نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا، عرضت فيه شهادات حول القطيعة بين النظام والشباب في
إيران، وقالت إن أبناء الجيل الجديد يتمنون الخروج من عباءة
الملالي، والتمتع بالحرية والمساواة والازدهار الاقتصادي، مثلهم مثل باقي شعوب العالم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تضييق الحكومة على
الشباب الإيراني، عبر التكثيف من القوانين والضوابط التي تهدف للتحكم في تفاصيل حياتهم، دفعت بهم للقيام بثورة صامتة ضد سطوة رجال الدين، من خلال التجمعات والحملات التي يقومون بها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال طرقهم الجديدة في اللباس والتفكير.
ونقلت الصحيفة عن فتاة إيرانية تدعى سافورا، قولها: "إن رجال النظام الحاكم مهووسون بالنساء، ولذلك فأنا لم أعد أرغب في العيش تحت سلطتهم، وأشعر بأني أرتدي الحجاب وألتزم بالقوانين فقط لأني مرغمة على ذلك، وليس باختياري".
وذكرت الصحيفة أن الإحصائيات تشير إلى أن 60 في المئة من سكان إيران، البالغ عددهم 78 مليون، هم من فئة الشباب، ولذلك فإن سافورا وأبناء جيلها لم يشهدوا الثورة الإسلامية سنة 1979، ولم يعيشوا المشاعر القومية التي رافقت الحرب على العراق؛ التي انتهت في سنة 1988 مع أكثر من مليون قتيل، بل هم ينتمون لجيل جديد يتمتع بمؤهلات علمية جيدة، يريد الحرية والمساواة والازدهار والانفتاح.
ونقلت الصحيفة عن فاطمة (35 سنة) قولها، إن "مشكلة الجيل الجديد لا تتلخص فقط في ارتداء الحجاب، بل يريدون أيضا حرية التفكير وحرية التصرف".
كما نقلت عن علي (23 سنة) قوله، "إن الجيل الجديد متعلق بالحكم القديمة التي رواها الشاعر الفارسي "أبو القاسم فردوسي"، الذي عاش خلال القرن العاشر للميلاد، وكتب عن الحرية والشجاعة ووقوف المرأة ضد الظلم، واليوم تقوم الفتيات بحركات بسيطة وصامتة، ولكنها تعبر عن عزمهن تحدي رجال الدين".
ويضيف علي في السياق ذاته: "كنا نقوم أحيانا بإغلاق قاعة الرياضة ونلعب داخلها مباريات كرة القدم المختلطة، ولا أحد قام بإخبار إدارة الجامعة بهذا السر، فالفتيات هن من اقترحن هذه الفكرة، ورغم أنهن ينهزمن في كل مرة، فإنهن لا يتوقفن عن المحاولة".
ويقول علي: "من غير المنطقي أن يمنع ارتداء الملابس القصيرة في العلن، ولكن تلبس بعيدا عن الأنظار، كما أن السلطات تمنع شرب الكحول، غير أن الحفلات تقام في طهران بكل سرية وتمارس فيها كل المحظورات".
وأضاف: "تمنع الحكومة استعمال الفيسبوك، ولكن في الوقت ذاته بعض كبار المسؤولين ينشرون مواقفهم على هذا الموقع؛ لأنهم يعلمون جيدا أن كل الشباب وجدوا طرقا للالتفاف على المنع والدخول للفيسبوك. كلما تزايدت المحظورات تزايدت رغبة الشباب في انتهاكها".
وقالت الصحيفة، إن الشابة مريم اختارت أن تعبر عن ثورتها على السلطة عن طريق المظهر، فقد كانت تمشي في الطريق وشعرها شبه مكشوف، ولا تغطي منه إلا جزءا صغيرا بحجاب مثبت وراء رأسها.
وأضافت أن مريم تضع أحمر شفاه براقا لافتا للأنظار، وترتدي ملابس مزينة بألوان زاهية. وقد قالت مريم إن "مجال الحريات أصبح ضيقا جدا منذ ثورة 1979، ولكنها تتوقع أن يستعيد الشعب الإيراني حريته عاجلا أم آجلا".
ويقول زميلها سعيد (25 سنة)، إن "التغافل عن الحجاب واختيار الألوان البراقة؛ طريقة ابتكرتها آلاف الفتيات الإيرانيات للاحتجاج في صمت، وإذا كان لا بد من ثورة على رجال الدين، فلتكن ثورة صامتة؛ لأن الحكومة لا تسمح بالمظاهرات والاحتجاجات العلنية".
وقالت الصحيفة، إن أغلب الشباب الإيراني يؤكد أنه ضاق ذرعا بالتسلط المتزايد لرجال الدين، ويفضل أغلبهم لو قامت الحكومة بضخ الأموال لبناء الجامعات بدل الحسينيات. ويعتقد الكثيرون بأن المتحكمين بالسلطة في إيران سيضطرون في نهاية المطاف لقبول الإصلاحات وفسح المجال للحريات، حتى يحافظوا على مواقعهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن المشهد السياسي في إيران يشهد سيطرة مطلقة للذكور، وهو ما يتماشى مع رغبات رجال الدين. فمن بين 290 عضوا في مجلس الشورى الإيراني، هناك فقط تسع نساء، ليس لأن الشعب يرفض التصويت للنساء؛ بل لأنه يتم عرقلة ترشحهن عن طريق مجموعة من القوانين التي تهدف لإقصاء النساء.
وبحسب الصحيفة، يعتبر أغلب الشباب الذين تم الحديث معهم؛ أن الانتخابات المقبلة في شهر شباط/ فبراير، ستكون امتحانا حقيقيا للنظام؛ لأنها ستكشف مدى جدية التزامه بعدم عرقلة وصول الإصلاحيين والنساء للبرلمان الإيراني.
وقالت الصحيفة، إنه يمكن للنظام أن يخفف من سطوته على الشعب عبر الحد من دور مجلس صيانة الدستور، الذي يتكون من عسكريين ورجال دين هم الذين يقررون من لديه الأهلية للترشح للانتخابات.