحد صناع القرار في معهد بحوث الشرق الأوسط، الذي يجبر جهاز الموساد الإسرائيلي ووظيفته الرئيسية تتمثل في الترويج لـ"الإسلاموفوبيا".
أما بوران، فقد قاد من قناته السابقة الحملة المعروفة على قطر منذ بداية الأزمة الخليجية، لكنه انتقل إلى الولايات المتحدة بعد استلامه المنصب في قناة الحرة.
وبعد تسلم هذين الرجلين المقربين من الإمارات سدة القيادة، أصبح المكتب الرئيسي لقناة الحرة في الإمارات، وتم تعيين جدد في مكتب دبي.
وفي الوقت الذي تحدث فيه بعض المعلقين عن "تمصير" القناة، أي جعل أغلب كادرها من مصر، وعلى رأسهم الإعلاميان إبراهيم عيسى وإسلام البحيري، فإن آخرون يرون أن هؤلاء الأشخاص وغيرهم من الموظفين الجدد وإن كانوا مصريين، فإن هواهم إماراتي سعودي.
ويقول الصحفي العراقي سالم مشكور: "الحرة لا تتعرض للتمصير بل للسعودة، ليس بالأشخاص، إنما في الخطاب واتجاهه. باتت قناة مؤدلجة بعدما كانوا يفتخرون بمهنيتها التي أكسبتها جمهورا واسعا في العراق".
ونقل موقع "ألترا صوت" عن أحد الموظفين قوله: "يريدون تغيير السياسة المطلقة للقناة، لا تطوير أدائها.. هناك إنفاق مالي كبير في مكتب دبي لم يحدث في تاريخ القناة، إذ كانت تشهد شحة في التمويل لأكثر من ثماني سنوات.. لكن الآن تم بناء استوديوهات جديدة وضخمة في دبي وبغداد"، متسائلا: "هل ازدادت ميزانية الحرة أو تلقت دعما ماليا من جهة ما؟".
وأضاف المصدر العامل في مكتب قناة الحرة بواشنطن، أن "الحرة بحلتها الجديدة تتجه نحو الحرب على إيران بكل الوسائل الممكنة، وبالتعاون مع الوسائل الإماراتية".
وأشار أيضا إلى أنها "تمضي في العمل على اتهام تركيا بلعب ورقة الصحفي جمال خاشقجي سياسيا، وتتجاهل الكونغرس وأعضاءه بمواقفهم السلبية من السعودية في قضية خاشقجي".
ووصف المصدر توجه القناة الجديد بأنه "أحادي الجانب يمثل الإمارات والسعودية بالدرجة الأساسية، وهذا ما تثبته التوجيهات التي تصل إلينا بخصوص التعاطي مع الأحداث في المنطقة، بدءا من إيران وليس انتهاء بجمال خاشقجي"، مبينا أنه "بحسب التوجيهات الواردة لنا، فلا يمكن أن نتجاهل أي خبر يخص محمد بن زايد".
وظهر أثر التوجه الجديد بإقصاء أحد كبار الإعلاميين اللبناني حسن منيمنة عن القناة، وتعليق اكتتابه في القناة، بعد أن "قال إن مطاردة تمويل حزب الله تبدأ من الإمارات. وقد أُجبر على الكتابة ضد قطر من أجل السماح له بالكتابة مرة أخرى لموقع الحرة"، بحسب ما يقول الصحفي السابق في الحرة زياد بنجماين.
ما سر استماتة بعثيي العراق في الدفاع عن السعودية؟
تقرير تركي: لهذا تحرص الإمارات على إشعال فوضى باليمن
هذه دلالات عودة دحلان للمشهد التركي عبر خاشقجي