أثار سيل التصريحات والتهديدات
الإسرائيلية، الموجهة للجندي الأردني
أحمد الدقامسة، عقب الإفراج قبل يومين، تساؤلات حول جدية هذه التهديدات، وما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية، ستضع الدقامسة في بنك أهدافها لاغتياله.
وقال النائب أورن حزان عن حزب الليكود المتزعم للحكومة الإسرائيلية إن الدقامسة "إذا لم يتم اعتقاله فإن دمه سيكون في رأسه" في تهديد صريح ودعوة واضحة لقتله.
وأضاف حزان أن "الدقامسة قاتل مع إيصالات، ودعوته إلى تكرار قتل إسرائيليين تجعل الأمر مقبولا، وبذلك فهو يشكل خطرا على النظام العام في الأردن أيضا".
وانضم لجوقة التهديدات نائب وزير الإسكان جاكي ليفي، الذي رأى عودة الدقامسة حيا إلى بيته، أمرا "مؤلما" بعد قيامه، كما قال، بـ"عملية ذبح وحشية ضد فتيات خلال نزهة في جزيرة السلام".
وعلى الطرف الآخر، يرى الكاتب الأردني محمد أبو رمان أن "الهاجس الرئيسي للدوائر الرسمية في الأردن يكمن في ضمان سلامة وأمن الدقامسة خلال الفترة المقبلة وربما لما تبقى من حياته".
وأوضح أبو رمان في مقاله بصحيفة "الغد" المحلية اليوم، أن الهاجس الأردني، ينبع من إدراك عميق "لطبيعة العقلية الإسرائيلية التي تلجأ عادة للاغتيالات للتعامل مع الخصوم والاعداء"، مضيفا أنه "وبلا شك فإن الرغبة الإسرائيلية، موجودة وقائمة، لكن ما قد يحول دون تحقيقات الأبعاد السياسية بين الأردن وإسرائيل".
ولفت أبو رمان إلى أن أي قرار باغتيال الدقامسة، سيكون على أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية، لأنهم يدركون حجم التداعيات السياسية والأمنية والشعبية المترتبة على هكذا قرار.
وبمراجعة التاريخ الإسرائيلي في
اغتيال الشخصيات الفلسطينية والمقاومة لها وسبق لها تنفيذ عمليات وقتل إسرائيليين، فإن عدد من احتفظت بهم إسرائيل على قائمة الاغتيال في بنك أهدافها بانتظار لحظة مناسبة للتنفيذ، الشهيد الفلسطيني عمر النايف الذي اغتيل في العاصمة البلغارية صوفيا بعد ملاحقة قرابة استمرت قرابة 25 عاما وانتهت باغتياله.
وكان النايف نفذ عملية قتل لمستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية عام 1986 وحكم عليه بالمؤبد لكنه تمكن من الفرار عام 1990 من سجن إسرائيلي ومنذ ذلك الوقت تحاول إسرائيل النيل منه إلى أن تمكنت من ذلك في بلغاريا عام 2015.
دائرة الخوف
الإعلامي الأردني والمختص بشؤون الأسرى والمفقودين في سجون الاحتلال خضر المشايخ استبعد إقدام الاحتلال على اغتيال الدقامسة لأن القرار كما يرى، تحكمه جملة من المحددات التي تعيق الجانب الإسرائيلي.
وقال المشايخ لـ"
عربي21" إن الدقامسة ليس الشخصية الأولى التي تنفذ عملية ضد الاحتلال وتوقع في صفوفه قتلى ويتم الإفراج عنه، فقد حصل ذلك من قبل مع الأسيرين الأردنيين المفرج عنهما سلطان العجلوني وأحلام التميمي، ولا يعني أن كل شخص قتل إسرائيليا هو على قائمة الاغتيال مع الحذر من اللامبالاة في الاحتياط الأمني.
ولفت إلى أن استهداف الشخصيات بالاغتيال، ليست قضية مفتوحة، يمكن أن يبادر إليها الاحتلال بسهولة، والأمر يخضع لقرارات على مستويات حكومية وأمنية معقدة قبل إقراره.
ورأى المشايخ أن الجانب الإسرائيلي الآن، يعمد إلى التجييش والتحريض، لغايات "امتصاص غضب الشارع عنده، ومحاولة سحب البساط من تحت أقدام أهله والمتضامنين معه لتحجيم أي مظاهر احتفالية بالإفراج عنه".
وأضاف: "البعد الإعلامي في التحريض على قتله يهدف أيضا للإيحاء أن الدقامسة مراقب وترصد تحركاته لإبقائه في دائرة من الخوف والحذر وجعل حركته أمرا بالغ الصعوبة ومحاطا بإجراءات تقيده".
وقال إن الاحتلال "يهدف كذلك لإيصال رسالة للدقامسة ومن هم مثله أن السجن هو المكان الأكثر أمنا بعيدا عن أيدينا".
وأشار إلى أن اليومين الماضيين شهدا في بلدة الدقامسة "توترا أمنيا وارتباكا شديدا كان واضحا، وهو ما يمكن أن يؤثر على حياته بعد السنوات الطويلة التي قضاها في السجن"، لكنه رأى أن "هناك مبالغة في حجم المخاوف من ارتكاب إسرائيل لحماقة باغتياله في ظل أن محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان ما زالت ماثلة أمام بنيامين نتنياهو ودفع فيها ثمنا أمنيا وسياسيا باهضا".
وعلى الرغم من استبعاد المشايخ لأي تصرف إسرائيلي تجاه الدقامسة، إلا أنه في الوقت ذاته قال إن إسرائيل "تتعامل مع أي أرض على أنها مباحة، وإذا ما قررت تنفيذ اغتيال لأحد ربما تلجأ لوسائل تضمن هدوء العملية وأقصى درجات السرية كما حصل مع الشهيد محمود المبحوح في الإمارات عبر حقنه بمادة سامة".
من جانبه قال المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر إن فلفسة الاغتيالات الإسرائيلية تعتمد على عدة أسس لاتخاذ القرار بالتنفيذ والمضي فيه.
أولوية بنك الأهداف
وقال أبو عامر لـ"
عربي21" إن إسرائيل تهتم بالظرف السياسي، ومكان تنفيذ العملية، بالإضافة إلى عامل مهم وهو الشخص نفسه ومدى أهميته.
وأوضح أن عملية اغتيال يخطط الموساد لتنفيذها في بلد أوروبي تختلف عن أخرى في بلد عربي، مشيرا إلى أن العلاقات الاستخبارية ومصادر المعلومات التي يحصل عليها في دولة غربية أفضل بكثير من أماكن أخرى وأكثر أمانا لتنفيذ الاغتيال.
وأوضح أن حالة الجندي الأردني أحمد الدقامسة إذا ما فكر الاحتلال باغتياله فإن العملية صعبة نظرا لوجود معاهدة وعلاقات سياسية وتبعات كبيرة قد لا ترغب إسرائيل بدفع تكاليفها في هذه المرحلة.
ولفت إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تنفذ عمليات الاغتيال لديها بنك أهداف مرتب حسب الأولويات يحتوي على كافة الأصناف التي تعادي إسرائيل بدءا من المقاومين المسلحين وانتهاء بالعاملين في حملات المقاطعة الاقتصادية.
وشدد على أن الظرف السياسي هو الذي يتحكم بنوعية الهدف ومقدار الفائدة من الاغتيال وما هي خلفية الاغتيال وهل هي لغرض أمني ملح أم لدوافع سياسية انتخابية كما حصل مع اغتيال القائد العسكري لكتائب القسام في غزة أحمد الجعبري عام 2012.
وعلى صعيد العامل الزمني، قال أبو عامر إن الاحتلال لا يهتم للعامل الزمني بقدر ما يهمه نجاح العملية والتخلص من الهدف المطلوب، مشيرا إلى أن أجهزة الاستخبارات لا تتعامل بناء على ردات الفعل بل على أساس خطط وتوقيتات تراها ملائمة.
وكانت السلطات الأردنية أفرجت عن الجندي السابق أحمد الدقامسة بعد نحو 20 عاما قضاها في السجن بعد قتله 7 إسرائيليات داخل منطقة الباقورة الأردنية في الأغوار عام 1997.