قال الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى،
دينيس روس، إن الإدارة الأمريكية عليها أن تعي حقيقة الصدع الحادث الآن في الشرق الأوسط، وهو ما يتمثل في الانقسام بين الاسلاميين وغير الاسلاميين، والذي سيؤدي إلى تداعيات عميقة على السياسات الخارجية الأمريكية في المنطقة.
ودعا روس في مقاله الأخير بجريدة "نيويورك تايمز"، الادارة الامريكية إلى الانضمام لحلفائها الطبيعيين في المنطقة وهم "غير الاسلاميين" سواء كانوا دولا أو تيارات علمانية مناهضة للإسلام السياسي.
ويقسم الكاتب التيارات الاسلامية إلى سنية وشيعية، أما السنة فتشمل "تنظيم الدولة" والإخوان المسلمين، والشيعة تشمل إيران والميليشيات التابعة لها، بما في ذلك حزب الله في لبنان وسوريا وعصائب أهل الحق في العراق.
ويتابع روس، وهو مستشار السابق بالبيت الابيض، قائلا إن هناك صراعات دائرة بين تلك الجماعات الاسلامية المختلفة، ولكنها جميعا في صراع محتدم مع غير الاسلاميين في معركة تحديد هوية المنطقة.
ويلفت إلى أن جميع الاسلاميين يتفقون على "اخضاع الهوية الوطنية للهوية الاسلامية." ويؤكد أن الجماعات الاسلامية ليست جميعها بنفس تطرف "تنظيم الدولة"، ولكن الاخوان المسلمين يؤمنون بفكرة الأمة الإسلامية، وكان ذلك أحد أسباب تظاهرات 30 يونيو على حد قوله، وهو أن الاخوان كانوا يرون في مصر دولة إسلامية قبل أن تكون مصرية.
ويضيف روس أن السيسي الآن يرى نفسه في "صراع وجودي" مع الاخوان المسلمين، ويدعمه في ذلك السعودية والإمارات والكويت، وهو يتعاون عن قرب مع الجزائر والمغرب والأردن. ويقول أنه أثناء الحرب الاخيرة على غزة كانت هناك تظاهرات في اسرائيل وأوروبا ضد العدوان ولكن ليس في الدول العربية، فالدول السنية في المنطقة تريد إضعاف حماس.
ويقول روس إن ثورات الربيع العربي لم تأتي بالديمقراطية ولكنها "أدت إلى فراغ سياسي صاحبه صراع حول الهوية." ويضيف أن الرئيس أوباما كان محقا عندما أشار إلى اختفاء النظام القديم في المنطقة، وأنه لابد من المزيد من الوقت كي يحل محله نظام آخر. فالادارة الأمريكية تحاول بصعوبة ايجاد استراتيجية فعالة، ويرى الكاتب أن الصراع بين الاسلاميين وغير الاسلاميين يخلق فرصة أمامها.
وفي رأيه، يشمل غير الاسلاميين الأنظمة الملكية والأنظمة القمعية في مصر والجزائر بالإضافة إلى الاصلاحيين
العلمانيين قليلي العدد. "والعلمانيين لايشملوا نظام الأسد في سوريا لانه يعتمد بشكل كامل على ايران وحزب الله ولايستطيع اتخاذ قرارت بدونهم"، يقول روس.
ويضيف أن "غير الاسلاميين يريدون أن يعلموا أن الولايات المتحدة تدعمهم، وهذا بالنسبة لأمريكا يعني عدم التحالف مع ايران ضد داعش، بالرغم من احتمال تجنب كلا الدولتين التدخل في العمليات التابعة لأي منهما في العراق، ويعني هذا التنافس مع ايران في انحاء أخرى بالمنطقة، بغض النظر عن إمكانية عقد صفقة نووية مقبولة مع طهران. ويعني أيضا أن الولايات المتحدة يجب أن تعي أن مصر تمثل جزءا هاما من التحالف المضاد للإسلاميين، وأن الدعم العسكري الأمريكي لا يجب أن يتوقف بسبب الخلاف على السياسات الداخلية التي ينتهجها النظام المصري."
كما حث الكاتب الولايات المتحدة على التنسيق مع مصر والإمارات في هجماتهم على المسلحين في ليبيا وغيرها، لأن التنسيق سيجعل عملياتهم العسكرية أكثر فعالية، وسوف يعطي الولايات المتحدة قدرة أكبر على التأثير على أفعالهم. ويتابع أن غير الاسلاميين هم الحلفاء الطبيعيين لأمريكا في المنطقة، لأنهم يؤيدون الاستقرار وحرية تدفق الغاز والنفط ويعارضون الإرهاب.
وأخيرا يقترح الكاتب ثلاثة مبادئ على الولايات المتحدة أن تتبعها في شراكتها مع الأنظمة المعادية للإسلاميين في المنطقة، أولا التركيز على الأمن والإستقرار، ثانيا عدم التواصل مع الاسلاميين لأن معتقداتهم غير متوافقة مع التعددية والديمقراطية، ولكن تركيا تعتبر حالة خاصة لأنها عضو في الناتو، فهناك الكثير مما يمكن فعله مع تركيا فيما يتعلق بمحاربة "تنظيم الدولة"، ولكن على الرئيس التركي أن يعي أن دعمه للإخوان يقلل من مجالات تعاون الولايات المتحدة معه ويعزل تركيا عن جيرانها. ثالثا لا يعني دعم حلفاء أمريكا من غير الاسلاميين أن الادارة الامريكية ستظل صامتة حيال السياسات الداخلية ولكنها لابد أن تضغط عليهم فيما يتعلق بالتعددية وحقوق الاقليات وسيادة القانون.
يُذكر أن روس قد شغل منصب مبعوث أمريكا لسلام الشرق الأوسط، وهو من فريق المحافظين الجدد، ومن رموز التأييد للكيان الصهيوني في الولايات المتحدة- "عربي21".