مقالات مختارة

ما يزال الوقت مبكرا للاحتفال

عاصم منصور
1300x600
1300x600
لم يكد يسخن الكرسي الرئاسي تحت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في المكتب البيضاوي، إلا وأمسك بقلمه المذهّب أمام عدسات التلفزة والصحافة موقعا إحدى أولى قراراته الرئاسية، معلنا بداية النهاية لخطة أوباما الصحية، أو ما يعرف بقانون "أوباما كير".

طبعا، لا تخفى على أحد الرسالة الرمزية التي حاول ترامب إيصالها للأمريكيين من خلال هذا القرار، والمتمثلة بدفن مرحلة أوباما، من خلال شطب ما يعتبره هذا الأخير إنجازه الأبرز على الساحة المحلية.

فهذا القانون حاول من خلاله أوباما الانحياز للطبقات الأكثر فقراً ومرضا، على حساب الطبقتين الغنية والوسطى، من خلال إلزامية التأمين الصحي، الذي ترتب عليه حصول 20 مليون أمريكي على تأمين صحي كانوا قد حرموا منه فيما مضى؛ كما حصولهم على تغطية فحوصات الكشف المبكر، وغيرها من الخدمات الصحية التي رأى فيها البعض عبئا على دافعي الضرائب، وأقساط التأمين.

لذلك كله، لم تغب نظرات الشماتة عن وجه ترامب وفريقه، وجمهور المحافظين في الولايات المتحدة، وهم يتابعون مراسم الإعلان عن دفن هذا القانون الذي أرادوا به إعلان دفن مرحلة يعتبرونها "سوداء" في التاريخ الأمريكي. إلا أن موضوع إلغاء القوانين في دولة ذات تقاليد دستورية راسخة لا يتم بهذه السهولة، وقد تحتاج الإدارة الجديدة إلى سنوات للقضاء المبرم على هذا القانون. لكن ما أرادوه بهذا الأمر الرئاسي هو محاولة تفريغ القانون من مضامينه، ووضع العصي في دواليبه، من خلال تسهيل عملية التهرب من إلزامية التأمين، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر شباباً والأفضل صحة، ما سيؤدي حتما إلى رفع أقساط التأمين على الآخرين، وبالتالي نسف القانون من الداخل.

أعتقد أن حقيقة بدء الرئيس المنتخب لأعظم دول العالم رئاسته بالتعامل مع قانون التأمين الصحي، يؤشر بوضوح إلى مركزية هذا الموضوع على أجندات الدول. ويجب أن يكون هذا درسا للذين يتحدثون عن التأمين الصحي الشامل في بلداننا كما لو كان نزهة رقمية (من خلال رفع نسب المؤمنين)، غير مدركين لحجم الصعوبات التي ستواجه هذا المشروع، والفشل المحتم الذي ينتظره ما لم يدرس بطريقة علمية تأخذ بعين الاعتبار جميع عناصره الاقتصادية والاجتماعية والطبية.

قريبا، ستزول نشوة انتصار ترامب على أحد أهم قوانين الصحة في البلاد، ليجد نفسه وجها لوجه مع حتمية إيجاد بديل قد لا يكون في متناوله.
0
التعليقات (0)