قضايا وآراء

الحاجة إلى تحالف سعودي-تركي

محمد عوده الأغا
1300x600
1300x600
تتسارع الأحداث في منطقتنا العربية بصورة متلاحقة بما لا يدع مجالاً للشك أننا بحاجة لإعادة ضبط التوازن وإحداث اختراقات في جدار السياسات الإقليمية المتبعة منذ فترة، لأنها أثبتت عدم قدرتها في التعامل مع مجريات الأحداث.

انطلاقاً من سقوط نظام صدام حسين في العراق، والسماح بظهور الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، وتغيير ميزان القوة لصالح إيران، ثم التبعية المفرطة للسياسات الغربية فيما سمي بالحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ثم  ثورات الشعوب العربية، وتغيير الأنظمة الحاكمة التي تضرب بجذورها في أعماق تكوينات المجتمعات، أو ما اصطلح على تسميته "بالدولة العميقة" وسعيها لإفشال التجارب الديمقراطية، ثم ظهور الجماعات المتطرفة فكرياً وتهديدها للأمن في المنطقة، وغيرها من الأحداث، نجد أنفسنا أمام خارطة معقدة من التهديدات التي تشير إلى أننا على أعتاب سايكس-بيكو جديدة تقسم المنطقة بصورة تضمن الاستغلال الأمثل لثرواتنا من الدول العظمى، فما عادت الاتفاقية القديمة بعد مئة عام تقريباً تصلح؛ مع ظهور وعي الشعوب بحاضرها وتطلعها للحرية والانعتاق من التبعية.

إضافة إلى ذلك نجد أن التكتلات العربية الثلاثة التي نشأت في ثمانينيات القرن الماضي (مجلس التعاون الخليجي، ومجلس التعاون العربي، واتحاد الدول المغربية) كبديل عن الوحدة العربية الشاملة، أثبتت ضعفها وعدم قدرتها على إدارة الصراع القائم على أساس نهب الثروات وإشغال العرب بعضهم ببعض، الأمر الذي هدد منظومة الأمن القومي العربي.

لذا فإننا بأمس الحاجة لمنظومة إقليمية مبتكرة تبدأ بتحالف بسيط يحتضن مكونات المنطقة من ثقافات ومذاهب وقوميات ومقومات اقتصادية وسياسية وبشرية، وبنظرة سريعة سنجد أن أكثر الدول امتلاكاً لهذه العناصر، وهي في احتياج لهذا التحالف بصورة آنية هي المملكة العربية السعودية وتركيا، نظراً للتهديد الفعلي الموجه لها.

فالمملكة العربية السعودية يشغلها الآن تنامي الفكر المتطرف، وازدياد النفوذ الإيراني في اليمن والعراق، وتراجع قدرتها على إدارة الأزمات كما في الحالة السورية، بالرغم من امتلاكها مقومات اقتصادية قوية ومكانة دينية رفيعة في قلوب المسلمين والعرب.

أما تركيا فتأثرها بثورات الربيع العربي اقتصادياً في ليبيا وسياسياً في مصر وأمنياً في سوريا، وعدم قدرتها على تطبيق استراتيجيتها الخارجية التي تعتمد على تصفير المشاكل بصورة أساس مع جوارها الإقليمي، ستجعل صناع القرار فيها يوجهون بوصلتهم بكل قوة نحو عقد التحالف مع المملكة العربية السعودية، بسبب اشتراك الدولتين في معظم المخاوف والأخطار.

هذا التحالف إن أقيم على أرض الواقع، سيلغي حالة الاستقطاب الآثم بين معسكري الممانعة والمقاومة، مما سيعيد ترتيب أوراق المنطقة بصورة تردع كل من يفكر بالعبث في الأمن الإقليمي، ويلغي النزعة الانفصالية لبعض القوميات نظراً لشعورهم بالأمن في ظل قوة جديدة ترعى مصالح الجميع.

لكن هذا التحالف سيحتاج لعنصر مهم في نظامه حتى تكتمل أركانه، ولن يكون ذلك إلا بانضمام مصر ذات الخزان البشري الكبير، والموقع الاستراتيجي المهم للعالم بوجود قناة السويس، والمكانة التاريخية العريقة، لذا فإن خيار التحالف -حال انعقاده- هو باتجاه إنقاذ مصر من الانهيار، ودعمها في إطار تحقيق التوازن.

 إن حاجتنا لهذا التحالف تكمن في امتلاكه لعناصر القوة الصلبة (الاقتصادية والعسكرية)، التي يرى البعض فيها أنها الضامن لبقاء الأمم مع تفعيل أدوات القوة الناعمة من إعلام ودبلوماسية وثقافة.

وتبقى الآمال معقودة، على خروجنا من أزماتنا بأن ندير الصراع، لا أن ننتظر من يخرجنا سالمين منفردين.

[email protected]
التعليقات (1)
محمد شاهين
السبت، 21-03-2015 11:35 ص
نحن الان اقرب من اي وقت مضى من تحقق هدا التحالف بسبب الوضع الإقليمي