كتاب عربي 21

حل روابط الألتراس .. ماذا يعني؟

1300x600
ولأنه لم يعد هناك داعِ لتلك الأسماء الأمنية التي لا يمكنك أن تتذكرها مثل (ائتلاف دعم مصر) أو (حزب الدولة المصرية) وما إلى ذلك من أسماء كيانات دشنتها الأجهزة الأمنية قبيل انتخابات برلمان العسكر التي لم يحضرها أحد. وعلى الرغم من أنه جرى التغاضي عن هذا (الافتعال) من قبل القوى الداعمة للانقلاب، إلا أنه من الواضح أن هذا الافتعال لم يعد يصلح، ولذا جرت عسكرة حزب الوفد الفاقد لأي ظهير شعبي، وعينوا به المتحدث العسكري السابق وذلك من أجل صناعة معارضة تحت السيطرة. 

الخطوة الأخطر التي واكبت عملية تأميم حزب الوفد هي حل روابط التراس الأهلي والزمالك منذ عدة أيام وهو إجراء جاء بعد ضغوط أمنية كما صرح بعض أعضاء روابط الألتراس لموقع "عربي21"، وبالنظر إلى الدور الذي قامت به روابط الألتراس في احتجاجات 25 يناير، فيمكننا القول إن هذه الخطوة هي أحد أهم انتصارات الانقلاب، بل ربما كانت أهمها على الإطلاق. 

الانقلاب العسكري يحاول إغلاق كل ملفات ما بعد 25 يناير، ويمارس سياسة إطفاء الأنوار، ويتخلص من كل ما يصدر صوتاً، ويسكت كل ما يمكن أن يسبب له صداعاً. والساحة السياسية الآن في مصر تتجه إلى مرحلة ما قبل 25 يناير حيث كان بإمكانك انتقاد الوزراء بينما لا يمكنك الاقتراب من شخص حسني مبارك. 

والانقلاب الآن يتجه بثقة وبخطوات ثابتة إلى هذه المرحلة بعد أن ظل فترة طويلة يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى. وقد تشجع بسبب انعدام وجود رد فعل على قرارات مرعبة اتخذها، مثل رفع الأسعار أكثر من مرة، ومثل زيادة أسعار تذاكر المترو، وهي قرارات نرى مثيلتها في الأردن وقد حركت الشارع وأثارت حركة هائلة من الاعتراض، بينما ظل الشارع في مصر ساكناً نتيجة للفراغ السياسي الذي لم تتسبب فيه فقط قرارات الانقلاب العسكري القمعية، ولكنه نتج عن انعدام رؤية من يديرون الحراك وتخبطهم. 

والانقلاب يدرك تماماً أن غياب الإخوان المسلمين ككيان سياسي عن المشهد قد تسبب في حالة من الجمود عطلت كل شيء وأصابت كل شيء بالركود. وقد أدرك ذلك مع بداية مسرحية انتخاباته الانقلابية بعد رحلة البحث عن منافس، ولهذا فالانقلاب العسكري ربما يسعى لحرث الأرض الحزبية في حزب الوفد عساها تنتج بعض الثمار الطبيعية مما يعوض غياب الخصم الرئيسي في نهاية فترة السنوات الأربع، وإن صح هذا فهو يكشف عن نية قائد الانقلاب في الاستمرار إلى الأبد وربما توريث ابنه تأسياً بالمخلوع. 

إن خطوة حل روابط الألتراس، ولو أن الضغوط الأمنية واضحة فيها، إلا أنها تكرس لمرحلة جديدة من السيطرة العسكرية على أوجه الحياة السياسية في مصر. فالألتراس هو مفتاح الشارع في مصر بدون أي مبالغة خصوصا مع غياب الرؤية عن المعارضة الموجودة على الساحة أو عن أغلبها.  

ويمكننا القول الآن إنه لا يوجد طرف في مصر الآن قادر على تحريك الشارع. فالانقلاب العسكري لا يملك شعبية يتحرك لها الشارع ولو دعى قائد الانقلاب للتظاهر لما لبى أحد ولنكشف أمام الجميع، ولهذا يتحاشى هذه الخطوة. كما أن المعارضة لا يملك معظمها ظهيرا شعبياً يمكنه من تحريك الشارع. ومن ناحية أخرى، فالشارع نفسه رغم غضبه من قرارات العسكر إلا أنه مصاب بالإرهاق وغير قادر على الحركة، بالإضافة إلى أنه لم ينجح أحد في تقديم رؤية تقنعهم حتى الآن.