علقت المديرة السابقة لمؤسسة "بن الدولية" للدفاع عن حقوق التعبير فرانساين بروز، على تصريحات مدير الاستراتيجيات في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب،
ستيف بانون، ضد
الصحافة التي طالبها بأن "تغلق فمها"، بأنها شكل من أشكال التهديد.
وتقول بروز في مقال نشرته صحيفة "الغارديان"، إن "أي شخص يهتم باللغة شعر بالرعب من وقاحة خطاب ترامب، وبلطجية الأوامر التي أصدرها هو وشلته، حيث أمر الأمريكيين باتباع ما يريدونهم أن يؤمنوا به، ومع ذلك فلا نزال ندهش من كل تصريح بلطجي، وكان آخرها من مدير الاستراتيجيات في البيت الأبيض ستيف بانون، الذي اقترح فيه أن على الإعلام الذي (أهين) أن (يغلق فمه)".
وتستدرك الكاتبة بأنه "رغم أن الإعلام الرسمي لم يعط فرصة للعثور على طريقة متوازنة لتغطية أكاذيب الرئيس، إلا أن البلد راقب مذيع شبكة (أن بي سي) تشاك دود وهو يشعر بالدهشة عندما قالت كيلي آن كونوي إن هناك (حقائق بديلة)، ولهذا السبب أصبحت كراهية الإدارة للإعلام عنيفة ومتهورة، وأصبح يشار إلى ترامب بين الإعلاميين على أنه (أكثر الأشخاص كذبا على وجه البسيطة)، فيما أكد المتحدث الإعلامي باسمه أنه يجب محاسبة الإعلام على تغطية الحقيقة".
وتقول بروز إن "ما يثير الدهشة في تعبيرات بانون هو النبرة، فأن تطلب من الإعلام أن يغلق فمه يعني أنك تهدده، وهذا يختلف عن قوله إنه يأمل بأن يقوم الإعلام بالتخفيف من نقده، ويقوم بالتدقيق في معلوماته، فعندما يأمر الإعلام بإغلاق فمه، يلمح بانون إلى أن ما سيقوم بفعله هو التقليل من مصداقية الإعلام وإسكاته، وأن يقوم هو بإغلاق فمنا".
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن بانون قال في مقابلة: "على الإعلام أن يخجل من نفسه ويهان، وأن يبقي فمه مغلقا، وأن يستمع ولو لفترة بسيطة"، وأضاف: "الإعلام هنا هو المعارضة، ولا يفهمون البلد، ولا يريدون أن يفهموا لماذا أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية".
وتورد الصحيفة أن مقالا للرأي، نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، لكل من روننيل أندرسون جونز وسونجا أر ويست، وكلاهما أستاذان جامعيان في القانون، ناقش محدودية التعديل الأول للدستور لحماية الإعلام، حيث تنص المادة الأولى على حراسة الحريات الدينية وحرية التعبير، مشيرة إلى تراجع احترام الرأي العام للإعلام الذي لم يعد مربحا، فيما أغلقت العديد من الصحف أبوابها، ولم تعد المحاكم ولا الحكومات مستعدة لحماية الصحافيين وتسهيل عملهم.
وتجد بروز أن "ما يثير القلق هو أن هذه الأشياء تحدث في وقت نحن بحاجة ماسة فيه للإعلام الحر وغير المتحيز؛ ومن أجل أن يخبرنا ويكشف لنا ما يقوم قادتنا بعمله، أو ما يحاولون إخفاءه بصفته سرا، ومن أجل محاسبة الحكومة على دعم مصالح الأغنياء، في وقت تعرض فيه صحة ورفاه الناس للخطر".
وتقول الكاتبة: "كشف لنا التاريخ عن السبب الذي يحول الحكومات الاستبدادية إلى أعداء حقودين على الإعلام، ولماذا يقوم قادتها عند وصولهم إلى السلطة، وبسرعة، بفرض رقابة وتجريم المعارضة".
وتعلق بروز قائلة: "من السهل تسيدك واضطهادك لشعب خائف محرم عليه القراءة (الكتابة أو الكلام)، شعوب استسلمت للكذب وتعيش في عزلة بسبب قلة المعلومات، نحن نعتمد على الإعلام ليغطي المعارضة الواسعة لخطط إدارة ترامب الخبيثة لتشكيل مستقبلنا، ودون الإعلام فإن كل واحد منا سيتوصل إلى نتيجة أننا وأصدقاؤنا وأقاربنا وزملاؤنا في العمل الوحيدون الذين لديهم تحفظ عميق حول الاتجاه الذي يتحرك باتجاهه البلد".
وتضيف الكاتبة: "ما علينا مراقبته هو كيفية رد الإعلام على هجمات ترامب وبانون وغيرهما من الذين يحاولون تشويهها وتهميشها وفرض الرقابة عليها أو قمعها، ومن النتائج الإيجابية لهذه الحملة الشرسة على الإعلام ألا يستمر التزام الصحافيين بتقرير الحقيقة مبنيا على رغبة السياسيين الطيبين".
وتتابع بروز قائلة: "قبل عدة سنوات شاهدت فيلما وثائقيا تحدث فيه عدد من الصحافيين لبيل مويرز، قالوا فيه إنهم ترددوا فيه بفحص المزاعم أن صدام حسين قد بنى ترسانة من أسلحة الدمار الشامل؛ لخوفهم من (فقدانهم القدرة للحصول على المعلومات)، فقد كانوا خائفين من المنع من المشاركة في مؤتمرات البيت الأبيض الصحافية والسفر مع الرئيس على (إير فورس وان)".
وتعلق الكاتبة قائلة: "لو حرموا من هذه التسيهلات، كما هدد ترامب وبانون أكثر من مرة، فإنهم سيتخلون عن ترددهم ويبدأون بالبحث عن أجوبة بأنفسهم، وفي الوقت ذاته فإنه يجب علينا أن نعمل ما بوسعنا لدعم الإعلام الحر، ويجب أن نشترك في الصحف والمجلات، ونتبرع للإذاعات ومحطات التلفاز التي نثق بها".
وتخلص بروز إلى القول: "علينا ألا نتعامل مع الصحافة المحايدة والصادقة كأنها أمر مفروغ منه حتى نكتشف أنها اختفت، وكلما طلب منا أشخاص، مثل ستيفن بانون، أن نغلق أفواهنا زادت الحاجة للحديث، وتأكيد حقوقنا الدستورية، وهي التحدث بحرية ونكتب ونقرأ الحقيقة".