بعد ظهر كل يوم عندما تتجاور
الحرارة التي يشعر بها
سكان هافانا 48 درجة مئوية، تصطحب داليا ساندوفال ابن شقيقتها البالغ 12 عاما وأطفالا آخرين إلى حوض سباحة مهجور محاذ لمياه خليج فلوريدا.
وعلى مدى ساعات تبقى جالسة محاولة تجنب ضربات الشمس بفضل مظلة في حين يلهو خوسيه وأصدقاؤه في الحوض القديم المملوء من مياه البحر.
وتقول لوكالة فرانس برس "أرافقهم دائما لأن البحر قريب جدا وأخشى أن يحصل لهم أي مكروه".
على طول الشاطئ الذي يمتد عشرين كيلو مترا في العاصمة الكوبية، يتجه سكان هافانا إلى أي طبقة انتموا، ما أن يتمكنوا من ذلك، إلى شاطئ البحر للإفلات من القيظ الخانق الذي تزيد من وطأته درجة الرطوبة التي قد تتجاوز نسبة 90%.
وتفيد هيئة الأرصاد الجوية الكوبية أن الجزيرة تسجل ثالث أحر موسم
صيف منذ العام 1952 مع 28 درجة مئوية بشكل وسطي.
ويفيد خبراء محليون أن الحرارة عندما تتجاوز 34 درجة مئوية وهو أمر يحصل كل يوم مثلا في شهر آب أغسطس، يشعر السكان بها على أنها 48 درجة مئوية بسبب درجة الرطوبة العالية.
على شاطئ البحر في العاصمة الكوبية، لا تملك الأماكن التي يتردد إليها متواضعو الحال من البحر إلا الاسم فلا وجود لفسحات رملية ولا منقذين بحريين ولا دكاكين لشراء المشروبات لا مراحيض حتى.
أما الشواطئ "الفعلية" القليلة فهي خاصة بنزلاء الفنادق أو بـ"أوساط اجتماعية" معينة.
أما شواطئ الرمل الناعم والمياه الزرقاء النقية فتقع على بعد ما لا يقل عن عشرين كيلومترا خارج المدينة وهي رحلة لا يمكن في كثير من الأحيان لسكان هافانا أن يتحملوا كلفتها.
وفي غياب شاطئ شرعي فإن "أسنان الكلب" وهي صخور حادة شكلتها حركة ارتداد الموج، تستقبل سكان العاصمة.
ومن أكثرها شعبية بين السباحين "ايل ياكي" الواقعة على مسافة قريبة من مسرح "تياترو كارل ماركس" الشهير حيث تحيط كاسرات أمواج بالمياه الهادئة.
وإلى الغرب قليلا في حي ميرامار حيث السفارات، ثمة مواقع إسمنتية أو صخرية يتردد إليها السكان.
وثمة إقبال على "شاطئ الشارع رقم 26".
يوضح مايكل سانشيس دياز وهو طالب ثانوي في الخامسة عشرة يقيم في حي ماريانو الشعبي المجاور "آتي دائما إلى هذا الشاطئ لاهرب من الحر. وأمضي وقتا طويلا هنا من الثامنة صباحا إلى الخامسة عصرا".
من حوله يمر الباعة الجوالون الذين يبيعون الفستق المحمص فضلا عن المثلجات والمشروبات الباردة.
في شوارع المدينة يكون غالبية الرجال عاريي الصدور أو بقميص قطني من دون أكمام في حين يلجأ السكان إلى الشارع أو إلى رواق للحصول على بعض الهواء.
أما في الساحات فيلعب الأطفال والحيوانات في مياه النوافير.
ويضطر لاعبو الدومينو في أزقة وسط المدينة حتى إلى تغير موقع طاولتهم بحثا عن بعض الظل.
وتدفع الحرارة والرطوبة سكان آخرين في هافانا إلى اعتماد وسائل بدائية نسبيا.
فالمقاول رينيه لابرادا من حي لا فيبورا في جنوب العاصمة يقول لوكالة فرانس برس أنه يرتدي لباس السباحة ويرشق نفسه بالمياه من دلو ماء، حين تكون الدرجات الحرارة في مستوى لا يطاق.
وقد اشترى آخرون أحواض سباحة قابلة للنفخ أو أنهم بنوا أحواضا إسمنتية.
أما بعض الانتهازيين الذين لديهم أحواض سباحة فعلية فهم لا يترددون في فرض بدل مالي على جيرانهم لكي يستعلموها.
وهي تجارة مربحة خصوصا وأن السعر المحدد عادة هو دولاران في حين أن فنادق العاصمة الكوبية تفرض رسما من 10 دولارات على زبائنها في اليوم.
الآن متوسط أجر الكوبيين هو عشرون دولارا، لذا يضطرون في غالبيتهم إلى المشي كليومترات عدة للوصول إلى أقرب شاطئ ومحاولة إيجاد زاوية صغيرة بين الصخور أو الإسمنت.