تبادلت
إيران والسعودية الثلاثاء الاتهامات بزعزعة استقرار
اليمن، حيث كثف التحالف العربي بقيادة الرياض غاراته الجوية، بينما بدأت ترتسم ملامح أزمة إنسانية كبيرة.
ووصف المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان رعد بن زيد بن الحسين الوضع في اليمن بأنه "مثير لأقصى درجات القلق مع عشرات المدنيين القتلى في الأيام الأخيرة"، مضيفا في بيان من جنيف: "يبدو أن البلد على حافة الانهيار الكامل".
وتعرضت العاصمة اليمنية صنعاء قبل فجر الثلاثاء لأعنف غارات جوية منذ بدء عمليات القصف التي يشنها تحالف عربي بقيادة
السعودية على مواقع المتمردين
الحوثيين المؤيدين لإيران وعسكريين من أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وقال أحد السكان ويدعى عاصم الصبري: "شهدنا الغارات الأعنف" في صنعاء منذ بدء عملية التحالف العربي الخميس، مضيفا: "سمعنا دوي انفجارات قوية طوال الليل. كان أمرا مريعا، لم يغمض لنا جفن".
في غضون ذلك، تصاعدت الحرب الكلامية بين الرياض وطهران في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى لوزان ونتيجة ماراتون المفاوضات حول برنامج إيران النووي.
وقال الأمير سعود الفيصل في كلمة له نشرها الحساب الرسمي لمجلس الشورى في تويتر، "إن ميليشيا الحوثي والرئيس السابق (علي عبد الله صالح)، وبدعم إيران، أبت إلا أن تعبث باليمن، وتعيد خلط الأوراق"، مضيفا أن "المملكة ليست من دعاة الحرب، ولكن، إذا قرعت طبولها، فنحن جاهزون لها".
في المقابل، حذرت إيران من أن العملية العسكرية في اليمن يمكن أن تمتد آثارها إلى الشرق الأوسط باسره، إذ قال مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، على هامش مؤتمر المانحين لسوريا المنعقد في الكويت، إن إيران تعتبر التدخل في اليمن "عدوانا خارجيا" سيؤجج التطرف في المنطقة.
وأضاف أن "نيران الحرب" ستدفع "كل المنطقة إلى اللعب بالنار"، مضيفا أن "العمليات العسكرية يجب أن تتوقف فورا".
وأعلنت إيران أنها أرسلت مساعدة إنسانية لليمن، إذ قال ناصر جرخ ساز مدير الهلال الأحمر الإيراني إنه تم إرسال "شحنة تضم 19 طنا من الأدوية والتجهيزات الصحية والمواد الحيوية وطنين من الغذاء".
وتتلقى طهران اتهامات من العديد من الدول العربية بالسعي إلى زيادة نفوذها في الشرق الأوسط، من خلال دعم المتمردين الحوثيين الشيعة الذين سيطروا على مناطق واسعة من الأراضي اليمنية في الأشهر الأخيرة.
وكان الحوثيون انطلقوا من معقلهم صعدة شمالي اليمن، وتدفقوا إلى العاصمة صنعاء، التي سيطروا عليها بالكامل في شباط/ فبراير، كما سيطروا على مناطق في الوسط والغرب والجنوب، وهددوا الأسبوع الماضي مدينة عدن الكبرى، ما أدى الخميس إلى شن ضربات التحالف العربي بقيادة الرياض.
وتركزت غارات ليلة الثلاثاء العنيفة جدا على صنعاء، وخصوصا مواقع الحرس الجمهوري الذي بقي مواليا لصالح المتحالف اليوم مع الحوثيين، إذ قال أحد السكان "كل معسكرات الحرس الجمهوري في محيط صنعاء، وكذلك مطار العاصمة، تعرضت للقصف طوال الليل".
وإلى جانب صنعاء، أصابت الغارات مواقع للحرس الجمهوري ومواقع دفاعات جوية في مناطق عدة في اليمن، بحسب سكان.
وفي تصريحه الصحافي الدوري مساء الاثنين، أقر المتحدث باسم قوات التحالف العربي المشترك "
عاصفة الحزم" العميد الركن أحمد عسيري ضمنا بمسؤولية التحالف عن الغارة التي أوقعت أربعين قتيلا على الأقل ومئتي جريح، الاثنين، في مخيم النازحين في المزرق شمال غرب اليمن.
وقال إن "التحالف استهدف من قبل ميليشيات من منطقة سكنية، واضطر طيران التحالف للرد في اتجاه مصدر النيران"، وذلك ردا على سؤال حول ضربة ضد مخيم المزرق.
سحب الأجانب
وإزاء تفاقم الوضع، أعلن متحدث باسم الأمم المتحدة الثلاثاء أن المنظمة سحبت من اليمن جميع موظفيها الأجانب، وأن ممثلها في هذا البلد جمال بنعمر استقر في الأردن، موضحا أن آخر 13 أجنبيا يعملون للأمم المتحدة غادروا اليمن.
وكان نحو 200 موظف أممي، بينهم بنعمر، غادروا الأراضي اليمنية نهاية الأسبوع الماضي.
وأضاف المتحدث أن المنظمة ستعول على "مئات عدة" من موظفيها المحليين لإبقاء حضورها في البلد، بينما سيعود الموظفون الأجانب "حال ما تسمح الظروف".
وقال المتحدث باسم المنظمة، فرحان حق، الثلاثاء إن بنعمر يسعى لإعادة إطلاق مباحثات السلام، رغم حملة الغارات الجوية، كما قلل المتحدث من أهمية معلومات أشارت إلى خسارة المبعوث الدولي لليمن دعم دول الخليج العربية.
وقال: "من الصعب أثناء فترة حرب دفع المفاوضات، لكن الأمر يزداد أهمية في هذه الظروف"، مؤكدا أن الدبلوماسي المغربي جمال بنعمر لا يزال يحظى بـ"دعم تام" من الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون.
هجمات على مدنيين
وفي جنيف، أعربت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن "صدمتها" إزاء الهجوم على مخيم النازحين، ونددت بهجمات أخرى طالت أهدافا مدنية.
ونددت سيسيل بولاي المتحدثة باسم المفوضية، خصوصا بهجوم نفذته الفرقة 33 المدرعة الموالية لصالح والحوثيين في الضالع، واستهدف ثلاثة مستشفيات.
وتعرض مقر هذه الفرقة الثلاثاء لغارة من التحالف العربي، ما خلف 32 قتيلا بين جنودها، بحسب مصدر طبي.
وفي عدن، قتل عشرة أشخاص، بينهم مدنيون، وأصيب 34 آخرون بجروح، وفق مصدر طبي، ويضاف هؤلاء القتلى إلى 47 آخرين مدنيين وعسكريين قتلوا الاثنين والثلاثاء في هجمات متفرقة في الجنوب، بينهم 20 عاملا في مصنع أسمنت أصيب بقذيفة لم يعرف مصدرها.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود أنها "عالجت أكثر من 550 جريحا منذ 19 آذار/ مارس إثر مواجهات في عدن ولحج ومناطق أخرى في الجنوب".
وبحسب منظمة العفو الدولية، يوجد على الأقل ستة مدنيين (امرأتان وأربعة أطفال) بين 14 شخصا حرقوا أحياء في غارة جوية للتحالف قبل فجر الثلاثاء في محافظة إب (وسط اليمن)، حيث استهدفت الغارات موقعا حوثيا.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الثلاثاء أنها لم تحصل على ضمانات أمنية ضرورية كي تحط طائرة محملة بالمواد الطبية في اليمن، فيما قتل موظف في الهلال الأحمر اليمني الاثنين.
وأطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر -في بيان- نداء، كي تتمكن الطواقم الإنسانية من العمل بكل أمان، بعد أن "قتل المتطوع في الهلال الأحمر اليمني علي عمر حسام الاثنين في محافظة الضالع الجنوبية، فيما كان يقوم بإجلاء جرحى".