ملفات وتقارير

العالم يحتفل بعيد المرأة.. لكن بماذا يحتفي العرب؟

أي عيد للمرأة العربية؟ - أرشيفية
أي عيد للمرأة العربية؟ - أرشيفية
يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار/ مارس من كل عام، لكن هل يحق للدول العربية الاحتفاء بيوم المرأة، في ظل ما تعانيه نساء فلسطين وسويا والعراق واليمن ومصر من قتل واغتصاب وتنكيل وتشريد ولجوء، وسجن وسحل، وفقر ومرض، وحياة تحت قصف المدافع والطائرات؟

تمثل المرأة العربية نحو 195 مليون نسمة؛ مشكّلة نحو نصف عدد سكان الدول العربية، فيما تشكل المرأة حوالي 80 في المئة من نسبة النازحين واللاجئين بسبب الحروب بالعالم العربي، حسب إحصاء منظمة المرأة العربية.

ففي سوريا، شردت الحرب الدائرة في سوريا 11 مليون سورى، داخل وخارج بلادهم، حسب مفوضية شؤون اللاجئين، وبلغ عدد النازحين في اليمن داخليا نحو 2.8 مليون شخص، وفي العراق بلغ نحو 4.4 مليون نازح داخليا، حسب تقرير الأمم المتحدة 2015.

وبينما تعاني اللاجئات العربيات من مخاطر العنف الجنسي والزواج المبكر والاتجار بالبشر، تتعرض المرأة العربية بشكل عام للانتهاكات والعنف الجسدي. وتصدَّرت مصر قائمة الدول العربية الأكثر ممارسة للعنف ضد المرأة عام 2015، تليها العراق والسودان واليمن وجيبوتي والسعودية، حسب مؤسسة "تومسون رويترز" البريطانية.



وانتقدت الناشطة والإعلامية المصرية صفية سري، عبر صفحتها على فيسبوك، المحتفلين بيوم المرأة، وقالت: "بعدما شردوها بفلسطين، وقتلوها واغتصبوها بالعراق وسوريا، وسحلوها وسجنوها في مصر وقهروها باليمن؛ بكل بجاحة يقولون لها يوم نحتفل به".

وسخرت الناشطة عزة إبراهيم بقولها، عبر فيسبوك: "النهاردة عيد المرأة المقهورة المظلومة المسحولة المعتقلة المغتصبة المذلولة والكادحة".

أنظمة فاشية

وقالت الكاتبة الصحفية، أسماء شكر: "بينما تحتفل المرأة في العالم بيومها العالمي وتطالب بالمزيد من الحقوق والحريات، تجد المرأة العربية نفسها تحت معاناة شديدة بسبب الأنظمة القمعية وخاصة بعد ثورات الربيع العربي".

وأضافت شكر لـ"عربي21": "بعد سرقة الثورات العربية، فتكت الأنظمة بالمرأة الحرة التى طالبت بمحاسبة الأنظمة وحلمت بالحرية لبلادها؛ فحرموها حقها في الحياة كباقي نساء العالم".

واعتبرت شكر أن "المرأة العربية تعاني الآن أصعب فترات الديكتاتورية"، وأشارت إلى "عمليات القتل والسحل والخطف والاغتصاب للنساء"، على يد من أسمتهم بـ"قادة الأنظمة الفاشية".



عصور الردة

من جهتها، أكدت المنسقة العامة للتحالف الثوري لنساء مصر، الدكتورة منال خضر، أن "المرأة العربية فى حقبة الحكام المستبدين؛ تعيش عصور ردة في الحقوق والحريات لم تشهدها من قبل".

وقالت لـ"عربي21": "الأنظمة الاستبدادية قررت عقاب الشريك الأصيل في الثورة ضدها". وأوضحت أنه "فى سوريا، قتل النظام آلاف الأطفال أمام عيون أمهاتهم، بجانب آلاف الأزواج"، مضيفة: "وهكذا الحال في العراق وليبيا واليمن".

كما أشارت إلى "ما تعيشه المرأة الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي"، واصفة إياها بـ"المحاصرة والمقتول أبناؤها والمغتصبة أرضها".

وأضافت: "إذا ابتسمت المرأة فإن ابتسامتها تعني السعادة والخير للعالم"، متسائلة: "كيف تعيش وصغارها يملؤون الدنيا صراخا حولها؛ جوعا وخوفا وقهرا؟". وتابعت متعجبة: "بمن يحتفلون؟".

ولفتت خضر إلى أن "حلم المرأة العربية هو كيفية الحفاظ على حياة أبنائها وزوجها، وأن تجد ملاذا آمنا يحميهم من أنظمة فاشية"، مشيرة إلى تقرير الأمم المتحدة الذي أكد أن حال المرأة السورية والمصرية هو الأسوأ في البلاد العربية، على مستوى حقوق الإنسان.



واستعرضت خضر وضع المرأة المصرية بشكل خاص، وقالت: "تم اعتقال أكثر من ثلاثة آلاف مصرية، وهناك 31 معتقلة حاليا، و11 مختفية قسريا، مع كثير من حالات الاغتصاب الموثقة داخل مدرعات الجيش وفي السجون، إلى جانب آلاف منهن يقفن أمام السجون يوميا لزيارة أكثر من 65 ألف معتقل، بينما أصبحت هي العائل الوحيد للأسرة"، كما قالت.

وتابعت: "في عام 2017 الذي أعلنه النظام الفاشي في مصر عاما للمرأة، تشترى المصريات عظام الدجاج والسمك وبقايا الطعام، وتنافس الكلاب والقطط في طعامها؛ لإطعام أسرتها"، بحسب تعبيرها.

وأشارت إلى الحالة الهستيرية التي ظهرت عليها سيدة من الإسكندرية بعد قرار وزير التموين تخفيض حصة العيش من خمسة إلى ثلاثة أرغفة".



منظومة قمعية

وترى الإعلامية السورية، نور الهدى مراد، أن "الاحتفال بعيد المرأة في بلداننا يأتي منفصلا عن الواقع تماما".

واتهمت نو الهدى "الحركات النسوية والمطالبة بحقوق المرأة، بالعمل بعيدا عن المرأة"، واصفة إياها بأنها "تكلم نفسها أمام المرآة، حين تعقد المؤتمرات بفنادق الخمس نجوم، وتطلق الحملات عبر منصات يصعب على النساء تحت القذائف أو اللواتي أنهكهن الفقر والتشرد، الوصول إليها"، وفق تعبيرها.

وأضافت مراد لـ"عربي21": "أن أزمات الحروب واللجوء والاعتقال وضعت المرأة العربية أمام مسؤوليات جمة؛ وجدت نفسها بمواجهتها في غياب الأب والزوج المقاتل والمعتقل والهارب من القمع"، مشيرة "للحاجة إلى دراسات وإجراءات سريعة وفاعلة لمساعدة النساء وفهم احتياجاتهن وحمايتهن من الاستغلال".



وقالت: "يجب تغيير الظروف المحيطة بالنساء، قانونيا واجتماعيا، لنستطيع بعدها أن نحثهن على تغيير ظروفهن الخاصة، فلا يمكن لامرأة في مجتمع مغلق أن تتمرد للحصول على حقوقها، ولا يمكن لامرأة معنّفة أن تغير واقعها ما لم تتغير الظروف القانونية".

وتساءلت قائلة: "كيف يمكن أن نتوقع وضعا أفضل للمرأة ضمن المنظومة القمعية للدولة التي تضطهد الذكر أصلا، وتهضم حقوقه وتعرضه للأذى النفسي والجسدي وللجروح في كرامته، ومن ثم يدخل المجتمع كله في حلقة مفرغة من الاضطهاد وتفريغ شحنات العنف هذه تجاه الأخت والزوجة والأولاد؟"، وفق قولها لـ"عربي21".
التعليقات (0)