نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لناشطة
السلام آلان لارا فريدمان، قالت فيه إنه مع وصول إدارة
أوباما إلى سنتها الأخيرة، فإن عددا من المسؤولين قالوا إن الرئيس منزعج جدا من فشله في إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، لدرجة أنه قد يضع رؤيته الخاصة لحل الدولتين على شكل قرار لمجلس الأمن.
وتقول فريدمان: "إن حصل ذلك، فسيقوم رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمعارضته، وستكون هناك جوقة من السياسيين والمعلقين الأمريكيين يقولون إن ذلك غير مسبوق وغير معقول، أن يدعم رئيس لأمريكا قرارا لمجلس الأمن لا توافق عليه إسرائيل، بدلا من أن يقوم باستخدام حق
الفيتو ضده".
ويشير التقرير إلى أنه عندما تم تداول تقارير مشابهة الربيع الماضي، فإن السيناتور عن أريزونا جون ماكين قال إن مثل هذا الإجراء "يعارض السياسة الأمريكية على مدى حكم آخر عشرة رؤساء للولايات المتحدة"، حيث قام رئيس المجلس الجمهوري والعضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بإرسال رسالة مشتركة، قالا فيها: "لقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن لعقود لحماية إسرائيل من الضغط غير اللازم في تلك المؤسسة الدولية، ووافقت على ذلك مجموعة من الشيوخ من الحزبين، وسعوا للحصول على ضمانات بعدم تغيير تلك السياسة".
وتجد الصحيفة أن "اللافت للنظر هو أن تلك الافتراضات، التي قام عليها الاحتجاج بأن الرئيس أوباما سيرتكب خيانة غير مسبوقة للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، إن لم يقم بإيقاف كل قرار لمجلس الأمن عارض أفعالا أو مواقف للحكومة الإسرائيلية، لم يعارضها أحد، ومع ذلك فإنها تتعارض مع الحقيقة، فعلى مدى السبع سنوات الماضية لم يسمح أوباما لمرور قرار واحد لمجلس الأمن ينتقد إسرائيل بالذات".
وتلفت الكاتبة إلى أن هذا السجل يتناقض مع سجل من سبقه من الرؤساء، حيث إنه بالعودة إلى السجلات منذ عام 1967، فإن بعض الرؤساء الأمريكيين كانوا يسمحون لبعض قرارات مجلس الأمن بالمرور أو حتى التصويت معها، مشيرة إلى أنه خلال فترة حكم لندون جونسن قام مجلس الأمن بتبني ما لا يقل عن سبعة قرارات، وفي عهد ريتشارد نيكسون تبنى المجلس ما لا يقل عن 15 قرارا، وفي عهد فورد تم تبني اثنين، وفي عهد جيمي كارتر 14 قرارا.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن عدد القرارات وصل إلى ذروته "21" قرارا خلال إدارة رونالد ريغان، عندما صوتت الولايات المتحدة عام 1981 ضد الضربة الإسرائيلية للمفاعل النووي العراقي، وهي الضربة التي كانت تهدف لإحباط الطموحات النووية العراقية، حيث دعا ذلك القرار إلى أن تضع إسرائيل مواقعها النووية تحت الرقابة الدولية، وكان رد الحكومة الإسرائيلية القول بأنه يحزنها أن تقوم حليفتها أمريكا بالوقوف مع "الظلم الكبير الذي تم ارتكابه ضد إسرائيل".
وتنوه الصحيفة إلى أن القرارات الأخرى في عهد ريغان انتقدت إسرائيل لضمها مرتفعات الجولان، ولأنشطتها العسكرية في لبنان، وعملياتها ضد منظمة التحرير
الفلسطينية في تونس، وأنشطتها في الأراضي المحتلة، لافتة إلى أن الموضوع المتكرر في القرارات التي لم يتم تحديها تتعلق باتفاقية جنيف الرابعة 1949، وأنها سارية في الأراضي المحتلة، وتنطبق على القدس أيضا، حيث تنص الاتفاقية على أنه لا يحق للقوة المحتلة "تسفير أو نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها"، أي أن أمريكا سمحت بتمرير قرارات مجلس الأمن، التي تقول إن المستوطنات في الضفة الغربية والقدس تخرق القانون الدولي.
وتبين فريدمان أنه تحت حكم جورج بوش الأب، قام المجلس بتبني تسعة قرارات تنتقد إسرائيل، بما في ذلك شجب قوات الأمن الإسرائيلية بعد مقتل أكثر من 20 فلسطينيا وجرح 150 آخرين في المسجد الأقصى، وهو القرار الذي شجبه السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة على أنه "من طرف واحد"، وأنه لم يأخذ بعين الاعتبار "الهجوم على المصلين اليهود في عيد العرش عند الحائط الغربي"، ورفض تدخل الأمم المتحدة في أي شأن يتعلق بالقدس، بالإضافة إلى أن إدارة بوش الأب أيدت انتقاد إبعاد الفلسطينيين واختطاف رجل دين لبناني.
ويورد التقرير أن عدد القرارات تراجع إلى ثلاثة في عهد بيل كلينتون، مشيرا إلى أنه العهد الذي تميز بوعود السلام، ثم ارتفع العدد إلى ستة قرارات تحت إدارة جورج بوش الابن، الذي شهد عهده ارتفاعا في العنف وانطلاق الانتفاضة الثانية.
وتعلق الكاتبة قائلة إن "الرئيس أوباما، وعلى عكس سابقيه، قام بحماية إسرائيل تماما من مثل هذه القرارات، وما يزيد من كون هذا باعثا على الاستغراب هو أن رئاسته صادفت حكومات إسرائيلة كانت من أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا في تاريخ إسرائيل، وهي حكومات استمرت في معارضة الجهود الأمريكية لإحلال السلام والسياسة الأمريكية في معارضة تمدد المستوطنات".
وبحسب الصحيفة، فإن حجة إدارة أوباما في معارضة قرارات مجلس الأمن عام 2011، عندما استخدمت أمريكا الفيتو لمنع قرار مناهض لتوسيع المستوطنات، يوضحه ما قالته السفيرة الأمريكية من أن "أمريكا لا تعارض محتوى القرار، لكنها تخشى تسميم أجواء مفاوضات السلام"، أملا بأن يشجع منع مرور القرار حكومة نتنياهو للتعامل بإيجابية أكثر مع جهود السلام.
ويستدرك التقرير بأن "هذا لم يحدث، بل على العكس، فإن أقوال نتنياهو وأفعاله، خاصة الاستمرار في توسيع المستوطنات، أثبتت أن تكتيك أوباما لم يكن فعالا بل ربما أتى بنتائج عكسية".
وتشير فريدمان إلى أن مؤيدي السلام الأسرائيلي الفلسطيني يأملون بأن يكون أوباما، الذي لم يحقق شيئا من خلال حماية إسرائيل في مجلس الأمن، مستعدا الآن لتبني فعل إيجابي لمجلس الأمن فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يضمن لإسرائيل أمنها وخصوصيتها كونها دولة يهودية، لافتة إلى أنه إذا حافظ أوباما على هذا الحل، فإنه لن يكون خذل إسرائيل، بل سيثبت أنه صديق حقيقي لها.