قال عضو اللجنة المركزية لـ"حركة
فتح" محمد اشتية، المكلف من قيادة الحركة بصياغة برنامج البناء الوطني، لعرضه على المؤتمر السابع للحركة، في تصريح أنقله من جريدة الحياة اللندنية (عدد السبت 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري)، إن أحد أهم مخرجات المؤتمر، سيكون "المقاومة الشعبية الذكية"، مشيرا إلى أن هذا النوع من المقاومة سيكون أساسا لبرامج الحكومات
الفلسطينية المقبلة.
واحدة، واحدة: ما الداعي لعقد مؤتمر "مخرجاته" جاهزة ومعلنة؟ ثم من خوَّل السيد اشتية وشركاه ليضعوا "برامج الحكومات الفلسطينية المقبلة"؟، أم إن بقاء السلطة في يد "فتح" محسوم إلى يوم غير معلوم؟ وجدير بالتذكير هنا، أن المؤتمر السادس للحركة الذي أعقب اتفاق أوسلو كان قد تبنى "كافة أشكال
النضال"، وأثبتت الوقائع أن كافة أشكال النضال تلك لم تؤد إلا إلى "الفصال والجدال والهزل والهزال الذي صار مضرب الأمثال".
وأترك المايكروفون للسيد اشتية ليكشف العقلية التي ظلت سائدة في "فتح"، منذ أن فتح الله عليها بـ"غزة – أريحا": حركة فتح قامت على ثلاث علامات فارقة في التاريخ الفلسطيني، وهيئتها "صاحبة" المشروع الوطني الفلسطيني، و"صاحبة" النضال من أجل القرار الوطني المستقل، والحريصة على الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأنها ستواصل هذا الطريق حتى تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني.
معنى الكلام أعلاه، أن "فتح" تحتكر النضال والمشروع الفلسطيني، وبيدها وحدها تحقيق "الأهداف الوطنية"، والمؤتمرات الحزبية عادة، تراجع دفاتر الحسابات من حين إلى آخر، وتم التوقيع على اتفاق أوسلو في سبتمبر من عام 1993، فماذا فعلت "فتح" لتحقيق الأهداف الوطنية خلال العشرين سنة الماضية (دفاتر العشرين سنة التي قبلها ضاعت ما بين بيروت وتونس)؟
ويواصل اشتية الحديث وهو مفتوح الشهية: "هناك ثلاثة مركّبات للمؤتمر، وهي المشروع الوطني، والأشخاص القياديون الذين سينهضون بالحركة لتمكينها من حمل هذا المشروع، والكادر الفتحاوي الذي ينفّذ". دعونا من المشروع الوطني الهلامي، ولنتساءل: من هم القياديون الذين سينهضون بالحركة؟ الكادر الفتحاوي؟ يا لهوي! كيف للكادر الذي شل حركة فتح وجعلها قعيدة ومقعدة أن ينهض بها؟
هذا سؤال مهم إذا أخذنا في الاعتبار أن عدد من سيشاركون في المؤتمر المرتقب 1350 عضوا، على رأسهم أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري وممثلون للمجلس التشريعي و151 من العسكريين وجميع محافظي الأقاليم. ما علاقة هؤلاء بالمقاومة الذكية أو الغبية؟ وأين محمد دحلان الذي يهدد بكشف أمور يشيب لها الولدان؟ وهل سيبقى جبريل الرجوب رئيسا لاتحاد كرة القدم، أم إنه سيفوز ولو بمنصب عمدة طولكرم؟
والمقاومة الشعبية الذكية كما فهمها كل من قرأ تصريحات اشتية، ستكون من "تحت لـ تحت"، وأحسب أنه سيتم توزيع قيادات "فتح" إلى "قروبات" واتساب، بحسب وجاهة المنصب والعمر والولاء، وعضوية كل قروب تتبادل الاتهامات أو المدح، ولكن وعملا بالتقاليد الفتحاوية العريقة سيضم كل قروب عضوا أو أكثر من الأمن الوقائي (هذا جهاز لا يتبع لوزارة الصحة كما قد يتبادر إلى الذهن)، لضمان عدم قيام عناصر متفلتة، بإطلاق هاشتاقات تحرض على إشعال انتفاضة ثالثة.
ورغم أن قلبي ليس على "فتح" بأي حال من الأحوال، فإنني أتعامل معها كسلطة الأمر الواقع، ولا أريد لها أن تفشل في الوتسبة والهشتقة، ومن ثم أنصح المؤتمر السابع بإنشاء "شعبة التثقيف والدعم اللوجستي الثوري الذكي"، تكون مهمتها الإشراف على نقل القيادات المزمنة من عصر النوكيا إلى حقبة آيفونو غلاكسي، وإخضاعها لتدريب مكثف ليتعلموا أساليب النضال الثوري بالهواتف الذكية، وكي يبعدوا عن أنفسهم شبهة عمالة للغرب أو الشرق، أنصح القيادات الفتحاوية بتفضيل "آيفون" على "غلاكسي" لأن العبقري الذي قدم للبشرية الآيفون ستيف جوبس، سوري من حماة، اسم أبيه الأصلي عبد الفتاح جندلي (وسبحان الله: مثل القضية الفلسطينية التي اختلط علينا نسبها فإن ستيف جوبس لم يحمل اسم أبيه بل تبناه زوجان مسيحيان هما بول وكلارا جوبس، فكبر وصار مبدع الهواتف الذكية التي ستستخدمها "فتح" لطرح النضال الرقمي اللاسلكي).