سياسة عربية

إغلاق معبر رفح.. سبب إضافي للقهر والألم في غزة

مسن فلسطيني قرب معبر رفح- فيسبوك
مسن فلسطيني قرب معبر رفح- فيسبوك
ينتظر آلاف الفلسطينيين العالقين في قطاع غزة من ذوي الحالات الإنسانية الماسة قضاء حاجاتهم في الخارج، بفرصة تمكنهم من السفر عبر معبر رفح البري الذي تغلقه السلطات المصرية لأشهر وتفتحه جزئيا لأيام، ولا تسمح خلالها بالسفر إلا لأعداد محدودة جدا.

هذا المعبر دمر حياة الكثيرين من الغزيين، فهو يمنع آلاف المرضى من تلقي العلاج، وآلاف الطلاب من إكمال دراستهم في الخارج. كما يمنع لم شمل بعض العائلات، والجديد في هذا الإطار أن المعبر يدمر أي مشروع للزواج بين من يعيش في القطاع وخارجه.

بداية القصة

تبدأ القصة في معاناة العروسين منذ لحظة ارتباطهما بفعل القرابة أو التعارف أو خلال زيارة مؤقتة لأحدهما إلى القطاع أو العكس، ثم ما يلبث أن يبدأ التواصل عبر الاتصالات المتاحة بأمل بناء أسرة بين المرتبطين، ويبدأ معه البحث عن وسيلة خروج من غزة عبر معبر رفح، لكن أولى الصدمات تتمثل في رقم المسجلين أمامهم البالغ أكثر من خمسة وعشرين ألف مسافر، بحسب أخر إحصائيات منشورة لهيئة المعابر والحدود الفلسطينية.

"عربي21" عايش فصلا من هذه المعاناة عن قرب، حيث أشارت أسيل عودة(20) عاما من مخيم بيت لاهيا للاجئين، عن انتظارها للسفر عبر المعبر منذ أكثر من ثلاث سنوات، لإتمام إجراءات زواجها بابن عمها محمد المقيم في الإمارات، ولكن إغلاق المعبر حال دون ذلك.

وأضافت في مقابلة لـ"عربي21" أن "أهل عمها هددوها بأكثر من مناسبة بالانفصال من محمد، إذا لم تأت خلال ثلاثة أشهر"، مشيرة إلى أن "هذا الأمر يبدو مستحيلا في هذه الظروف".

حكاية أخرى

سندس أحمد (23) عاما من مدينة رفح، عروس أخرى حرمها المعبر من رؤية خطيبها المقيم في المغرب منذ ارتباطهما قبل عامين ونصف العام عن طريق الإنترنت، الأمر الذي كلفها آلاف الدولارات لتبقى تأشيرة دخولها سارية المفعول دون أن تخطو قدمها تلك البلاد.

وأضافت لـ"عربي21" أنها "تتمنى أن يصل صوتها للمسؤولين المصريين لإيجاد مخرج لهذه المعاناة التي يعيشها آلاف الفتيات منذ ما يزيد عن عشر سنوات".

موقف المنظمات الإنسانية

فبحسب المرصد الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة، فقد تم رصد ما يزيد عن 1500 حالة مسجلة في كشوفات السفر في وزارة الداخلية الفلسطينية ممن يرغبن بلقاء أزواجهن في الخارج، ولكن أحلامهن توقفت عند بوابة معبر رفح.

من جانبها أشارت منسقة شؤون المرأة في مركز الميزان لحقوق الإنسان، بثينة بريكة، إلى أن المركز رصد في السنوات الأخيرة تزايدا واضحا في الانتهاكات بحق المرأة الفلسطينية من جراء إغلاق معبر رفح لفترات طويلة، معربة عن أسفها الشديد لتعامل الجانب المصري مع هذه الحالات بلا أدنى إنسانية.

وأضافت في حديث لـ"عربي21" أن المركز أرسل في الفترة القليلة الماضية كشفا للسفارة المصرية في رام الله، لبيان حقيقية وحجم هذه المعاناة راجية أن يصل صوتهم إلى آذان المسؤولين لإيجاد حل لهذه المعاناة.

ويعتبر معبر رفح المنفذ البري الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، فمنذ سيطرة حركة حماس على القطاع في العام2007 أغلقت السلطات المصرية المعبر، ولم تفتحه إلا للحالات الإنسانية الطارئة كل ثلاثة شهور، بحسب ما رصدته هيئة المعابر والحدود الفلسطينية.

وبحسب المصدر نفسه كان العام المنصرم 2015، الأكثر مأساوية في عمل المعبر منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، حيث أغلق المعبر ما يزيد عن 325 يوما، ومنذ بداية العام الحالي فتحت السلطات المصرية المعبر أمام المسافرين 34 يوما فقط.

من جانبه، أشار مدير عام هيئة المعابر والحدود في غزة، ماهر أبو صبحة، أن "أوضاع معبر رفح في غاية القسوة، حيث إن هناك أكثر من تسعين ألف مواطن بحاجة للسفر داخل القطاع، منهم ستة وعشرون ألفا مسجلون في كشوفاتنا وعلى قائمة الانتظار، منهم 3500 من المرضى وذوي الاحتياجات الإنسانية، والبقية من أصحاب الإقامات التي انتهت إقاماتهم عمليا أو شارفت على الانتهاء".

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن هيئة المعابر تحاول قدر الإمكان ترتيب أولويات السفر في كل مرة يتم فيها فتح المعبر، بداية بالحالات المرضية مرورا بالتأشيرات التي تقارب على الانتهاء والطلاب لإكمال دارستهم في الخارج، مشيرا إلى أن إغلاق المعبر لفترات طويلة ساهم في عدم قدرة هيئة المعابر على ضبط الأمور في بعض الأحيان.
التعليقات (0)