تعيش محافظة
الحسكة التي تتقاسم السيطرة عليها قوات النظام السوري والوحدات الكردية، إضافة إلى أجزاء صغيرة تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة، وضعاً صعباً على الصعيد الإنساني والمعيشي، حيث يبدو غريبا أن هذه المحافظة المشهورة بزراعة القمح مهددة بمجاعة.
الحرب والحصار
ويُرجع سكان ونشطاء تردي الوضع المعيشي للأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة، الواقعة في شمال شرق
سوريا، وآخرها المعارك الشرسة بين القوات الكردية وتنظيم الدولة.
يقول الناشط الإعلامي محمد إسلام، من الحسكة: "شهد ريف المحافظة حروباً طاحنة، أدت لموجات هجرة ونزوح، ما حرم الأهالي من زراعة أرضهم مورد رزقهم الوحيد".
ولم تنته المعاناة بوضع الحرب أوزارها، بحسب محمد إسلام، "فقد قامت القوات الكردية بتهجير كثير من القرى العربية، وحرق بعضها بدعوى أنهم دواعش، فهام الأهالي على وجوههم محرومين من موارد رزقهم وسكناهم"، وفق قوله لـ"
عربي21".
ويقول الناشط الإعلامي جهاد الأيوبي إن قوات الحماية الكردية اتبعت الحصار كسياسة ممنهجة لدفع المكون العربي للهجرة.
ويضيف لـ"
عربي21": "تقوم المليشيات الكردية بحصار الأهالي عبر مخطط جهنمي، فلجأت لإغلاق جميع الطرق التجارية للمحافظة، وفتحت طريقاً واحداً (طريق مبروكة في رأس العين، والمؤدي لمناطق سيطرة التنظيم في الرقة) ليس هدفه تخفيف المعاناة بل جباية الضرائب والإتاوات"، وفق الأيوبي الذي أشار إلى أن هذه الرسوم أدت لزيادة الأسعار المرتفعة أصلا نتيجة التضخم، وارتفاع سعر الدولار.
إغلاق الحدود
ولم يستفد الأهالي من موقع محافظتهم الجغرافي الحدودي لتخفيف معاناتهم، حيث يشير جهاد الأيوبي إلى أن قوات الحماية الكردية تسيطر على الشريط الحدودي مع تركيا، "ما دفع الأتراك للتشديد من الطرف الآخر خشية تسلل إرهابيين من حزب العمال، فلا تسمح تركيا لأحد بالعبور سوى شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة".
لكن، "تذهب سيارات الأمم المتحدة لمطار القامشلي ليتقاسمها النظام مع قوات الحماية، ويبقى الأهالي جائعين"، في حين تبرر الأمم المتحدة موقفها بأنها لا تتعامل إلا مع الهيئات الحكومية الرسمية.
ولا يختلف وضع الحدود مع العراق كثيرا، نظراً للعلاقات غير الجيدة بين حكومة إقليم كردستان العراق وقوات الحماية الكردية في سوريا، إذ يوجد معبر وحيد (سيمالكا)، وهو مغلق، ويُسمح فقط لحاملي الإقامات في كردستان، والهيئات الإغاثية والصحفيين والمرضى، فقط بالعبور، فيما لا يُسمح بأي تبادل تجاري عبر المعبر.
ويبقى الطريق مع مناطق سيطرة تنظيم الدولة المتنفس الوحيد للمحافظة، ورغم ذلك يضيق حاجز وحدات الحماية الكردية كثيراً على حركة النقل، وتحركات التجار كما يؤكد ناشطون من الحسكة.
ورغم أن الآثار السلبية قد طالت سكان محافظة الحسكة بشكل عام، يرى الناشط عبد الله الهاشمي أن "العرب أكثرهم تضررا، فهم من صُودِرت أراضيهم، وهُجروا، وحُرقت بيوتهم"، وقدّر نسبة السكان العرب المهجرين بالثلث تقريبا.
ويقول الهاشمي إن من يتتبع واقع قرى القامشلي وتل حميس وتل براك ورأس العين وجنوب الحسكة؛ يلحظ مدى الضرر، وعندما يعرف المتابع أن العرب يسكنون هذه المناطق يكتشف أنهم المستهدفون، بحسب الهاشمي الذي يضيف قائلا لـ"
عربي21": "هذه القرى كانت خاضعة لداعش، ما جعل المليشيات الكردية تتهمها بالعمالة لداعش، وبأنها حاضنة للتنظيم".
ويشار إلى أن معاناة المنطقة لا تقتصر على الجوع ونقص الغذاء، بل تشمل أيضا الأمراض والأوبئة، ومن ذلك انتشار مرض اللشمانيا.