نشرت مجلة "تايم" الأمريكية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى تأثير الأفلام المخيفة على صحة الإنسان. ومن المثير للدهشة أن حالة خفقان القلب والفزع التي تسببها هذه الأفلام تتسم ببعض الفوائد الصحية، من بينها حرق السعرات الحرارية وتحسين مزاج الفرد عقب انتهاء الفيلم.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن درجة التأثير الإيجابي لأفلام الرعب على صحة الإنسان، وخاصة كمية السعرات التي يمكن حرقها في أثناء متابعة فيلم الرعب، تعتمد بالأساس على درجة الخوف التي تصيب الفرد في أثناء المشاهدة، ونوع الفيلم، فضلا عن مدى رغبتك في التعرض لتجربة مفزعة تجعل قلبك يكاد يقفز من مكانه.
وتطرقت المجلة إلى دراسة أجريت حول هذه الظاهرة في سنة 2012، التي وقع تمويلها من قبل شركة "لوف فيلم" لخدمة مشاهدة الأفلام المدفوعة، والتي أشرف عليها باحثون من جامعة وستمنستر في المملكة المتحدة بمشاركة عشرة متطوعين. وفي خضم الدراسة، قام المتطوعون بمشاهدة عشرة أفلام رعب مختلفة، في حين تمت مراقبة نسق ضربات قلوبهم ومستويات استهلاك الأوكسجين وإفراز أوكسيد الكربون، لقياس تأثير الأفلام على وظائف الجسم.
وذكرت المجلة أن فيلم "ذي شايننغ" (البرّاق) للممثل جاك نيكلسون قد احتل المرتبة الأولى على اعتباره أكثر الأفلام إثارة للفزع، فضلا عن أنه الأكثر مساعدة على حرق السعرات الحرارية في الجسم. فقد خسر الأشخاص الذين تابعوه 184 سعرة، وهو ما يعادل تقريبا ما يحرقه شخص بالغ يبلغ وزنه 70 كيلوغراما خلال 40 دقيقة من المشي، وذلك حسب ما أكدته الجمعية الأمريكية للرياضة والنشاط البدني. ويأتي في المرتبة الثانية والثالثة على التوالي فيلم "جاوس" (فك القرش) وفيلم "ذو أكسورسيست" (طارد الأرواح)، حيث أحرق متابعو الفيلمين 161 و158 سعرة حرارية في أثناء مشاهدتهما.
ونقلت المجلة عن الدكتور ريتشارد ماكينزي، المشرف على هذه الدراسة والأستاذ في جامعة روهامبتون في لندن، أن "أفلام الرعب التي تمثل مصدر توتر وضغط عصبي، تؤدي لإفراز هرمون الأدرينالين، الذي يفعّل بدوره حالة الاستعداد والاستنفار في الجهاز العصبي للإنسان، التي تسمى "غريزة القتال أو الهروب".
وأضاف ماكينزي أن "هذا الشعور يتسبب في تسارع دقات القلب، كما يدفع الجسم لاستهلاك الطاقة الاحتياطية المخزنة، للاستعداد للقتال أو الهروب، حسب ما تستدعيه الحاجة".
وأفادت المجلة أن هذه الدراسة لم تكن معمقة كما لم يتم إجراؤها على نطاق واسع، وبالتالي لم يقع نشرها في أبرز المجلات العلمية المهتمة بهذا المجال. ولكن هناك دراسات أخرى توصلت إلى أن أفلام الرعب لها فوائد صحية. فقد بينت دراسة أجريت في سنة 2003، في جامعة كوفنتري البريطانية، وتم نشرها في مجلة "ستراس"، أن أفلام الرعب تعزز من نشاط كريات الدم البيضاء المقاومة للأمراض والالتهابات في جسم الإنسان.
وأوردت المجلة وجهة نظر فردوس دابهار، أستاذة علم النفس والسلوك في جامعة ميامي، التي أكدت أن "التعرض لتجربة رعب قصيرة المدى، يمكن اعتبارها بمنزلة حالة من التوتر الإيجابي. وفي حين أن التوتر العصبي على المدى الطويل غير منصوح به لأنه يسبب الاكتئاب والنوبات القلبية، إلا أن التعرض للتوتر لفترات محدودة مثل مشاهدة فيلم رعب من شأنه أن ينشط الجهاز المناعي للجسم".
من جهتها، أوردت الدكتورة مارجي كيير، الباحثة في علم النفس والخوف، ومؤلفة كتاب "مغامرات مرعبة في علم الخوف"، أن "التعرض للتوتر وجملة من المحفزات السلبية لفترة محدودة، قد يحسن المزاج والشعور العام لدى الإنسان بشكل ملحوظ، وغالبا ما يتم ذلك من خلال ممارسة أنشطة معينة على غرار مشاهدة فيلم رعب أو زيارة منزل مسكون بالأشباح أو حديقة احتفال بعيد الهالوين، أو القفز بالحبال من الأماكن المرتفعة (لعبة البانجي)".
وأردفت الدكتورة كيير أنه "بعد تجربة مخيفة يشعر الأشخاص عادة بشيء من الاسترخاء والسعادة وانخفاض مستوى التوتر العصبي، ويرتبط ذلك بالرسائل العصبية والهرمونات التي يقع إفرازها في أثناء التجربة المخيفة. وإثر خوض مثل هذه التجربة بشكل طوعي، يشعر الإنسان بالرضا عن النفس والإشباع النفسي".
ولكن في المقابل، شددت المجلة على أن بعض التجارب أو الأفلام المرعبة قد تتجاوز طاقة احتمال الأطفال، حيث أثبتت دراسة أجريت في جامعة ميتشيغان أن 26 بالمائة من الطلبة الذين شاهدوا مواد إعلامية صادمة في أثناء طفولتهم، عانوا لاحقا من حالة توتر مزمنة. وبالتالي، من الضروري أن ينتظر الوالدان إلى أن يخلد الأطفال للنوم، قبل الاستمتاع بمشاهدة فيلم رعب وحرق بعض السعرات الحرارية لإنقاص الوزن.