نددت أوساط محلية وآشورية في محافظة
الحسكة، شمال شرق
سوريا، بحادثة مقتل الأكاديمي إلياس كيفاركيس إسحق، العميد السابق لكلية الزراعة بجامعة الفرات في المحافظة، وسط ظروف غامضة.
ومساء السبت، وبعد يومين من اختطافه من قبل مجهولين، في محافظة الحسكة، التي يتقاسم كل من النظام السوري والوحدات الكردية السيطرة عليها، عُثر على جثة إسحق مرميا على إحدى الطرق الواصلة بين المحافظة ومدينة تل تمر، وهو مصاب بطلقة في الرأس.
وأدان المرصد الآشوري لحقوق الإنسان الحادثة، محملا في بيان وصلت "
عربي21" نسخة منه، النظام السوري، و"مليشيات الإدارة الذاتية الكردية" مسؤولية "الجريمة النكراء"، مطالبا إياهم بالكشف الفوري عن الجناة وتقديمهم للعدالة.
وقال المرصد، إن "جريمة من هذا النوع، تعتبر استهدافا مباشرا للمكون الآشوري/ المسيحي في سوريا، الذي يتعرض منذ سنوات لعمليات تستهدف وجوده، وهي جريمة بهدف اقتلاع هذا المكون من جذوره التاريخية".
واستبعد مدير المرصد الآشوري، جميل دياربكرلي، وقوف دوافع مالية وراء الجريمة، وقال لـ"
عربي21"، إن طريقة القتل وحيثيات الجريمة تثبت أن القتل كان بدوافع "إثارة الفتنة"، على حد تقديره.
وأوضح، أن إسحق تلقى رصاصة متفجرة في خلفية الرأس من سلاح عسكري، ما أدى إلى تشوه كبير في معالم الوجه، إلى الحد الذي صعب معه التعرف على صاحب الجثة.
ورفض دياربكرلي الإشارة بأصابع الاتهام إلى جهة معينة، لكنه في الوقت ذاته ألمح إلى أمر اعتبره "أكثر خطورة من الجريمة ذاتها"، وهو "خلق فتنة في المنطقة".
واستطرد قائلا: "مقتل إسحق الذي اختفى قبل يومين في مدينة الحسكة التي يتقاسم النظام والوحدات الكردية السيطرة عليها؛ إنما هي رسالة من الجناة تقول للآشوريين، إنكم جميعا في دائرة الخطر، وأنكم الحلقة الأضعف".
وعن موقف إسحق من الثورة السورية، رد دياربكرلي، قائلا: "كان من الشخصيات التي أخذت الحياد نهجا لها، كما هو موقف
الآشوريين بشكل عام"، على حد تأكيده.
من جانب آخر، أشار مدير "المرصد الآشوري لحقوق الإنسان"؛ إلى إعفاء إسحق من منصب عميد كلية الزراعة بجامعة الفرات قبل عام من الآن، وذلك في أعقاب فرض الوحدات الكردية سيطرتها على الكلية.
وإلى أن تكشف ملابسات الجريمة، اتهم الناطق الرسمي باسم "المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية"، مضر حماد الأسعد، من مدينة الحسكة، الوحدات الكردية بمقتل إسحق، بهدف إرهاب الآشوريين، وحمل القلة القليلة المتبقية منهم في محافظة الحسكة على الهجرة، إلى خارج البلاد، على حد قوله.
وأول ما يمكن التطرق إليه، من وجهة نظر حماد الأسعد، هو الظهور المفاجئ لمليشيات "السوتورو" الآشورية، المرتبطة بالوحدات الكردية والنظام السوري، التي حاولت "توريط الآشوريين في الصراع الدائر في سوريا، بعد أن كانوا بموقف محايد"، على حد قوله.
ومن هنا، يربط حماد الأسعد بين مقتل إسحق، وموقفه الرافض لتوريط الآشوريين، ويقول لـ"
عربي21": "لقد كان له موقف واضح، من دخول الوحدات الكردية إلى القرى الآشورية، وكان أيضا من القلة التي ناصبت العداء لسياساتها".
وحسب حماد الأسعد، فإن إسحق رفض الهجرة إلى خارج سوريا، وفضل البقاء على الرغم من خطورة ذلك على حياته.
وفي ذات السياق، نعى أستاذ الإعلام بجامعة دمشق، غازي عبد الغفور، إسحق، على صفحته الشخصية "فيسبوك"، قائلا: "قدر الجزيرة السورية أن تفقد خيرة شبابها، فمنهم من طالته يد الغدر، ومنهم من تقطعت به السبل ليتغرب قسرا، في الأمس اغتالت أدوات الإرهاب زميلنا الدكتور إلياس اسحق عميد كلية الزراعة سابقا في مدينة الحسكة. إن جريمة إسحق أنه رفض مغادرة أرض أجداده ومحافظته الحسكة، لم يكن بمقدوره العيش بعيدا عن قرى الخابور الآشورية التي عشقها وعشقته".
وطبقا لمصادر إعلامية، فإن إسحق، المولود في قرية "تل شاميرام" بريف الحسكة عام 1959، كان قد نال درجة الدكتوراه في أمراض النباتات، من الجامعات البولندية، كما حاز على الجنسية البولندية تكريما له، على إثر اكتشافه غير المسبوق لنوعين من الأمراض التي تصيب جذور نباتات المحاصيل الحقلية.