كتب المعلق الأمريكي
ماكس فيشر في موقع "فوكس" الأمريكي تحت عنوان "المأساة الحقيقية لكوميدي
مصري حقيقي"، معلقا على قرار
باسم يوسف وقف برنامجه "البرنامج". وقال إن يوسف المعروف بأنه النسخة المصرية من الكوميدي الأمريكي جون ستيوارت، أعلن يوم الاثنين في مؤتمر صحافي عن وقف برنامجه بسبب الضغوط الحكومية.
وعلق الكاتب أن "الأخبار ليست مفاجئة، فمنذ وصولها للسلطة عبر انقلاب في تموز/ يوليو 2013 قامت حكومة عبد الفتاح السيسي بالحد وبشكل كبير من الحريات المدنية. ومع أن الرقابة على باسم يوسف في حد ذاتها أمر كريه، غير أنه جزء من صورة أوسع وتراجيديا مصرية أكثر تعقيدا يمكن القول إن يوسف لعب دورا فيها".
وأضاف الكاتب أنه ليس مدهشا عدم تسامح حكومة السيسي مع كوميدي مستقل مثل يوسف، لكن الشيء المظلم والمثير للمفارقة الذي لا يعرفه الكثيرون من الأمريكيين الذين يحتفلون بإنجازات يوسف أنه – أي يوسف- صفق لصعود تلك الحكومة عندما كانت تستهدف مصريين أقل شبها به.
ويمضي الكاتب بالقول إن "الرقابة ليست قصة بدأت وانتهت بالسيسي فقط. فقد صعد القائد العسكري للسلطة على موجة حركة يمينية علمانية قومية برزت في بداية عام 2013، كرد فعل ضد حكومة
الإخوان في ذلك الوقت. وبدأت تلك الحركة بالحشد ضد حكومة الإسلاميين وممارساتها وانتهاكاتها الحقيقية، لكن معظم هذه الحركة تحول إلى معاد للديمقراطية ودعمت السيسي ليس في انقلاب حزيران/ يونيو 2013، ولكن القمع الذي أعقبه ومورس على المعارضة".
ويشير فيشر إلى أن "الحركة الوطنية اليمينية لعبت دورا في تعزيز انتهاكات السيسي في كل خطوة من الخطوات، وعلى طول الخط حتى شملت الرقابة على باسم يوسف".
ويقارن الكاتب هنا بين عمل يوسف في ظل حكومة الإخوان والعسكر، بالقول: "صحيح أن يوسف- خلال العام الذي حكم فيه الإخوان عام 2012 وعام 2013 -كان بائع الحقيقة حين تحدت نكاته انتهاكات الحكومة. وقد اعتقل لفترة قصيرة لتحرشه في الحكومة في برنامج تلفزيوني وواجه تهديدا حقيقيا بالسجن. وكان يوسف هو الذي تم الاحتفاء به في الولايات المتحدة وغيرها لسخريته السياسية ولتحديه الديكتاتورية حتى عندما عرض حياته للخطر".
ولكن الأمريكيين لا يعرفون باسم يوسف الآخر، "فيوسف الذي لا نشاهده عادة في الولايات المتحدة هو الكوميدي الذي لم يتحد فقط الإخوان المسلمين وحكومتهم، بل الذي مضى خطوة أبعد لتشويه المصريين الذين دعموا حكومة الإسلاميين، مصورا إياهم على أنهم مواطنون أقل وطنية أو أعداء داخليون بطريقة أسهمت في حالة الكراهية والاستقطاب التي تعيشها مصر بعد انقلاب السيسي والآثار الكارثية التي تبعت ذلك، إضافة لحمام الدم الذي مورس ضد المتظاهرين المعارضين للانقلاب لأنهم على خلاف يوسف كانوا إسلاميين".
ويرى فيشر في هذا "تراجيديا مصرية أكبر، كان يوسف لاعبا فيها".
وفي الوقت الذي يثني فيه الكاتب على شجاعة يوسف في مواجهة ما يصفها بانتهاكات الإخوان والدفاع عن حرية التعبير، إلا إن يوسف ذهب أبعد من معارضة الإخوان المسلمين "وقدم دعما للحركة التي تقف ضد الديمقراطية والمعارضة لليبرالية الداعية لاستبعاد الإخوان من الحياة العامة واستبدالهم في النهاية بحكومة انقلاب عسكري".
ويرى الكاتب أن نتائج تصرفات هذه الحركة بادية للعيان، وقادت إلى إسكات أشخاص مثل يوسف الذي "كان أولا وأخيرا ضحية لحكومة ذات نزعة شمولية، نعم، وكان ضحية مثل بقية المصريين لحركة سياسية عملت على استبعاد ناس لا يشبهونه، وهي حركة شارك فيها بنفسه. وبهذا المعنى فالرقابة عليه تعتبر عملا كريها وليس عدلا، ولكن رمزا لمأساة مصر الكبرى". و"الحقيقة هي أن رجلا حظي بالاهتمام الدولي لحملته على الرقابة ودعوته لحرية التعبير، يقوم بلعب دور لإسكات نفسه، ما هو إلا صورة حزينة عن حالة الدمار الذاتي الذي تعيشه مصر اليوم".