أكدت منظمة "
هيومان رايتس مونيتور" أنها تلقت شكاوى من بعض المعتقلين بسجن العقرب، جنوبي القاهرة، تضمنت معاناة 19 معتقلا مصريا قالت إنهم يواجهون "القتل البطيء خارج إطار القانون، وسط منع الزيارات والأدوية وتجريد المعتقلين من كل شيء".
وأوضحت "هيومان رايتس مونيتور" في بيان لها أن المعتقلين يشكون من الإهمال الطبي، وتصاعد حدة الأمراض، التي تحتاج لإجراء عمليات جراحية عاجلة، وفق تقارير طبية وتوصيات من مستشفى السجن، فيما تتعنت إدارة
سجن العقرب في السماح لهم بإجراء العمليات الجراحية، ما يعرض حياتهم للخطر.
وشهد سجن العقرب شديد الحراسة، مقتل العشرات من المعتقلين، بسبب الإهمال الطبي الذي يصفه حقوقيون بأنه "متعمد".
وقالت "هيومان رايتس مونيتور": "تستمر السلطات
المصرية في اعتقال المواطنيين اعتقالا تعسفيا، دون أي سند قانوني غير آبهة بظروفهم الصحية، بل وتقوم بالتعنت في تقديم الأدوية لهم أو عرضهم على أطباء متخصصين، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية".
وذكرت أن هذه الممارسات تعد مخالفة لنص المادة 15 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والتي تؤكد على أنه "تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات، إلا إذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الإدلاء بهذه الأقوال"، كما تعد انتهاكا "صارخا" لنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أنه "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة".
وترى "هيومن رايتس مونيتور" أن الإهمال الطبي، أضحى أحد أسلحة السلطات الأمنية في مصر، للقضاء على حياة المعتقلين، في ظل التكدس العام الموجود في سجون وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز بمعسكرات الأمن، ومع عدم الاهتمام بتهوية الزنازين أو توفير بيئة نظيفة للمعتقلين، ومع استمرار التعذيب والقمع الذي ثبت وجوده من أكثر من حالة في سجون مصر، تجد الأمراض المعدية فرصتها لتتنامي وسط أجساد المعتقلين المتكدسين.
واستطردت: "مع تعنت المسؤولين في السجون ورفضهم إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى يصبح الوضع أكثر كارثية، وهو ما يخالف كل المواثيق والأعراف، ويأتي على أبسط حقوق المعتقلين الآدمية، وهو الحق في الحياة، فيتناقض مع المادة (18) من دستور مصر 2014، التي تنص على أن لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة".
ورصدت "هيومن رايتس مونيتور" منذ بداية العام 2015 حتى آب/ أغسطس الماضي، مقتل نحو 59 حالة بالإهمال الطبي، تتركز النسبة الأعلى منهم في سجن العقرب شديد الحراسة، ثم سجن طره، يليه سجن المنصورة العمومي، ثم سجن برج العرب وسجن وادي النطرون.
وأعربت عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات بهذا الشكل الذي وصفته بالمرعب، الذي سيودي بحياة المزيد من المعتقلين داخل السجن، داعية لفتح تحقيق عاجل في تلك الانتهاكات، والتدخل الدولي العاجل لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم البشعة.
وطالبت بضرورة تحسين ظروف الاعتقال، والإسراع في إقامة محاكمات عاجلة تتمتع بالنزاهة والعدالة للمعتقلين، بحيث لا يجوز استمرار حبسهم على ذمة قضايا سياسية، وتهم لم تثبت بحقهم.
يذكر أن "سجن العقرب" نشأ وفق مقترح تضمن إنشاء سلسلة السجون شديدة الحراسة، من قبل مجموعة من ضباط الشرطة المصريين، عقب عودتهم من بعثة تدريبية في الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرتها وزارة الداخلية المصرية حينها، فكرة خلاقة وكافية لسد ما اعتبرته "عجزا في سياستها مع الجماعات المسلحة بشكل خاص".
وفي عام 1991 بدأ وزير الداخلية المصري الأسبق، حسن الألفي، ومجموعة من مساعديه، في تنفيذ الأفكار الأمريكية؛ فكانت البداية في سجن العقرب، واستغرق بناؤه عامين، ليتم الانتهاء منه في 30 أيار/ مايو 1993.