يبدو أن الانقلاب يصر أن يكون مصدراً يومياً للكوميديا, فبعد سلسلة من المشروعات المضحكة بداية من علاج الإيدز بالكفتة والمليون وحدة سكنية, مروراً بإنتاج الجيش لكحك العيد, فاجأ قزم الانقلاب المصريين بمشهد لا يقل كوميدية عن مشهد, اللواء عبد العاطي صاحب اختراع علاج الإيدز بالكفتة, ليعلن فيه عن مشروع, قناة موازية لقناة
السويس, وليستخدم في العرض التقديمي, نفس العرض
التقديمي الذي استخدمه رئيس الوزراء د.هشام قنديل منذ أكثر من سنة.
ويبدو أن من اشرفوا على إخراج المشهد أرادوا له أن يخرج بصورة ظنوا أنها ستحقق الإبهار المطلوب, فأعادوا استنساخ مشهد عبد الناصر وهو يفتتح قناة السويس والضغط على زر لتفجير كومة من الرمال, ثم كلمة يلقيها القزم, ثم أغاني وطنية لعبد الحليم حافظ تبثها القنوات المؤيدة للانقلاب مع استدعاء مشاهد تعيد إلى الأذهان افتتاح الخديوي توفيق لقناة السويس ... الخ.
ولكن المشهد الذي خرج رغماً عنهم كوميدياً, كان ينقصه الكثير, فلم يحضر خروشوف حفل الافتتاح, ولم تكن الكلمة التي القاها قزم الانقلاب على المستوى, فكالعادة حرص على تخريب مخارج الحروف بلهجته السوقية المبتذلة التي تتحول فيها مصر إلى ( ماسر ), والجمل المتعثرة التي لا يحفظ غيرها, منذ أنهى دراسته في المرحلة الإعدادية قبل أن يلتحق بمدرسة عسكرية, ولم يفوت الفرصة للتسول من المصريين المنهكين اقتصادياً لصالح ما يسميه (سندوق تحيا ماسر), وظهر إخراج المشهد بصورة بائسة مضحكة, وخصوصاً مشهد مجموعة من الشباب وهم يحفرون في الرمال, وهي أمور دفعت الكثير من الحاضرين, وكلهم مؤيدون للانقلاب, للابتسام بل أن حتى كمال الجنزوري, ظهر كمن يكتم ضحكه من المشهد, ولكن الأسوأ لم يكن في كل تلك التفاصيل, ولا حتى في الجمل السوقية المبتورة المشوهة التي قالها, مثل (الحفر على الناشف), و (المهندززز محلب) والتي لا تصدر الا عن البلطجية الذين يظهرون في أفلام الممثل الشعبي محمد رمضان, مثل عبد موتة وغيرها.
ولم يكن الأسوأ في طريقته غير المقنعة في افتعال الدراما عندما قال ( ماسر محتاجة ) وهو يبربش بعينه. الأسوأ على الإطلاق كان في شخص من أرادوا تلميعه, المشكلة الحقيقية في المشهد كانت شخص قزم الانقلاب نفسه, فعلى الرغم من كل مجهودات الفريق الإعلامي التابع له, لكن الخامة التي يعملون عليها أساساً لا تصلح, ويبدو أن قزم الانقلاب يتدخل شخصياً في عملهم الإعلامي ليضع لمساته التي لا تنتهي بداية من الحديقة التي اختارها خلفية له, وحتى البوتوكس وأحمر الخدود الذي استخدمه في كلمته الأخيرة بكثافة ملحوظة. حتى فكرة استعادة مشهد السد العالي بين جمال عبد الناصر وخروشوف كانت مضحكة, فقزم الانقلاب طوله حوالي 160 سنتيمتر أو يزيد قليلاً, وهو ما يجعله مضحكاً للغاية اثناء محاولاته تقمص دور الزعيم, ثم يأتي دور كلماته المتلعثمة السوقية وطريقته المضحكة في الابتسام وبربشته لتزيد الأمر كوميديا.
ذلك المشهد كان جديراً بأفلام الراحل اسماعيل ياسين كفيلم الآنسة حنفي, أو الريس حميدو. المشهد كان شبيهاً إلى حد كبير بالمشهد الذي يقف فيه عبد الفتاح القصري وإلى جواره زوجته أم حميدو لتسلم
نورماندي تو إلى ابن حميدو, هكذا رأيت المشهد ولم يكن ينقصه سوى أن تقف زوجة القزم (أم حسن) إلى جواره وتلقي كلمة تعلن فيها تسلم المفتاح الذهبي لنورماندي تو أمام (المجتمعين من سالف العصر والآوان) لابن حميدو وتقول: سيري يا نورماندي.
ذلك الشخص كان من الممكن أن يكافح ليشق طريقه في مسرحيات الكوميديا التي تعرضها فرق الدرجة الثالثة وكان من الممكن بالتدريب المستمر والاجتهاد أن يجد فرصة ليلعب دور السنيد.