كتاب عربي 21

التفاهم الروسي السعودي وحل المشكلة السورية المرتقب

راميا محجازي
1300x600
1300x600
كنا قد توقعنا في مقالنا السابق، تفاهما روسيا مع المثلث السعودي –التركي- القطري، يحلحل من عقد الصراع في سوريا، ويضمن مصالح روسيا والأطراف الإقليمية على الأراضي السورية.

وها نحن نؤكد مجددا اقتراب تحقق هذا التفاهم وخصوصا بعد متابعتنا وقراءتنا للأحداث الدولية والإقليمية والمحلية الحافلة خلال هذا الأسبوع، ابتداءا من قمة السبع الصناعية التي عقدت في مدينة ميونخ الألمانية، التي غُيبت روسيا عنها للعام الثاني على التوالي، عقوبة لها على انتهاكاتها لنظام السلم الأوروبي، بحسب ما أوضحت المستشارة الألمانية  إنجيلا ميركل، حين قالت في تصريح صحافي لها: "كان من الضروري استبعاد روسيا بسبب ضمها للقرم، حيث انتهكت ما أسميه النظام السلمي الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية".

     
و من ثم القرارات التي خرجت عن هذه القمة "مجموعة السبع"، التي توعدت موسكو بمزيد من العقوبات في حال عدم التزامها باتفاقية "مينسك" التي تقول بوقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا.
 
ومن موسكو أيضا خرج بيان للكريملن يُعلن فيه بداية عصر جديد من العلاقات بين موسكو والسعودية، بعد أن شهدت نوعا من الجمود كسرته موسكو عندما امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن الدولي حول القرار رقم 2216 المتعلق باليمن، هذا الموقف الذي -حسب بيان الكريملن- ثمّنه الملك سلمان، وبين تقديره للجهود التي تبذلها روسيا من أجل تطبيع العلاقات المتأزمة في اليمن.

وفي البيان أيضا استعداد الأطراف للعمل من أجل تعميق التنسيق بينهما حول القضايا الإقليمية والدولية.

وقد انتهى البيان بالإشارة إلى دعوة وجهها بوتين للعاهل السعودي لزيارة موسكو، التي على ما يبدو لاقت ترحيبا من قبل الجانب السعودي، فهذه ليس المرة الأولى التي يدعى فيها الملك سلمان لزيارة موسكو وإنما سبق أن كانت له زيارة في عام 2006، عندما كان أميرا وأثمرت حينها عن تفاؤل بمستقبل العلاقات لم يكن واقعه حسبما شهدته السنوات الماضية بحجم الآمال التي عقدت عليه حينها، حيث اقتصرت على تعاون  اتخذ أغلبه طابعا ثقافيا.

والملحوظ نمو العلاقات الروسية وتطورها وامتدادها إلى الجوانب العسكرية بعد أن أدارت أمريكا ظهرها للعرب، بل ساهمت في تدمير منطقة الشرق الأوسط من أجل تحقيق الهدف الموضوع منذ عشرات السنين الشرق الأوسط الجديد على حساب الشعوب العربية. 

ويحق لنا هنا التساؤل: هل لنا أن نتفاءل بمستقبل التعاون الروسي – السعودي، وبأنه يمكن أن يحقق الآمال المرجوة منه من خلال انعكاسات إيجابية على الواقع السوري واليمني؟ للإجابة عن هذا التساؤل نأخذ المعطيات التالية:

أولا: غياب الملك سلمان عن قمة كامب ديفيد، الذي عبر عن استياء واضح للمملكة من الموقف الأميركي وخصوصا تجاه اتفاقية النووي مع إيران والمواقف المخزية تجاه سوريا واليمن.

في المقابل، زيارة مرتقبة للعاهل السعودي لموسكو ترمم ما تسبب به اختلاف المواقف من خلافات، ويعد باتفاقيات سترخي ظلالها على الشعبين اليمني والسوري، وخصوصا في موضوعي تجميد دعم الحكومة الروسية لطهران التي تمد الحوثيين بأنواع الدعم و السلاح، وكذلك إيقاف الدعم السياسي والعسكري عن نظام الأسد، بالمقابل قد يخدر الطرف السعودي الدب الروسي بمعاهدات واتفاقيات ذهبية تتضمن مد المعارضة السورية وحكومة هادي في اليمن بالأسلحة التي تثبت من انتصار المجاهدين في البلدين، وتخفف عن السعودية توسيع عملياتها على الأراضي اليمنية وتخفف أيضا من الضغوطات المتكررة للقيام بتدخل عسكري سعودي في سوريا.
 وهو ما سترى فيه روسيا بكل تأكيد خيارا أكثر من مرضٍ.

ثانيا: بوادر اتفاق تعاون عالي المستوى بين موسكو والسعودية لتطوير برنامج سلمي للطاقة النووية بالتزامن مع توقيع اتفاقيات بين واشنطن وطهران، وهنا نذكّر بأن المملكة العربية السعودية أعلنت في حزيران/ يونيو من العام 2011 أنها تخطط لبناء 16 مفاعلا للطاقة النووية السلمية خلال العقدين القادمين بتكلفة تصل إلى 80 مليار دولار. 

ثالثا:  ما جاء عن صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بأن قمة السبع التي عقدت في مدينة ميونخ الألمانية، ناقشت رحيل بشار الأسد إلى روسيا في إطار اتفاق بين موسكو والغرب، وبأن الفكرة الأساسية -حسبما صرح مسؤول للصحيفة- دارت حول إمكانية العمل مع الروس من أجل انتقال القيادة في سوريا إلى قيادة جديدة، موضحا أن رئيس الوزراء البريطاني تحدث بهذا إلى بوتين كما أن الخطة تمت مناقشتها من قبل جون كيري. 

في المقابل، شهدنا في الأيام الأخيرة إصرارا غير مسبوق من قبل المبعوث الأممي ديمتسورا على أهمية رحيل الأسد.

وهنا نجد بأننا أمام تحولات دولية وإقليمية كبيرة نشهدها اليوم، تحالفات جديدة، دولية وسياسية قادمة ستغير من ملامح الصراع في المنطقة، وروسيا اليوم تلعب برأس الأسد ومصالح إيران للاستفادة القصوى من الصراع الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، دون المساس بصفقاتها مع طهران، أو مصالحها في سوريا التي لن تجد لها ضامن أقوى من المثلث السعودي-  التركي-  القطري، الذي يعتبر الداعم والمؤثر الأقوى في المعارضة السورية. 
0
التعليقات (0)