نشرت مجلة "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرا لمراسلها ألكساندر كريستي-ميلر، حول علاقات
تركيا الخارجية، قال فيه إنه خلال ثمانية أعوام من حكم
حزب العدالة والتنمية، الذي يقوده رجب طيب أردوغان، مدت تركيا يدها بكل ثقة لبناء علاقات مع دول الشرق والغرب.
ويشير التقرير إلى أنه في عام 2005، أي بعد ثلاث سنوات من صعود الحزب إلى سدة الحكم، أصبحت تركيا مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي. وفي الوقت ذاته، كانت تركيا تبني علاقات قوية في
الشرق الأوسط وأفريقيا، وهاتان منطقتان كانتا مهملتين من الحكومات التركية السابقة.
وتبين المجلة أن أنقرة اتبعت فلسفة "تصفير المشاكل مع الجيران"، وتبنت علاقات طيبة حتى مع الأعداء التقليديين مثل نظام بشار الأسد في سوريا. وبمساعدة اقتصاد مزدهر تنامت التجارة مع دول الشرق الأوسط من 6% من المجموع العام عام 2002، إلى 16% عام 2010، فارتفعت من 3.9 مليار دولار إلى 23.6 مليار دولار.
ويذكر التقرير أن مهندس هذا التمدد في السياسة الخارجية كان أحمد داود أوغلو، الذي كان في البداية المستشار الخاص لأردوغان، ثم أصبح وزيرا للخارجية عام 2009، وحتى أصبح رئيسا للوزراء في آب/ أغسطس العام الماضي.
وتوضح المجلة أن داود أغلو كان أستاذا في العلاقات الدولية في جامعة مرمرة في إسطنبول، وقد كتب بغزارة حول السياسة الخارجية.
ويفيد التقرير بأنه بالرغم من العقلانية التي أبداها في الحكومة، إلا أن أعماله الأكاديمية السابقة كانت تشير إلى عقيدة غير منسجمة مع أوضاع المنطقة. وكان يرى أن على تركيا تجنب المزيد من الاندماج مع الغرب، وعليها أن تصبح قائدة للعالم الإسلامي بدلا من ذلك. وكان يرى أن مصير الأنظمة العربية القومية والأنظمة الوراثية في الخليج الفشل؛ لأنها لا تمتلك الشرعية.
ويرى داود أوغلو أن الوريث الطبيعي لتلك الأنظمة هو الحركات
الإخوانية، التي يقيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي علاقات طيبة معها، بحسب المجلة.
وتنقل المجلة عن بهلول أوزكان، الذي كان تلميذا عند داود أوغلو، وهو الآن أستاذ مساعد في جامعة مرمرة، قوله إن داود أوغلو "يريد لتركيا أن تقود الشرق الأوسط، فهو يريد أن يوحد هذه الشعوب من المغرب إلى تركيا تحت الهوية الإسلامية".
ويضيف أوزكان للمجلة أن تفاعل حزب العدالة والتنمية مع الأنظمة في المنطقة مثل نظام بشار الأسد كان مصمما على عقيدة "الأوستبوليتيك" أو سياسة التقارب التي تبنتها ألمانيا الغربية تجاه شقيقتها الشرقية، قبل انهيار سور برلين، اعتقادا منها بأن العلاقات الاقتصادية بين شقي ألمانيا ستكون فعالة أكثر لإسقاط الشيوعية في العزلة التامة.
ويلفت التقرير إلى أنه عندما بدأت الثورات العربية في أواخر عام 2010، ظن أردوغان وداود أوغلو أنها كانت "لحظة انهيار سور برلين" الخاص بهما. وتم البدء بدعم الإخوان في كل من سوريا ومصر وليبيا وتونس.
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" بالإشارة إلى تعليق أوزكان: "عندما سقط مبارك ظن داود أوغلو أن الوقت قد حان، وتوقفت سياسته الواقعية في تصفير المشكلات مع الجيران، وتحولت السياسة التركية 180 درجة، حيث بدأت تنتهج سياسة خارجية عقائدية".