رد الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، على جلسات الاستماع التي تعقدها
هيئة الحقيقة والكرامة لضحايا انتهاك حقوق الإنسان خلال عهده، وقال إنه عمل على "حماية تونس ونهج كل السبل لتحقيق العيش الكريم للتونسيين".
واتهم بن علي، في أول بيان له منذ مغادرته تونس بداية عام 2011، الهيئة بـ"طمس الحقائق وتقديم أنصافها، وبالدفع نحو تفرقة التونسيين، وتأليب بعضهم على البعض الآخر".
وأعرب بن علي عن خشيته من أن "تلهي هذه الجلسات التونسيين عن مشاكلهم الحقيقية، وهي الإرهاب والأزمة الاقتصادية الخانقة".
وسرد خلال الأيام الماضية ضحايا حكم
الاستبداد في تونس الانتهاكات الجسيمة والتعذيب الذي تعرضوا له لأول مرة، في جلسات علنية تاريخية، في واحدة من أهم خطوات العدالة الانتقالية، بعد ست سنوات من انتفاضة أنهت حكم زين العابدين بن علي.
وقالت سهام بن سدرين، رئيسة "هيئة الحقيقة والكرامة" التي تشرف على مسار العدالة الانتقالية، إن "الجلسات تشكل حدثا تاريخيا مهما لكل التونسيين، وستدرس للأحفاد والأجيال اللاحقة، وستعزز صورة تونس في العالم كنموذج للتسامح".
وأشار بن علي إلى أنه يتعاطف مع التونسيين الذين قدموا شهاداتهم ومع كل التونسيين، إلّا أنه "من الواجب التذكير بأن البلاد مرّت خلال فترة حكمه بمراحل دقيقة، واجهت خلالها الدولة تحديات أمنية ومخاطر حقيقية لم تصطنعها أو تضخم أو تبالغ فيها".
وتابع بأن الأجهزة الأمنية التونسية "واجهت أجنحة سرية وعسكرية لتنظيمات حزبية تدعي العمل في العلن، وأخرى سياسية تعمل خارج الشرعية والقانون، وتمارس العنف وتحرّض عليه"، معترفا بأن مواجهة هذه التنظيمات أدت إلى تجاوزات تمس حقوق الإنسان، وأنه حرص على التحقيق، وكلف لجنة بقيادة الرشيد إدريس للنظر في التجاوزات فور علمه بها.
وقال: "أمرنا بنشر كافة تفاصيل تقرير اللجنة بصحيفة الصباح؛ حتى نقطع الطريق أمام من كان يتهمنا آنذاك بالتعتيم. وسجل التقرير صحة الانتهاكات، وحدد المسؤوليات، وأذنا نحن بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية".
وشهد بن علي بأن نظامه لم يكن خاليا من الأخطاء "رغم إيجابياته، مثله مثل أيّ دولة كانت وفي أي زمان ومكان"، غير أن تقديم شهادات الضحايا دون تقديم الرواية المقابلة حوّل الجلسات إلى "عمل القصد منه طمس الحقائق؛ لأن التاريخ لا تصنعه أنصاف الحقائق، بل الحقيقة الكاملة بلا نقصان ولا تحريف ولا تزييف ولا تحريض".
ودعا المؤرخين النزهاء إلى التحري من كلامه، وتحديد ما له وما عليه طيلة مدة حكمته، مضيفا: "يعلم الله أننا عملنا على حماية تونس وشعبها وترابها، ولم ندخر جهدا في انتهاج جميع السبل الكفيلة بتحقيق العيش الكريم للتونسيين، الكفيلة بحفظ كرامتهم"، مردفا بأن "المحاسب الوحيد في ذلك هو الله عز وجل".