كتاب عربي 21

سؤال أوباما ينتظر الإجابة

راميا محجازي
1300x600
1300x600
لماذا لا يمكننا أن نرى عربا يحاربون (ضد) الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان أو يقاتلون ضد ما يفعله (رئيس النظام السوري بشار) الأسد؟ 

 هذا التساؤل استخدمه السيد أوباما مدخلا لحديثه عن الوضع في سوريا! في حوار أجراه معه توماس فريدمان ونشرته نيويورك تايمز على موقعها، فهل هو تساؤل يثير إدارة البيت الأبيض حقا؟ أم هو اتهام للسياسات العربية التي يبدو من خلال صياغة السؤال أنها تتحمل من وجهة نظر واشنطن المسؤولية الأولى عما آلت إليه الأوضاع في سوريا؟ أم هو تملص من قبل الإدارة الأميركية من مسؤولياتها عن وضع حد للاستفزازات والانتهاكات التي يمارسها نظام الأسد، سواء عبر سياساته الخارجية أو عبر المحارق البشرية التي يرتكبها بحق السوريين؟

 أم يمكننا القول: إنه السؤال الذي يعلن من خلاله السيد أوباما أن إدارته قررت فرك أذن المارد العربي وإخراجه من قمقمه؟

لقد كان من الأولى للسيد أوباما أن يطرح حلولا لا تساؤلات، تجنبا للحرج أمام من ينتظرون كلمة حق من رئيس أقوى دولة في العالم، التي يعتقد أغلب العرب بأن قرارا منها قد يرفع معاناتهم، ويخفف عنهم بطش أنظمة همجية بربرية تحرقهم أحياء دون حسيب. 

ما نريده من السيد أوباما أن يعرض أجوبة عن تساؤلات السوريين المشروعة، فلماذا يا سيد أوباما لا يمكننا أن نرى عربا يحاربون ضد الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان أو يقاتلون ضد ما يفعله الأسد دون أن تتهمهم بالإرهاب والتطرف، ودون أن تعلق أسماءهم على قوائم الإرهاب وتمنع عنهم أي مساعدات فاعلة، بل وتدين من يحاول دعمهم بتهم تمويل منظمات إرهابية، ودعمها؟ 

لماذا يا سيد أوباما سمحت إدارتكم بأن تنفث سموم الأسد الكيماوية في رئة أطفال سوريا، على الرغم من تعهدكم بالتدخل لمنع الأسلحة المحرمة دوليا؟ 

و لماذا على الرغم من اعترافكم بالانتهاكات الفظيعة، التي ارتكبت ضد حقوق الإنسان من قبل الأسد وإيران، إلا أنكم لا تعتبرون إيران وروسيا الدول الأكثر دعما وتحالفا مع إرهاب الأسد، بل هم شركاؤه أيضا -حكومات إرهابية- أو على الأقل دولتان داعمتان للإرهاب، بل على العكس نراكم اليوم في ود معها، تلمعون أنياب إيران، لتغرسوها في المنطقة العربية، وليس في الخاصرة السورية فقط.

حقيقة، إننا لا ننتظر جوابا من السيد أوباما، ولكننا نتأمل بأن يكون للقادة العرب، تحرك للرد على الوضع المخزي الذي وصل إليه حال الشرق الأوسط. مستشار الرئيس الأميركي رودز أكد إن إدارة أوباما ستسعى إلى طمأنة دول الخليج بأنها ستدافع عنها في حال تعرضها لأي تهديد إيراني في لقاء صرح فيه أيضا بأن أسابيع قليلة تفصل عن قمة تشاورية غير مسبوقة مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، وبأنها ستسعى إلى إيجاد استراتيجية مؤثرة بالتعاون معهم لمواجهة سلوك إيران العدائي في اليمن وسوريا. 

إن هذا المؤتمر المزمع عقده في منتجع كامب ديفيد، سواء خرج بقرارات حاسمة تجاه الوضع في سوريا أم لم يخرج، إلا أنه سيفرز نتائج إيجابية محركة للوضع في سوريا، فالإدارة الأميركية اليوم جل اهتمامها طمأنة الخليج وتركيا اللاعبين الأكثر تأثرا بالتمدد الإيراني والإفرازات التي سوف تنتجها أي اتفاقيات مع إيران، ستكون محركا مفصليا لأي تحالفات قادمة وعليه، نعول الكثير على نتائج الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران التي نتوقع بأنها ستحدد مستقبل الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، وفيما إذا كانت ستتحول إلى شراكة سياسية عبر إيجاد حلول جذرية للملفات الساخنة في المنطقة، وخصوصا على الأراضي السورية الحدودية مع تركيا.

زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن نايف لأردوغان قبل يوم من زيارة الأخير لإيران لم تكن عادية، وإنما نتوقع بأنها حملت مسودة اتفاقيات، من شأنها أن تلعب دورا كبيرا في لغة ولهجة الرئيس التركي قبل اجتماعه مع خامنئي، وربما على أساسها سيحسم الجانب السعودي موقفه من التدخل البري في اليمن. 

إن أي تحالف سني مرتقب في المنطقة، لإيقاف الزحف الإيراني، لن يثمر سلاما وأمنا إن لم يراع مصالح الشعوب التي تتآكل بنزاعات طائفية مفتعلة، ولن تهدأ العواصف السياسية في داخل اليمن وسوريا اليوم ما لم تحدث شراكة سياسية حقيقية بين الدولة الداعمة للقوى المتصارعة بإرادة عربية وإقليمية ومن ثم دولية، مرفقة بحزم لأجل الحسم.
0
التعليقات (0)