شكا العاملون بمشروع تنمية محور قناة
السويس أو شق قناة السويس الجديدة، بحسب تعبيرات الإعلام
المصري، من ظروف غير آدمية يعملون فيها، ومعاناتهم من قلة المياه العذبة، والطعام اللازم، ونومهم في عشش من البوص، وخيام غير مجهزة في العراء، بدون حمامات لقضاء حاجتهم.
ولم تستطع صحف مصرية صادرة الثلاثاء، تجاهل نقل هذه الأوضاع غير الآدمية التي يعاني منها
عمال المشروع، في ظل تنافسها في نقل صورة ميدانية لحياة هؤلاء العمال، بعد أيام من تدشين المشروع من قبل الجنرال عبدالفتاح
السيسي قبل أيام، وزيارته للعمال فجر يوم الجمعة الماضي.
ووصفت جريدة "المصري اليوم" المؤيدة للانقلاب "عمال
القناة الجديدة" بأنهم "موتَى على أمل الحياة".
وقالت إن مئات البسطاء يغتسلون بالرمال، ويقضون حاجتهم بالصحراء، وينامون في "عشش خوص"، ويشكون من لسع العقارب، ونقص المياه، والكهرباء.
ونقلت صورة حية لمعيشة هؤلاء العمال. فقالت إنه أمام البواخر الضخمة التي تعبر الممر الملاحي يقبض عمال على أسوار المعدية، ويتمسكون بحلم الحصول على أي عمل في مشروع قناة السويس الجديدة، لكن كمينا لجهة سيادية على الطرف الآخر، يستفسر من الجميع عن سبب التواجد على أطراف منطقة عسكرية، فيعيد الأغلبية بخفي حنين إلا من حسن حظه باستقباله من قبل أحد المقاولين العاملين بالمشروع، أو حصل على تصريح للدخول من جهات سيادية!
وأضافت: "داخل الخيام والعشش يستلقي العمال إما على الرمال مباشرة أو على حصير وقطع من الإسفنج في أفضل الأحوال، بينما تبقى بوابتا الخيام مفتوحتين، وتظل العشش مكونة من ثلاثة أضلاع بلا سقف".
وتابعت: "في أحد أركان الخيمة التي يسكنها مجموعة من العمال، استقرت شعلة كيروسين، ومجموعة من الكراتين تحوي معلبات عبارة عن تونة وصلصة جاهزة وجوالين يحويان ثمار بطاطس وأرز وفاصوليا فقط، يقوم مصطفى عوض متولي، الطباخ القادم من الزقازيق بطبخها في ثلاثة وجبات".
ي
وقال مصطفى: "الأكل بيبوز لعدم وجود كهرباء، كما أني لا أجد مياها لغسل الأطباق والحلل حتى إن العمال يغسلون أيديهم بعد الأكل، ويقضون حاجتهم في العراء بالرمال، فنحن نعاني من غياب المياه والكهرباء، ونحن هنا أشبه بالموتى على أمل الحياة، والحصول على خدمات تعيننا على مشقة العمل بالصحراء".
وبحسب "المصري اليوم"، اتفق رابح علي مع مصطفى، فقال: "الصحراء هي دورة المياه الكبيرة التي نقضي بها حاجتنا، فلا يوجد مجمع استهلاكي أو خدمي في المشروع بأكمله، وننظف أيدينا بالرمال، فالمياه تكفي للشرب فقط، والحصول على نصف زجاجة من المياه يعتبر كنزا للاستحمام بالصحراء بدلا من قطع ما يقرب من 6 كيلومترات للوصول إلى محطة بنزين الوطنية التابعة للقوات المسلحة، وهي المكان الوحيد الذي يرحب بخدمتنا، ولا يرفض أن نستحم داخل دورات المياه الملحقة بها".
وأَضاف رابح أن "كل عامل يأتي بحقيبة ملابس صغيرة بها غياران، وقد نستمر في ارتداء واحد منها لمدة تتجاوز ثلاثة أيام متواصلة من العمل، لأننا لا نستطيع غسلها إلا مرة واحدة أسبوعيا، حين نعود لمنازلنا، أو نذهب إلى قرية التقدم.
في سياق متصل، نقلت جريدة "الوفد" عن هؤلاء العمال هذا المشهد: "خيام من الأقمشة، ومراتب من الإسفنج هي مضجع هؤلاء البسطاء الذين تركوا حياتهم وأولادهم في مدنهم وقراهم لينضموا لكتيبة العمل التي تواصل عملها ليلا ونهارا في مشروع قناة السويس الجديدة.
ووصفت الوفد حياة عمال الحفر بالقول: "حياة بدائية، ووسائل إعاشة محدودة".
وطبقا للصحيفة، قال خالد نايف أحد المقاولين المشاركين في المشروع من محافظة الشرقية: "تركت زوجتي وأولادي للمشاركة في المشروع، وأانا على علم بأنني قد لا أتمكن من زيارتهم خلال الأشهر القادمة بسبب مواصلة العمل طوال 24 ساعة في الصحراء دون وجود أية خدمات".
وأضاف: "إننا لا يمكن أن نأتي بمخزون من الأكل يكفي لعدة أيام لعدم وجود أماكن حفظ وعدم وجود ثلاجات، وكل ما نطلبه توفير أماكن للإعاشة مجهزة فنحن نقضي ساعات الراحة داخل هذه الخيام التي لا يتوافر فيها سوى الفرشة والغطاء، ولأن المياه المتوفرة عبر خزانات المياه المتنقلة ساخنة للغاية يستخدم العمال القُلَّة ليتمكنوا من تبريد المياه قليلا".
ويقول محمود -وفقا لـ"الوفد"-: "نحن صابرون على العمل تحت حرارة الشمس، وبين الرمال الساخنة، وكل ما نطالب به توفير أماكن للإعاشة بدلا من عشش البوص والخيام البدائية التي لا تحمينا من حرارة الشمس نهارا، ولا من الزواحف ليلا".
الصورة نفسها التي تجسد
معاناة العاملين في المشروع اتفقت معها جريدة "الوطن"، فقالت إن عمال حفر قناة السويس أكدوا من داخل الخيام غير المجهزة أن أشعة الشمس في المكان حارقة.
وأضافت الوطن: "في تمام الواحدة ظهرا يتوقف الكثير من العمال عن العمل لتناول الغداء والشاي والحصول على قسط من الراحة داخل خيام بالية، وخارج الخيمة يوجد خزان مياه أبيض يستعينون به في غسل أيديهم وأجسادهم المتربة ووجوههم التي نال منها الحر، ويطهون منه الطعام ويتوضأون منه للصلاة أيضا، وداخل الخيمة توجد المراتب الإسفنجية الصغيرة والبطاطين، وتتجاور جنبا إلى جنب مع معدات الطهي والبوتاجازات، لا يفصل بينهما سوى بطانية بالية مملوءة بالرمال يجلس عليها السائقون لتناول الفول والطعمية والبيض صباحا ومساءً".
وتابعت الصحيفة: "قبل أن يتهيأ العاملون لتناول الغداء، هبت عاصفة رملية إلى داخل الخيمة، وأصابت طبق الفول الذى تم تجهيزه من قبل السائقين، لكنهم تناولوه دون امتعاض أو سخط، لكنهم طالبوا بتوفير الخدمات اللوجيستية مثل مياه الشرب النظيفة وإنشاء كولديرات مياه كبيرة ودورات مياه وإنشاء كافيتريات بالمنطقة من أجل راحته"، بحسب "الوطن".
في سياق متصل، نقلت صحيفة الأخبار عن العمال مطلبهم بتخصيص خـط ميــاه نقـــية حتى قريــة البغــــدادية لخـــدمة المشــروع.
ونقلت الأخبار عن محمد سليمان من سيناء (سائق) قوله إن احتياجات العمال من مأكل ومشرب متوافرة بشرط إحضارها من مدينة الإسماعيلية، وهو أمر شاق بسبب ظروف المعديات والزحام الشديد عليها طوال اليوم.
وطالب فرج عامر (سائق) -بحسب الأخبار- من المسؤولين إمداد المشروع بخط مياه نقية حتى قرية البغدادية حتى يتسني لجميع العاملين الاستفادة من المياه خاصة في ظل تلك الأجواء الملتهبة، والحراراة العالية، على حد تعبيره.
ونقلت الصحيفة عن محمد فارس (مشرف) قوله إن العمل في المشروع يتطلب من الشركات الاهتمام أولا بالعمال.. "فالمبيت غاية في الصعوبة حيث لا يوجد سوي الخيام، وهذا هو الفارق بين الشركات المحلية والشركات العالمية التي تهتم أولا بالظروف المعيشية للعمال، ومن ثم العمل"، على حد قوله.