مقالات مختارة

الثروة السيادية الخليجية

1300x600

أمر لافت ومقدر قدرة دول مجلس التعاون الخليجي للاحتفاظ برصيدها من الثروات السيادية، رغم هبوط أسعار النفط. وكانت أسعار النفط الخام قد هوت في منتصف 2014 وبقيت منخفضة على خلاف العادة. ومرد ذلك تعزيز عرض النفط العالمي في السوق العالمية، خصوصا النفط الصخري الأمريكي.

لكن بدأ التحسن على أسعار النفط في الآونة الأخيرة على خلفية قرار منظمة أوبك بخفض الإنتاج النفطي للدول الأعضاء، فضلا عن انضمام روسيا لتوجه الحد من الإنتاج. تعد روسيا ثالث أكبر بلد منتج للنفط الخام بعد السعودية والولايات المتحدة.

وحسب أحدث إحصاءات معهد الثروة السيادية، فقد بلغت قيمة صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي بصورة مجتمعة نحو 2.9 تريليون دولار مع نهاية يونيه 2017 أو بداية النصف الثاني للسنة. وهذا يعني أن حجم الثروة السيادية لم يتغير منذ سبتمبر 2015 عبر التراوح ما بين 2.9 تريليون دولار أو 2.8 تريليون دولار ولكن ليس أقل من ذلك.

أمر مثير سيطرة دول مجلس التعاون على قرابة 39 بالمئة من الثروة السيادية على مستوى العالم، الأمر الذي يؤكد الدور المحوري للمنظومة الخليجية في هذا المجال الحيوي. تقترب هذه النسبة مع الاحتياطات النفطية لدول مجلس التعاون فيما يخص الاحتياطي العالمي.

لا غرابة، تساهم الإمكانات النفطية بأكثر من نصف وتحديدا 56 بالمئة من الثروات السيادية. مؤكدا، يوجد دور واضح للمنظومة الخليجية في هذا المجال والحال كذلك بالنسبة للنرويج. تتميز النرويج بتوظيف نسبة ضئيلة من العوائد النفطية سنويا مع الاحتفاظ بالسواد الأعظم للأجيال القادمة على اعتبار أن الثروات الوطنية ملك لكل الأجيال.

صحيح يوجد عجز في موازنات غالبية دول مجلس التعاون الخليجي، لكن أمر لافت اللجوء لخيارات غير السحب من الاحتياطي العام أينما كان ممكنا لتغطية النقص المالي. الاستثناء لفترة كان عبارة عن حاجة السعودية لتمويل الحرب في اليمن والتي تزامنت مع تراجع إيرادات الخزانة العامة.

تعزيز الإيرادات

لكن حصل تحسن مع تعزيز الإيرادات من خلال الرسوم الجديدة وإعادة هندسة قيم المنتجات مثل المشتقات النفطية إضافة إلى خيار الضرائب. وكانت السعودية أول دولة في مجلس التعاون الخليجي تبدأ بتطبيق الضريبة الانتقائية في شهر يونيه على السجائر ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية. كما قررت الرياض تطبيق ضريبة القيمة المضافة مع بداية 2018.

بدورها، بدأت الإمارات بتطبيق الضريبة الانتقائية في شهر أكتوبر، كما أقرت ببدء ضريبة القيمة المضافة بواقع 5 بالمئة انطلاقا من شهر يناير 2018. وربما تبدأ البحرين بتطبيق الضريبة الانتقائية في 2018.

بيع سندات

عودة للسعودية، لجأت المملكة لخيار الذهاب لأسواق المال الدولية عبر بيع السندات مستفيدة من معدلات الفائدة المتدنية. ففي شهر سبتمبر، تمكنت السعودية من بيع سندات بقيمة 12.5 مليار دولار عبر شرائح تمتد حتى 30 عاما، ما يعني تلبية الرغبات المختلفة للمستثمرين الدوليين. وفي شهر أبريل، حصلت السعودية على 9 مليارات دولار من بيع السندات. تندرج هذه الجهود في إطار معالجة عجز مالي قدره 53 مليار دولار في السنة المالية 2017.

كما لجأت دول أخرى بما في ذلك قطر والبحرين وعمان إلى استصدار سندات في الأسواق الدولية مستفيدة من توافر الإمكانية في ظل معدلات الفائدة المتدنية.

ختاما، يمكن الزعم بأن دول مجلس التعاون حسمت خياراتها في التأقلم مع معضلة انخفاض أسعار النفط؛ عبر تعزيز الإيرادات من خلال الرسوم وفرض الضرائب وإصدار السندات الدولية، إضافة إلى تقليص النفقات العامة، وليس بالضرورة السحب من الاحتياطي العام.

 

الشرق القطرية

 

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع