يشكو
الفلسطينيون في
القدس الشرقية من سلاح جديد تستخدمه
إسرائيل ضدهم وللتضييق عليهم في معيشتهم، وهو المياه القذرة، التي ترش على أبواب محلاتهم، وتترك رائحة منتنة تمنع السياح من الاقتراب منها.
ويقول جون ريد، مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية "داخل سوق جبل الزيتون، شرق مدينة القدس، تنبعث رائحة كريهة، كأنها من حمامات لم تنظف أو جوارب وسخة معلقة على حبل غسيل".
ويستدرك ريد بأن الأمر ليس كذلك، فتجار السوق يشتكون من حملة رش مياه تقوم بها قوات
الاحتلال الإسرائيلية، وقالوا إنها أحضرت عربات مزودة بخراطيم مياه، ورشت المحلات بمياه كريهة تذكر رائحتها برائحة حيوان الظربان، وتحتوي على مادة يستخدمها الجيش الإسرائيلي للسيطرة على التظاهرات التي يقوم بها الفلسطينيون، والتي تدخل في الملابس، وتبقى عالقة في المباني والأثاث لمدة أسابيع.
وتنقل الصحيفة عن خليل الهوا، أحد تجار السوق، قوله: "نحن محظوظون فقد أمطرت السماء، ولهذا اختفت الرائحة بنسبة 99 بالمئة"، مضيفا أن حجم تجارته قد تراجع بنسبة الثلثين منذ تموز/ يوليو مع بداية التظاهرات، التي استخدم فيها الشباب الحجارة والحصى ضد قوات الاحتلال في تظاهرات يومية، وردت قوات الاحتلال برش المنطقة بسائل كريه الرائحة "يبقى في العادة لأكثر من شهر" كما يقول الهوا.
ويبين ريد أن المياه القذرة هي وسيلة واحدة من الوسائل التي تستخدمها قوات الاحتلال لقمع واحتواء سلسلة من التظاهرات التي تجري في القدس الشرقية المحتلة، والتي يقول الفلسطينيون إنها أشكال من العقاب الجماعي التي تشعل السخط والاستياء.
وتذكر الصحيفة أن الأسبوع الحالي شَهد واحدا من حوادث العنف السيئة، عندما هاجم فلسطينيان كنيسا يهوديا، وقتل في الحادث خمسة أشخاص.
وزاد الحادث مخاوف اليهود من الفلسطينيين الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة من المدينة، ولكنهم يعملون في الفنادق والمطاعم والمتاجر جنبا إلى جنب.
وتشير "فايننشال تايمز" إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية قالت إن الإجراءات التي تستخدم في الجزء الشرقي، مثل القنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع والحواجز على الطرق، ضرورية لمنع انفجار العنف وانتشاره.
وبحسب قوات الاحتلال الإسرائيلية فإن المياه التي يستخدمونها هي مياه نقية وليست مضرة، وتساعدهم على تفريق التظاهرات، وتحديد المشتبه بهم.
وينقل التقرير عن ميكي روزنفيلد قوله "تستخدم المياه ذات الرائحة الكريهة كسلاح غير فتاك عندما يقوم الفلسطينيون بتنظيم تظاهرات، ورمي القنابل الحارقة والحجارة على الشرطة".
ويستدرك الكاتب بأن سكان القدس الشرقية يقولون إن الشرطة تقوم برش السائل رمادي اللون بطريقة عشوائية على المتاجر والمطاعم والفنادق، ويصفونها بأنها واحدة من الأساليب العقابية التي تستخدمها إسرائيل ضدهم، والتي لا تستخدم في الحي الغربي من القدس، ما يؤكد
التمييز ضدهم.
ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل قد استخدمت المادة ذات الرائحة الكريهة في الضفة الغربية عام 2008، وبدأت تستخدمها في القدس بعد اندلاع التظاهرات احتجاجا على مقتل الشاب محمد أبو خضير.
ويورد التقرير قول بائع مرطبات في سوق جبل الزيتون "يريدون منع الشباب من رمي الحجارة، ولهذا يعاقبون كل شخص". ويشير التجار الذي يعتمدون على السياحة الأجنبية في أعمالهم، خاصة الزوار المسيحيين للأماكن المقدسة، لنقاط سوداء في أرضية محلاتهم التي يقولون إنها آثار قنابل صوتية.
وتفيد الصحيفة أن منظمات حقوق الإنسان تقول إن استخدام قوات الاحتلال للسائل ذي الرائحة الكريهة والقنابل الصوتية والرصاص المدبب بالإسفنج يظهر الوضع التمييزي الذي يعاني منه سكان المدينة الفلسطينيون. وتقول رونيت سيلا من جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل "تستخدم الشرطة إجراءات لمكافحة الشغب في القدس الشرقية بدرجة لم تستخدم من قبل".
وتحدث التقرير عن عودة إسرائيل لسياسة هدم البيوت بعد أن هدمت يوم الأربعاء بيت فلسطيني دَهس شخصين الشهر الماضي، وستهدم بيتي الشابين اللذين هاجما الكنيس.
ويقول سكان قرية العيسوية، التي شهدت أسوأ الاضطرابات إن قوات الاحتلال أغلقت مدخل القرية أكثر من مرة، ما عرقل حركة سير الحافلات المدرسية والعاملين في الجزء الغربي من المدينة، بحسب الصحيفة.
ويورد التقرير حديث السكان عن سنوات من التمييز العنصري ضدهم في التعليم والبناء وغياب البنى التحتية، ومعاملة قوات الاحتلال لهم، حيث يصفون الوضع بأنه حالة من "الأبارتيد"، التي زادت من خلال مداهمات المتطرفين اليهود للحرم الشريف.
ويختم الكاتب تقريره بعرض رأي خليل الهوا بأن الحكومة الإسرائيلية تتسامح مع المتطرفين "أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية تتجه نحو اليمين وتحضر للانتخابات، ولهذا تريد الحصول على أصواتهم، وأفضل طريقة لكسبهم هي القيام بأعمال استفزازية ضد الفلسطينيين".