مقالات مختارة

تصالح مع نفسك وقل الحقيقة بحق أردوغان

أوزجان تيكيت
1300x600
1300x600
يتّفق محبو أردوغان وغير المحبين له؛ في مسألة، وهذه المسألة من أهم العوامل التي كانت سببا في أن يكون أردوغان قائدا كبيرا، ألا وهي شجاعته وحزمه.

حزم وشجاعة

والحقيقة أننا تعرفنا على شجاعة أردوغان منذ أن كان مرشحا لرئاسة بلدية إسطنبول، لا سيما أنه تعرّض للتهديد في تلك الآونة، عندما كانت لديه خطبة للجماهير في جملة حملاته الانتخابية. لكنه لم يصغ للتهديد، وذهب لإلقاء كلمته أمام الجماهير دونما تردد. وقال لزملائه في الحملة: "لا مكان للتوقف، سنواصل المسير". والكلمة هذه، كانت بمثابة جرعة شجاعة أعطاها أردوغان لأصدقائه في تلك الفترة.

في حياة أردوغان السياسية، هنالك عشرات المواقف التي نعرفها والتي لا نعرفها؛ أثبت من خلالها شجاعته السياسية. ومن خلال هذه الشجاعة، أصبح الشخصية رقم واحد في الدولة، بعد أن قدّم خدمات شتى للبلاد، والتي لم يكن المواطن التركي ليحلم بها على مر السنين. ومما نلاحظه على أردوغان في هذه الأيام، إدراكه أنه في مرحلة تقتضي عليه المسير بذلك الحزم والشجاعة، لا سيما أنه قال في خطابه الأخير، بمسقط رأسه في مدينة ريز الساحلية: "ليس هناك نصر للجبناء".

الشجاعة بين كاتبين

عندما تأتي كلمات النصر والشجاعة، لا أستطيع إلا أن أتذكر الكاتب الشهير فيكتور هوغو، والكاتب كمال طاهر. فهوغو يرى أن الشجاعة هي الشرط الأول للتقدم. وقد كتب هوغو، عن ذلك في كتاب "البؤساء" وأورد مثالا عليه من الثورة الفرنسية حيث قال: "إن كل الانتصارات الكبيرة هي نتيجة الشجاعة، صغيرة كانت أم كبيرة. ولكي تتحقق الثورة الفرنسية لم يكف أن يستشعر بها مونتسكيو، ويعلمها ديدرو، ويخبر عنها بومارشيه، ويقيّمها كوندروسيه، ويتحضر لها فولتير، ويفكر بها روسو من قبل. بل كان لا بد أن يضيف دانتون شجاعته على نهج هؤلاء".

نعم، يمكن للمرء أن يستشعر نضوج شروط الفوز، ولكنه إن لم يمتلك الشجاعة فلن يحقق النصر يوما. حتى ولو توفّرت الإمكانيات والقدرات، فإن النصر لن يتحقق إلا بخطوة جريئة يخطوها القائد.

أما كمال طاهر، فنظريته عكس نظرية فيكتور هوغو تماما. فهو يرى أن الخطوات الجريئة والاستثنائية لا تضمن لك تحقيق الفوز والنصر. ويقول طاهر: "إن البطل الحقيقي هو الذي يحافظ على قواه في أرض الواقع، وليس الذي يُقدِم على مبادرات استثنائية وغير اعتيادية".

في الحقيقة يمكن أن نرى الفارق الواضح في وجهات نظر الكاتبين، لكن كليهما متفقان على نقطة، وهي أن النصر لكي يتحقّق يجب أن تتوفر شروط لذلك. ولكن إبراز الشجاعة من قِبَل القائد في هذه الحالة، تتوِّجه بلقب البطل. وبهذا يرتقي المجتمع والدولة درجة إلى الأعلى.

خطوة صحيحة

وأعتقد أن تركيا قبل أن تبادر إلى مبادرات استثنائية يجب عليها مراعاة وتحليل الأحداث الداخلية والإقليمية جيدا. يجب أن تضع في الحسبان مصالحها القومية وتتحرّك حسب قدراتها. لا أقول أن نتخلى عن شجاعتنا، لا؛ بل يجب معرفة توفر الشروط، وحجم قدراتنا جيدا ثم نخطو بخطوات شجاعة.

ولكن ماذا لو لم تتوفر شروط النصر؟ عندها سنتحول إلى سوريا أو عراق تلتهمهما النيران. وهنا أدعو إلى أن نستمع إلى مقولة كمال طاهر. أي أنه حتى في اللحظات التي تطغى شجاعتنا علينا، يجب علينا قراءة الطريق الذي يبدو ظاهره أنه يذهب نحو النصر والبطولة، لكنه في الحقيقة غير ذلك.

(عن صحيفة خبر تورك التركية، ترجمة وتحرير تركيا بوست، بـ"عربي21")
التعليقات (0)