صحافة دولية

أوكرانت: مقتل جمال خاشقجي يحمل توقيع محمد بن سلمان

أفادت أوكرانت أن حادثة خاشقجي الدموية كشفت عن الجانب الوحشي لمحمد بن سلمان- جيتي

نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية حوارا مع الصحفية، كريستين أوكرانت، مؤلفة كتاب "الملك اللغز للمملكة العربية السعودية"، التي تحدثت عن السبب الذي جعل الصحفي جمال خاشقجي يمثل مصدر إزعاج لمحمد بن سلمان، وهو ما انجر عنه استهدافه وقتله.

وقالت الصحيفة في حوارها الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لم يمر يوم واحد دون تسريب بعض التفاصيل المثيرة للاشمئزاز إلى الصحافة عن مصير خاشقجي.

 

وقد أدى ذلك إلى تصاعد وتيرة الضغوط المفروضة على الرياض، وعلى محمد بن سلمان، الرجل القوي للسعودية وولي عهدها.

وردا على سؤال الصحيفة حول مدى احتمال ضلوع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في قضية اختفاء خاشقجي، قالت كريستين أوكرانت إنها تعتقد أن ابن سلمان له يد في هذه القضية نظرا لما تم تداوله عن مزاجه السيء وسرعة غضبه ونفاد صبره التي تتجلى في ردود فعله الجسدية العنيفة.

أما عن تساءل الصحيفة بشأن النفوذ الذي يتمتع به ولي العهد السعودي، فقد أفادت أوكرانت أن ابن سلمان يبسط نفوذه على وزارة الدفاع والاقتصاد والشركة الوطنية للبترول (أرامكو)، فضلا عن جميع الخدمات وأنظمة المراقبة والمعلومات.

 

كما يشمل نفوذه مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أنشأ ولي العهد ما يسمى "بإدارة الاتصال" التي لم تكن موجودة في الماضي والتي يستخدمها للترويج لصورة جيدة له.

وقد أوضحت أوكرانت، في إجابتها عن سؤال الصحيفة بشأن تأثير قضية مقتل خاشقجي على صورة ولي العهد السعودي، أن مبدأ شخصنة السلطة الذي كرسه محمد بن سلمان دفعه إلى إقامة نظام حكم يتميز بوحشية لم يسبق وأن عرفتها المملكة في تاريخها.

 

اقرا أيضا : 4 منظمات حقوقية تطالب بتحقيق دولي في اختفاء خاشقجي

 

وتتمثل شخصنة الحكم هذه في اعتبار أن كل الإصلاحات، التي يرى الغرب أنها تقود المجتمع السعودي نحو الانفتاح، لا يمكنها أن تصدر إلا من محمد بن سلمان، ولا أحد سواه.

بناء على ذلك، لا يلعب الغرب ولا المنظمات غير الحكومية أو السعوديون التقدميون، الذين زُجّ بهم في السجن منذ سنة، ولا العلماء المتشددون، أي دور في هذه المشاريع الإصلاحية.

 

وقد استغل محمد بن سلمان ذلك ليبرز نفوذه تحت شعار "أنا القائد"، كما أنه بفضل "بعد نظره وسخائه"، يعتبر نفسه الوحيد القادر على سن هذه التشريعات التي تسمح للشباب السعودي باللحاق بركب القرن الحادي والعشرين أخيرا.

وردا على سؤال الصحيفة حول ما إذا كان جمال خاشقجي صحفيا معارضا شبيها ببقية المعارضين، قالت أوكرانت إن هذا الصحفي كان يمثل مصدر إزعاج لولي العهد لأنه كان على علم بالنظام الداخلي للمملكة نظرا للعلاقات القديمة التي كانت تربط بين عائلة خاشقجي المعروفة والعائلة المالكة.

من جهة أخرى، ذكرت أوكرانت أن خاشقجي كان أحد المستشارين المقربين من تركي الفيصل، وهو أحد الأمراء الذين أزاحهم محمد بن سلمان عن طريقه في سباقه على السلطة.

 

كما كان مقربا من الوليد بن طلال، الأمير الذي يملك ثروة طائلة والذي اعتقل في فندق ريتز كارلتون، على غرار عشرات الأمراء ورجال الأعمال بتهمة الفساد، في سنة 2017.

 

وقد شهد هذا المعارض السعودي على اعتقال عدد كبير من أصدقائه المشتبه في تعاطفهم مع جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة كمنظمة "إرهابية" في المملكة العربية السعودية .


اقرا أيضا :  سي أن أن: مدبر عملية قتل خاشقجي ضابط مقرب من ابن سلمان


وحول حقيقة انتماء خاشقجي لجماعة الإخوان المسلمين، ردت أوكرانت بالإيجاب، وأضافت أن هذا المعارض لم ينكر يوما انتماءه لهذه الجماعة.

 

وحين شعر خاشقجي بالتضييق السياسي الذي فرضه ابن سلمان عليه، اختار الانتقال إلى الولايات المتحدة بناء على رغبته الشخصية، وسرعان ما أصبح ضيفا اعتياديا في القنوات التلفزية.

 

وتمكن خاشقجي من العمل مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، التي تعتبر السعودية شريكا أساسيا في سوق الأسلحة.

علاوة على ذلك، وفر خاشقجي لوسائل الإعلام الأمريكية معلومات حول سبل فهم ووصف وتحليل النظام السياسي السعودي، الذي حافظ على غموضه لفترة طويلة.

 

وقد كان ذلك في مدينة تدفع فيها المملكة العربية السعودية الملايين من الدولارات لشركات العلاقات العامة من أجل تلميع صورة محمد بن سلمان.

وأوردت الصحفية، في إشارتها إلى السبب الذي جعل هذا المعارض يشكل مصدر إزعاج لولي العهد السعودي، أن جمال خاشقجي لم يكن مجرد صحفي بسيط، ذلك أنه كان يحظى بثقل سياسي هام.

 

وقد تتالت انتقاداته لممارسات محمد بن سلمان بشكل صريح. في الواقع، رحب خاشقجي بالإصلاحات التي أعلن عنها ولي العهد، لكنه وصف أساليبه في الحكم "بالبغيضة".

 

ووفقا له، لم يكن يرى أن المملكة العربية السعودية ستحرز أي تقدم على هذا النحو. كما عمد في كتاباته إلى استنكار سجن المعارضين ووحشية ولي العهد.

وفي ردها على سؤال الصحيفة حول إمكانية أن يكون جمال خاشقجي قد راح هو الآخر ضحية أساليب ولي العهد، أفادت أوكرانت أن حادثة خاشقجي الدموية كشفت عن الجانب الوحشي لمحمد بن سلمان.

 

وقد ازدادت ممارسات بن سلمان سوءا، على غرار الاعتقالات غير المبررة والضغوط المفروضة على الأوساط السعودية في الخارج.

 

ولا يرغب أبناء المملكة في باريس أو لندن أو حتى في الرياض في أن تذكر أسمائهم في الإعلام، خشية تعرضهم أو تعرض عائلاتهم للتضييقات.