عجيب أمر الدكتور "
محمد علي بشر"، إن أمره كله لعجبا، فهو يبدو لي أنه "صوفي" ضل طريقه للإخوان، فعندما كان يشغل موقع الأمين العام لنقابة المهندسين، والرجل الثاني بها بعد النقيب الوزير حسب الله الكفراوي، في زمن سيطرة
الإخوان علي النقابات المهنية، وكنت "محرراً" مكلفاً بتغطية أخبار النقابات، لم يقنعني بأنه إخوان، وكنت أظن أنه "محض متعاطف"، إذ بدت الجماعة
تنصر "الشاب" حينئذ أبو العلا ماضي، عضو مجلس النقابة، الذي كان هو رأس الأمر وعموده!.
وعندما وقفت بعد ثورة يناير، على أن "محمد علي بشر" من الإخوان، وقد صار قيادياً في حزب الجماعة "الحرية والعدالة"، ووزيراً في حكمهم، لم يقدم خطاباً يؤكد أنه منهم، وكان هو والدكتور حلمي الجزار، يمثلان الهدوء في زمن العاصفة، وبعض الإخوان، كان يتكلمون من أرنبة أنوفهم، بعد أن صاروا في السلطة، وصار حزبهم هو الحزب القوي. ثم حافظ على هذا الهدوء في ظل الكوارث التي نزلت على الرؤوس بعد إزاحة الإخوان عن الحكم بقوة السلاح، وبعد أن جرت مجازر "رابعة وأخواتها".
فهو من الحمائم في جماعة الإخوان، ولهذا ظل طوال الوقت يمثل جسراً للحوار، لنتأكد أنه "إخواني"، ولكن على طريقته، تماماً كما أن زميلنا "محمد عبد القدوس" إخواني على طريقته، إلى حد أن أحداً لم يضق بقبوله التعيين، في مجلس حقوق الإنسان، بقرار من الرئيس المعين، بقرار من قائد الانقلاب العسكري!.
الجدير بالإشارة، أن "عبد القدوس"، الذي لم ينشغل في نقابة الصحفيين، سوي بقضية الحريات، لم يعين في هذا المجلس إبان حكم الإخوان، ربما لأنه لا ينتمي للجناح المهيمن بالجماعة، ولأي جناح، فهو "إخواني" كان يجهر بإخوانيته، في وقت لم يكن كثيرون يفعلون ذلك، لكن تبدو مشكلته أنه "اخواني على طريقته"، كما الدكتور "محمد علي بشر"، الذي أتي بعجيبة، عندما تبين أنه "تخابر مع
النرويج"!.
لا أعرف أين تقع النرويج على الخريطة؟!.. فهي دولة ليست مطروحة على جدول أعمالنا في
مصر، وليست مطروقة، ولم نكن نعلم أنها لها أطماعاً في المنطقة، وأن لها ميولاً استعمارية، إلا بعد توجيه الاتهام للدكتور "بشر" بأنه تخابر مع "النرويج"، التي ليست من دول الاستعمار القديم، وليست عضواً في الاتحاد الأوربي، وليست دولة من دول الجوار، ولم تكن من دول المركز في الحرب العالمية الأولي، ولها مع مصر ثأراً قديماً مثلاً، بعد أن اكتشف حكم العسكر أن مصر شاركت في هذه الحرب مع الحلفاء، ومن ثم احتفلوا بمرور مائة عام عليها، ورفعوا العلم المصري بجانب أعلام دول الحلفاء، في لحظة كاشفة عن الجهل النشط، الذي يجري في عروق العسكر مجرى الدم، فلم يصدقوا أنها حرباً أوربية، وأن مشاركة مصر فيها، كانت عملاً من أعمال السخرة باعتبارها واقعة تحت الاستعمار البريطاني!.
للوهلة الأولى قلت ربما "داست" مصر للنرويج "على طرف"، في الحرب العالمية الأولى، فرأت "النرويج" الفرصة مواتية، للانتقام لطرفها المستباح، فلم تجد أمامها سوى الدكتور "محمد علي بشر" لتستغل طيبته، وتقوم بتجنيده، من أجل نقل معلومات عن المحروسة غير معروفة، ويعرفها "بشر"، بحكم تسخيره للجان ليعمل في خدمته، من أجل الإضرار بالمصالح العليا للبلاد. لكن تبين أن "النرويج" لم تشارك في الحرب العالمية الأولى!.
إذن ما الذي بين مصر و"النرويج"، يدفع القادة النرويجيون، لتعيين أحد المصريين، وهو الدكتور "محمد علي بشر"، "متخابراً" لهم في مصر، إلا أن تكون لدي "النرويج" أطماعاً توسعية، وتطلعت استعمارية، فأغوت "بشر"، بكل وسائل الغواية، ومن بينها "الغواية" إياها، لاسيما وان المعلومات الأولية عن "النرويج"، تقول أن "البنات النرويجيات" فاتنات للغاية، وان الواحدة منهن تقول للقمر "اركن" وسأقوم أنا بالمهمة نيابة عنك.
فالمعلومات الأولية، وسأقوم برحلة للنرويج للتحقق من دقتها، تؤكد أن الوجه النرويجي "صبوح"، و"العيون خُضر"، و"الشعر أصفر لميع"، والقوام ممشوق، و"السيقان كقعر الكوباية"، وذلك في الوصف الصعيدي لجمال المرأة، وقبل أن تطغي بسبب الحملة الفرنسية، مقاييس الجمال الفرنسي، ويصبح الجمال مقرونا بـ "العرقوب الذي يذبح الحمامة"، وكان على زمن المصريين القدماء، من السوءات!.
"النرويج" يا دكتور بشر؟!، وقديماً قال ابن أبيه، "إذا عشقت اعشق قمراً، وإذا سرقت اسرق جملاً".. "النرويج"؟!
لقد ذكرني هذا الاتهام الذي وجهته نيابة أمن الدولة العليا للدكتور "بشر" بالتخابر مع "النرويج" بقضية مشابهة جرت وقائعها عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال المخلوع مبارك في أديس ابابا!.
في القاهرة، توجد كثير من الشقق والبيوت بلا ملاك أو شاغلين، وكان قصر يقع بالقرب من قصر الاتحادية شاغراً، فقام أحد الأشخاص باقتحامه والسيطرة عليه، وفي مثل هذه الحالات فإن على صاحب القصر أن يقم بتقديم بلاغ للنيابة، وهو في بلا صاحب، وقد يكون صاحبه هاجر قديماً، وقد يكون ميتاً بلا ورثة، وإذا ثار نزاع بين المقتحم ومتطفل آخر، فسيعتمد الأول على قاعدة قانونية تقول أن "حيازة المنقول سند الملكية"، وأمام القضاء فإن الأمر قد يستغرق نظره سنوات بدون حسم!.
كان صاحبنا يستعد بهذا الدفع عندما ألقي القبض عليه وقدم للنيابة، ولم يعرف أن عملية القبض كان يقف ورائها قيادة أمنية رفيعة، عين وزيراً للداخلية في وقت لاحق. وكان قد وضع عينه على هذا العقار ربما قبله، وينتظر فرصة مواتية، ليستولي عليه، أو يدفع من يقوم بعملية الاستيلاء نيابة عنه، وفي حمايته!.
أمام النيابة تحول الأمر إلى شئ مضحك للغاية، باعتبار أن شر البلية ما يضحك، إذ وجه الاتهام للمقتحم، بالتخابر مع السودان، لاقتناص الرئيس مبارك، وقت ذهابه للقصر الجمهوري، أو حين عودته، وأنه أقام في هذا القصر لتنفيذ هذه المهمة، المتفق عليها مع المخابرات السودانية!.
صاحبنا يتميز بأحبال صوتية قوية، ولهذا فلم أجد صعوبة، في تخيل طريقة تعامله عندما نقل لي الأمر. لقد أهان وكيل النيابة اهانات بالغة، وعندما ذكره بمغبة ما يفعل، قال له إن اهانة النيابة عقوبتها استمرار حبس أربعة أيام، لكن الاتهام الموجه إليه عقوبته الإعدام!.
وكان المضحك حقاً هو أنه شعر بالاهانة، لأنه وجه له الاتهام بالتخابر مع دولة فقيرة كالسودان، وقال للمحقق: فلتكن أمريكا!.
كان يصمت ثم يصيح في وجه وكيل النيابة: "السودان"؟!.. سيقولون باع وطنه لـ "السودان"؟!.. ماذا تملك السودان لتدفعه لي!.
"النرويج"؟!.. لكن ربما حظ الدكتور "محمد علي بشر" من السماء، لأن من بين الاتهامات الموجهة له هي "التخابر" مع الولايات المتحدة الأمريكية، بجانب تخابره مع "النرويج"، حتى لا يشعر بالإهانة التي شعر بها صاحبنا، أو التي شعر بها سياسيون معارضون في عهد الرئيس السادات ومن بينهم "نبيل زكي" القيادي الآن بحزب التجمع التقدمي الوحدوي، عندما تم القبض عليهم بتهمة التخابر مع "بلغاريا" للإضرار بالمصالح العليا للبلاد، وكان السادات يتعمد اهانتهم بذلك ويستخف بهم، إذ كان الشائع في عهده هو توجيه الاتهام بالتخابر لصالح الاتحاد السوفيتي!.
لا بأس، فبدون انتهاء التحقيقات، فقد استقر في وجداني، ومن الشكل العام للدكتور "محمد علي بشر" أنه "متخابر" فعلاً مع أمريكا و"النرويج"، فلماذا إذن تظل سفارتا "واشنطن"، و"النرويج" بالقاهرة، والبلدين خانتا "العشرة والعيش والملح" وجندت "متخابراً" ليتخابر على مصر ويعرض الأمن القومي للخطر!.
أضعف الإيمان أن يجري استدعاء السفير الأمريكي، ونظيره النرويجي وإبلاغهما احتجاج مصر الشديد، على تجنيد "متخابرا" ليتخابر لصالحهما ضد بلاده، فليس بعد حرق الزرع "جيرة". من الجوار، كما يقول المثل الشعبي!.
ما علينا، فأعدكم بمحاولة الوقوف على جمال النرويجيات، اللاتي مثل جمالهن غواية للدكتور "محمد على بشر" دفعه لبيع الوطن، والتخابر ضده لصالح الشقيقة الكبرى "النرويج".
فقد يكون الثمن "صبية نرويجية" يتيمة الأبوين وسيقانها ملفوفتان!.