"
عين العرب" أو "
كوباني" ومؤخرا "
عين الإسلام" هي أسماء مختلفة لمدينة سورية واحدة تقع شمالي محافظة حلب على الحدود مع تركيا، ويحاصرها تنظيم "داعش" منذ أكثر من أسبوعين ويسعى للسيطرة عليها وحسم المعركة مع المقاتلين الأكراد الذين يستميتون في الدفاع عنها بدعم من طيران التحالف الدولي وفصائل عربية تابعة للجيش الحر.
وعن أصل وسبب الأسماء الثلاثة للمدينة، قال أحمد الجمو كردي من محافظة حلب، إن اسم "كوباني" لا يوجد له معنى لغوي محدد، سوى أن باحثين تاريخيين أرجعوا التسمية إلى الشركة الألمانية التي كانت متعهدة لمد وتنفيذ سكة الحديد الواصلة بين إسطنبول وبغداد عبر شمالي حلب (شمال
سوريا) مطلع القرن الماضي، حيث افتتحت مكتبا لها في موقع "عين العرب" أو "كوباني" الحالي لإنجاز المشروع.
وفي تصريح له، أوضح الجمو أن سكان المناطق القريبة كانوا يسمعون من بعض الخبراء الأجانب اسم "كومباني" أي شركة باللغة الانكليزية (Company)، وتم تداول الاسم وتحويره مع مرور الزمن قبل أن يصبح على ما هو عليه اليوم "كوباني".
وأضاف أن هنالك رواية تاريخية أخرى يعرفها حول تسمية المدينة، تشير إلى أن وجود اسم كردي قديم للمنطقة وهو "كانيا عربان"، وهو حاليا لا يزال يطلق على الطرف الشمالي من المدينة، حيث كان هنالك عين مياه صغيرة، ويأتي رعاة من العرب ليسقوا أغنامهم منها، وأطلق بعض الأكراد على المنطقة تسمية "كانيا عربان" الذين كان العرب أنفسهم يتداولونه أيضا، وترجم الاسم إلى العربية لاحقا بـ"عين العرب".
فيما يذكر أحد الباحثين التاريخيين الأكراد من محافظة حلب أيضا، أن عشائر عربية كانت تعتدي على جيرانها من الأكراد مطلع القرن الماضي، ما دفع هؤلاء الجيران إلى الاجتماع في محاولة لإيقاف تلك الاعتداءات واتخاذ موقف موحد منها لصدها.
وأضاف الباحث أن الاجتماع سمي بـ"كوم بانيا" والترجمة العربية لهذا الاسم هو "الإجماع على موقف"، على حد قوله، ومع مرور الزمن وإقامة سكان جدد في المنطقة حوّر الاسم ليصبح "كوباني".
في سياق متصل، قال الباحث إن رواية أخرى حول تسمية "كوباني"، تنص على أن عشيرة تدعى "مللان" كانت تقطن في منطقة "رأس العين" أو "سري كانيه" بالكردية بمحافظة الحسكة شمال سوريا، تحالفت مع عشيرة أخرى في منقطة "عين العرب" الحالية وأطلقت على تلك العشيرة "كوما باني. وترجمة المفردتين كل على حدة هي: "كوما" أي الجماعة و"باني" أي العليا، وهي تقابل "كوما خوار" التي تعني "الجماعة السفلى".
وأشار الباحث إلى أن التسميتين "الجماعة العليا" أو "الجماعة السفلى"، كان يقصد بهما الموقع الجغرافي لمكان تواجد كل من العشيرتين وليس لقيمة معينة أو لمكانتهما.
وأكد الباحث أن الروايتين اللتين ذكرهما الجمو حول أصل تسمية المدينة واردة، مشيرا إلى أن الروايتين وما ذكره هو شخصيا عن أصل تسمية "كوباني" هو "الأكثر تداولا وترجيحا"، مع وجود روايات وآراء أخرى.
من جهة أخرى، تداول عناصر وموالون لتنظيم الدولة "داعش" على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، اسماَ ثالثا للمدينة مغايرا للاسمين العربي (عين العرب) أو الكردي (كوباني)، وهو "عين الإسلام"، وذلك في تغطية أولئك للمعارك التي يخوضها التنظيم منذ أكثر من أسبوعين للسيطرة على المدينة.
وفي حين يرى الجمو أن تسمية "عين الإسلام" غير منتشرة، فإنه رأى أنها تسمية قد تكون أطلقها بعض عناصر التنظيم أو الموالين له "بشكل فردي"، مؤكدا أنه من خلال متابعته لم يصدر شيء رسمي بخصوص ذلك في بيان لـ"داعش" أو إحدى الإصدارات المرئية التي يصدرها عادة لتوثيق المعارك التي يخوضها عناصره.
ويسمي
تنظيم الدولة المحافظات والمدن والبلدات الكبرة التي يسيطر عليها في كل من سوريا والعراق "ولايات"، ويلجأ في بعض الأحيان لتغيير اسم تلك التقسيمات الإدارية مثلما أطلق على محافظة دير الزور شرق سوريا "ولاية الخير" وعلى الحسكة "البركة"، في حين يحافظ في أحيان أخرى على الأسماء الأصلية مثل "ولاية الرقة" السورية أو "ولاية نينوى" العراقية.
ويستحدث في بعض الأحيان ولايات جديدة في مناطق سيطرته مثلما عمل نهاية آب/ أغسطس الماضي بإعلان ولاية جديدة شرق سوريا وغرب العراق باسم "ولاية الفرات"، وجاء الأمر نتيجة ضم مدينة القائم غرب العراقي مع نظيرتها مدينة البوكمال السورية على الجانب الآخر من الحدود، في ولاية واحدة.
وكانت "عين العرب" أو "كوباني"، التي تبعد حوالي 150 كلم شمال شرقي حلب، تضم نحو 400 ألف نسمة بينهم أقلية عربية، منهم نحو 200 ألف نازح سوري من شرق وشمال البلاد لجأوا إليها نتيجة تهجيرهم في الحرب ضد "داعش"، بينما أدت سيطرة التنظيم على مئات القرى المحيطة بالمدينة إلى تهجير أكثر من 130 ألف كردي من المدينة باتجاه تركيا، بحسب إحصائيات رسمية.
ويتبع للمدينة التي تحوي عددا من المواقع الأثرية التي تعود للحضارتين الآرامية والآشورية، أكثر من 380 قرية سيطر "داعش" على معظمها خلال هجومه الأخير عليها وبات يفصله عن المدينة بضعة كيلومترات، بحسب مصادر سورية معارضة.
ومنذ الثامن من آب/ أغسطس الماضي يوجه التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة دول غربية وعربية، ضربات جوية لمواقع "داعش" في سوريا والعراق، ضمن الحرب على التنظيم، وأعلن البنتاغون عن شن ضربات ضد مقاتلي التنظيم في محيط "عين العرب"، خلال الأيام الماضية.